هل أصبحنا عاجزين ديمقراطياً
يبدو أن الحكومة والنواب غير مكترثين لحالة الاحتقان والشلل التي أصابت البلاد، ولا يبدو أنهما في وارد التعامل بجدية مع تلك الحالة. كلاهما يعلم علم اليقين بأن الحركة بطيئة، بل جامدة، وكلاهما يعلم بأن هناك حالة إحباط سائدة بين الناس، ومع ذلك يظل تعاملهما مع مستقبل البلاد بالأسلوب نفسه، وبالطريقة التقليدية نفسها التي أوصلتنا إلى طريق مسدود.لا أعرف إن كان على سياسيينا جملة وتفصيلاً الاعتزال، فقد فشلوا حكومة ونواباً حتى في إضفاء لمحة تفاؤل على ما كنا نرجو. ولأن كان الكتاب يُقرأ من عنوانه، ولأن نتائج الانتخابات ونمط التشكيل الحكومي لم يفضيا إلى محصلة تستحق الاهتمام، فإن حالة الاضطراب والضعف قد كانت ومازالت. وقد بدا الارتباك على المجلس منذ يومه الأول؛ أعضاء ينسحبون ولا يعرف الناس لمَ انسحبوا؛ وتركيز على حجاب الوزيرتين؛ وتسابق في تشكيل لجان لا يحضرها النواب ولا تنتج كثيراً؛ وغير ذلك كثير.كم كنت أتمنى أن يدرك النواب أننا بحاجة إلى هدنة لبعض الوقت، إلا أنهم يُصرون، هم والحكومة معهم، على أن يخيبوا أملنا في شيء من الهدوء... والحمد لله اننا سنرتاح لأكثر من ثلاثة اشهر... وربما تكون بمنزلة الهدنة القسرية. ولا يبدو أن هناك رؤية واضحة لكيف للأمور أن تستقيم «وتنعدل»، فلا النواب ولا الحكومة قادران على انتشال البلاد مما هي فيه، فالأزمة أكبر من خطة تنمية مزعومة، ولسنا بحاجة إلى مزيد من القوانين والأدوات الرقابية، بقدر ما نحن بحاجة إلى مبادرات غير تقليدية لانتشالنا من حالة الضياع التي تكاد أن تكون مزمنة.من المستغرب أن الحكومة والنواب لا يبدو أنهما مكترثان لحالة الاحتقان والشلل التي أصابت البلاد، ولا يبدو أنهما في وارد التعامل بجدية مع تلك الحالة. كلاهما يعلم علم اليقين بأن الحركة بطيئة، بل جامدة، وكلاهما يعلم بأن هناك حالة إحباط سائدة بين الناس، ومع ذلك يظل تعاملهما مع مستقبل البلاد بالأسلوب نفسه، وبالطريقة التقليدية نفسها التي أوصلتنا الى طريق مسدود.سنرتاح بعض الوقت على المستويين السمعي والبصري من الضجيج السياسي، وسيذهب النواب في إجازة لأشهر عدة، أما إن عاد النواب والحكومة من دون أن يكون في ذهنهما بحث حالة الاحتقان بجدية، فإننا لن نعود إلا إلى مزيد من حالة العجز الديمقراطي، التي لن تقود البلاد إلا إلى مزيد من التخلف والتراجع.* أتمنى على النواب الأفاضل، الذين تقدموا بإضافة قانونية تؤدي إلى سجن مَن يطالب بحل مجلس الأمة حلاً غير دستوري، أن يسحبوا مشروعهم بأسرع وقت ممكن، «فما هكذا تورد الإبل»، فمن غير الممكن حماية الدستور عن طريق انتهاك مبادئه الأساسية.