قناة العربي الثقافية... حلم في الفضاء

نشر في 12-05-2009
آخر تحديث 12-05-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري منذ صدور العدد الأول من مجلة العربي في عام 1958 قبل الاستقلال الرسمي للدولة بسنوات، أخذت المجلة موقعها المتميز لدى القراء العرب، وحافظت على هذا الموقع على مدى السنوات التالىة إلى الآن، وقدمت الكويت للمواطنين العرب كدولة ذات رسالة ثقافية صرفة، بعيدا عن أي أهداف إيديولوجية أو مبادئ حزبية، ولا أبالغ إذا قلت إن المجلة بحضورها المتميز واتساع قاعدة قرائها ومتابعيها كانت ومازالت خير سفير يمثل الكويت أكثر من بعض سفاراتنا في الخارج، وكم كنت أحس بالسعادة والفخر أثناء عملي في الخارج في عدد من سفاراتنا عندما كنت أسمع العديد من الإعلاميين والمثقفين العرب يقولون بكل اعتزاز إنهم عرفوا وأحبوا الكويت من خلال مجلة العربي، ولا أنسى عبارة قالها لي أحد المثقفين التوانسة في عام 1996 إذ قال إنه لا يعرف الكويت، ولم يزرها في حياته، ولكنه أحس بفقدها خلال أشهر الاحتلال عندما توقف صدور مجلة العربي، ولم يعد يجدها كل شهر.

ومنذ تولي الدكتور سليمان العسكري رئاسة تحرير مجلة العربي سعى إلى تطويرها وزيادة حضورها لدى القراء العرب بإنجاز الأرشيف الإلكتروني للمجلة، الذي يتيح لكل مهتم أن يتصفح المجلة من أول عدد على صفحات الإنترنت، وحرصه على الوجود بشكل شخصي كمحاضر في عدد من الأسابيع الإعلامية التي كان يقيمها الإعلام الخارجي (عندما كان لدينا إعلام خارجي).

وقد تفاءلت وغيري من المهتمين بالثقافة عندما قدم الدكتور مشروع قناة العربي الفضائية ليكون نافذة أخرى تطل منها المجلة على قرائها، وهذا المشروع الطموح يحمل أساسيات النجاح لأي قناة ثقافية بناء على السمعة التي خلقتها المجلة لنفسها وقاعدة القراء الذين ارتبطوا بها على مدى السنوات الماضية، وعندما سمعت بهذا المشروع الطموح عاد إليّ الأمل في أن الكويت ستعود من جديد إلى رسالتها الثقافية على مستوى الوطن العربي بعد سنوات الانكفاء التي أعقبت تحريرها من الغزو، ولكن كالعادة انطفأ الأمل واصطدم طموحنا بالروتين الحكومي، عندما قامت وزارة الإعلام باختزال هذا المشروع الكبير وألحقته بتلفزيونها الرسمي مكتفية بالبث عدة ساعات.

ومع الاحترام للتلفزيون والقائمين عليه إلا أن المشروع الثقافي للقناة يحتاج إلى إمكانات مادية وبشرية أكبر بكثير مما هو متوافر في إدارة البرامج الثقافية بالتلفزيون، وبرغم الجهود التي يبذلها مديرها الأخ غانم العنزي فإن الهدف الأساسي من القناة ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما تقدمه الإدارة من برامج لا يربطها بالثقافة إلا الاسم وعلاقة النسب البعيدة.

إذا كانت الحكومة راغبة في استعادة الموقع السابق للكويت على خارطة الثقافة العربية فلا يجب أن تكون الأعذار المالية عائقا أمام تحقيق هذا المشروع وسببا في وأده قبل أن يبدأ، مثلما كانت هذه الأعذار سببا في إلغاء المكاتب الإعلامية، التي كانت تخلق للكويت حضورا في الإعلام العربي والدولي، برغم بعض السلبيات التي كانت تشوب آليات عملها، وقد قيل إن ميزانيتها السنوية كانت تكلف الدولة 6 ملايين دينار، وبما أنه لا يلوح في الأفق نية لإعادة هذه المكاتب أو تقديم بديل عنها، فلماذا لا يتم رصد هذه الميزانية لقناة العربي؟

أتمنى أن يتم التعامل مع القناة كمشروع ثقافي حضاري يعيد الكويت إلى صدارة المشهد الثقافي والإعلامي العربي ويحمل في ثناياه ملامح مجلة العربي، لا مجرد قناة تزيد الفضاء ازدحاما.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top