النجار: الانتخابات معركة استُخدِمت فيها الوسائل المشروعة وغير المشروعة... و التبديل كان حاسماً للنتائج في جلسة حوارية نظمتها الخريجين لـ قراءة نتائج الانتخابات وآفاق المستقبل
استمراراً لسلسلة الندوات والحلقات الحوارية الهادفة، نظَّمت جمعية الخريجين كعادتها مساء أمس الأول، جلسة حوارية بعنوان «قراءات تحليلية لنتائج انتخابات مجلس الأمة وآفاق المستقبل».
أكد أستاذ العلوم السياسية ومستشار التحرير د. غانم النجار، أن من يظن أن الانتخابات هي عرس ديمقراطي واهم، مؤكداً أنها معركة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ويكون فيها التنافس بجميع الوسائل، المشروعة وغير المشروعة. مشيرا إلى أن الحروب داخل القبيلة تكون دامية أثناء الانتخابات، وأن الانتخابات في العالم هي معارك، مضيفا أن الطائفية والقبلية ظواهر من المستحيل أن تنتهي في الكويت. وقال النجار خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها جمعية الخريجين مساء أمس الأول، تحت عنوان «قراءات تحليلية في نتائج انتخابات مجلس الأمة وآفاق المستقبل»: إن الكويت متطورة انتخابياً إلا أن اللافت حجم الأخطاء التي شابت العملية الانتخابية هذه المرة، وأشفق على وضع نائب الخدمات في الوضع الحالي. سلبيات وإيجابيات وأوضح النجار أنه رغم بعض السلبيات التي شابت الانتخابات، إلا أن بها العديد من الإيجابيات، مثل النزاهة والشفافية، كما أن من اعترض على نتائجها ذهب إلى القضاء، وهو يمثل حالة جديرة بالإشادة على عكس كثير من الدول التي حدث فيها قتل وعنف ومظاهرات في مثل هذه الحالات مثل كينيا وزيمبابوي. وأشار إلى أن إعادة المحكمة تسجيل اثنين من المرشحين المشطوبين يعد بادرة نادرة الحدوث، وأضاف: «على الرغم من أن البلد كانت في حالة حداد على وفاة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، إلا أن المحكمة انعقدت وأيّدت تسجيل المرشحَين خالد الشليمي والزامل، وهو شيء يُحسب للقضاء الذي كان من الممكن أن يرفض عقد الجلسة بحجة حالة الحداد التي تمر بها البلاد». وأوضح د. غانم النجار أن انتخابات 2008 هي انتخابات لن تتكرر، والمهم ليس التركيز على النتائج، ولكن على طبيعة العملية الانتخابية التي تميزت بالدقة والنزاهة، فالشيء الجديد فيها لم يكن أنها تنظم وفق نظام الدوائر الخمس، ولكن الجديد هو طبيعة وطريقة الانتخاب.مشيرا إلى أن الأصوات الـ4 من 10 هو نظام فريد من نوعه في العالم، إذ زادت القوة التصويتية %100 وانخفضت «الطاقة الانتخابية» إلى %40.خيانات وقال: إن هذه التجربة تصب في اتجاه آخر بعد معركة الشارع التي أدت إلى إقرار الدوائر الخمس، فهي أكثر انتخابات مورس فيها التكتيك الانتخابي، ليس بمعنى التحالفات، ولكن بمعنى التبديل، إذ تم رصد أكثر من 65 عملية تبديل في كل الدوائر، ورغم أن كثيرا منها فشل إلا أن كثيرا منها نجح.وأضاف أن مفهوم التبديل لعب دورا كبيرا ومهما في العملية الانتخابية، كما أن الـ4 أصوات كذلك لعبت دورا مهما وأساسيا، فللمرة الأولى يلاحظ كثير من الناس أنهم غير عارفين لمن سيصوتون. وأشار إلى أن الخيانات كانت السمة السائدة في هذه الانتخابات، فلو أعيدت الانتخابات سوف تختلف بعض النتائج. وأوضح أنه كتب مقالا في «الجريدة» تحت عنوان: «من سيفوز في الانتخابات؟»، وقال فيه: إن من سيفوز إما نائب سابق أو مرشح له ظهور اجتماعي وثقل، وهذا ما حدث بالفعل، والدليل على ذلك أن الدائرة الأولى نجح منها 9 تنطبق عليهم الصفة الأولى، وهي أن الناجحين نواب سابقون أو لهم رصيد اجتماعي أو معروفون اجتماعيا، والدائرة الثانية كلهم، والثالثة 9 مرشحين باستثناء صالح الملا، والرابعة 4 من 10، والخامسة 7 من 10 نواب وصلوا إلى البرلمان، إما لأنهم نواب سابقون أو معروفون.وأوضح أن الـ4 أصوات ظاهرة فريدة، وثبت أن الصوت الثالث والرابع أقوى من الصوت الأول والثاني، وأوضح أن نتائج الانتخابات لا تُقرأ وفيها كثير من المتناقضات، وكان فيها عدم دقة في الاختيار، وكما كان فيها أخطاء، مشيرا إلى أن 10 إلى %15 من النتائج حدثت نتيجة الأخطاء.وقال د. غانم النجار: إنه لأول مرة في تاريخ الكويت يعلن التجمع السلفي الإسلامي عن نفسه كتنظيم سياسي، وقال: إن الأخطاء التي حصلت في الانتخابات ساذجة ولا تدل على حجم الخبرة الانتخابية الكبيرة المتراكمة في الكويت.الإعلام سقط ومن جانبه، قال المحلل السياسي صالح السعيدي: إن الانتخابات هذه السنة عبارة عن جسر للتغيير بين مرحلة وأخرى، موضحا أن الإعلام غاب عنه التقييم المهني في تغطية هذه الانتخابات وتعامل معها بطابع تجاري، وان التغيير ليس جذرياً عن الانتخابات السابقة.وأضاف أن هدف النظام من تمرير الدوائر الخمس هو تغيير مخرجات مجلس الأمة عبر إعادة هندسته، لخلق طبقة سياسية جديدة مختلفة عن تلك الموجودة خلال الربع قرن الماضي.وكان أول تغيير في الدوائر الخمس هو تغير العلاقة بين المرشح والناخب، إذ لم تعد العلاقة الاجتماعية المباشرة هي أساس التواصل بين المرشح والناخب، كما تقلصت مساحة الفردية وأصبحت الكتل السياسية هي التي تعمل، مشيرا إلى حدوث تقدم في مخرجات العملية السياسية، ونجاح القوى السياسية على حساب اللامنتمين.وقال السعيدي: إن الوقت حان لتغيير قانون الانتخاب، «فلم تعد الشروط القائمة متناسبة مع الوضع العام في البلد، وأصبح الكثير يترشح للظهور الإعلامي فقط»، داعيا إلى إعادة النظر في شروط الترشح، ومن بينها المؤهل العلمي وأن يرتبط الترشح لعضوية مجلس الأمة بالجدية وتغيير الضمان المالي. وطالب بوضع سقف أعلى لتكاليف الحملات الانتخابية، وفتح وسائل الإعلام الحكومية مجانا لجميع المرشحين للتعبير عن برامجهم الانتخابية.وأوضح أن الحكومة كانت جادة في محاربة الفرعيات، لأنها كانت تشكل عبئا عليها، والموقف الحكومي كان قويا وحازما، وهذا ما لم تستوعبه القبائل. مشيرا إلى أن السلطة أعادت النظر في شكل تحالفاتها «فلم تعد مخرجات القبائل مفيدة للسلطة كما كانت في السابق، إذ إن جميع من قدموا طرح الثقة في وزراء كانوا من مخرجات الفرعيات».وشدد على انه لم يكن هناك تحالف بين الدولة والقبيلة، لكن ما حدث هو استثمار للتراث القبلي والذي يظهر في الحشد والموالاة للسلطة.وقال: إن مرحلة الدوائر الخمس تؤسس لكيان سياسي جديد وتقليص مساحة الفردية ونواب الخدمات والفرعيات الذين أصبحوا غير مفيدين للعملية السياسية من وجهة نظر الحكومة.المرأة حققت إنجازاً كبيراًأكد د. غانم النجار أن النتائج التي حققتها المرأة جيدة جدا في ظل أنها المرة الثانية التي تخوض فيها الانتخابات، وتساءل: كيف يتوقع للمرأة أن تفوز وهي تخوض الانتخابات للمرة الثانية؟! أتصور أن ما حققته المرأة أمر جيد، فالدكتورة أسيل العوضي حصلت على المرتبة الـ11 في الدائرة الثالثة، وهو انجاز عظيم، كما أبلت مرشحات أخريات بلاءً حسنا كالدكتورة رولا دشتي ود. سلوى الجسار ود. فاطمة العبدلي، كما أن المرشحة عن الدائرة الرابعة المحامية ذكرى الرشيدي حصلت على أكثر من 2000 صوت في دائرة سيطرت عليها الانتخابات الفرعية، وهذا أيضا إنجاز كبير.