وجهة نظر مناقشة قرار إنقاذ الاقتصاد الأميركي ذي النكهة الكويتية

نشر في 22-09-2008
آخر تحديث 22-09-2008 | 00:00
No Image Caption
صلاحيات بولسون المطلقة وأعباء دافعي الضرائب موضع خلاف
 د. عباس المجرن الجريدة• - نيويورك

يتأرجح الاقتصاد العالمي على وقع أزمة مالية شائكة ومعقدة ومتداخلة، ويلتقط أنفاسه بقدر المساحة الضبابية التي أتاحها التحرك القياسي السريع للإدارة الأميركية لاحتواء الأزمة المالية العاصفة، التي اجتاحت اقتصاد الولايات المتحدة، بينما تنتابه المخاوف من تداعيات أشد وأعتى. لقد كان لذلك التحرك غير المسبوق في مداه وقوته التي تجاوزت برامج الإنقاذ في الثلاثينيات من القرن العشرين عندما حلت أزمة الكساد العظيم أثر ايجابي ملموس في تهدئة روع الأسواق المالية سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ولكن لا أحد، بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة أو وزير خزانته هنري بولسون أو رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي بين بيرنانك يقدر على معرفة ما ينتظر العالم من مفاجآت في نفق هذه الأزمة.

قرار بنكهة كويتية

ومن المتوقع أن يبدأ الكونغرس اليوم الاثنين وبصفة الاستعجال مناقشة مشروع القانون الخاص بتخليص المؤسسات المالية من الرهون العقارية المعسرة، غير أن خلافات بشأن صياغة المشروع قد أدت إلى تأخير الاتفاق المبدئي بشأن بعض البنود. وكانت إحدى عشرة ساعة متواصلة من المداولات السريعة المباشرة وغير المباشرة بين أقطاب النظام المالي والسياسي والتشريعي في الولايات المتحدة قد تمخضت عن هذا القرار التاريخي ذي النكهة الكويتية، ألا وهو شراء الدولة للمديونيات الصعبة من المؤسسات المالية الأميركية بعد أن بدأت بالتهاوي واحدة تلو الأخرى، كأحجار الشطرنج، تحت وطأة الديون العقارية المعدومة، ولا أحد يعلم ما إذا كان هذا القرار، على ضخامة مخصصاته المالية (700 مليار دولار) التي من المقرر استخدامها على مدى عامين من تاريخ الموافقة على المشروع، قادر على أن يعيد قاطرة الاقتصاد الأميركي إلى مسارها. الأزمة تهدد سلامة النظام المالي لأكبر اقتصاد عالمي برمته، وتحتاج إلى قرارات سريعة، ولذا تواصل العمل من جانب المسؤولين في مجلسي الشيوخ والنواب ووزارة المالية ومجلس الاحتياطي الفدرالي طوال يوم ومساء السبت لمناقشة تفاصيل خطة الإنقاذ التي تقضي بإنشاء وكالة خاصة تتولى شراء الديون المعسرة من المؤسسات المالية.

صلاحيات مطلقة

وخلافاً لما هو معهود في وزراء الخزانة الذين تقتصر مهمتهم على توجيه النصح إلى الإدارة الأميركية بشأن السياسة المالية، تحول وزير الخزانة هنري بولسون إلى «سوبرمان»، إذ حصل على تفويض رئاسي أطلق يده لاتخاذ ما يشاء من قرارات ينقذ بها من يعتقد أنه يستحق الإنقاذ من الشركات المعسرة، أو يطلق رصاصة الرحمة على مَن يعتقد بعدم أحقيتها في ذلك، ويتضمن التفويض الممنوح للوزير الحق في إصدار القرارات من دون الحاجة إلى مراجعتها بواسطة أي جهة قضائية أو نقضها، وقد أثارت هذه الجزئية حفيظة بعض أعضاء الكونغرس. قطعا، هذا التفويض ليس له نكهة كويتية، وكذلك هو مصدر المليارات التي ستخصص لشراء المديونيات الصعبة، فهي لن تأتي من عوائد النفط، بل من الإيرادات الضريبية أي أنها ستقتطع من جيوب دافعي الضرائب، وهذا أيضا موضع تحفظ من أعضاء آخرين في الكونغرس. ولكن لا يوجد وقت طويل يمكن إضاعته في المناقشة، كما أجمع كل من رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة بالكونجرس السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر ورئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديمقراطي كريس دود، إلا أن بعضا من أعضاء المجلسين يطالب بأن تكون للكونغرس سلطة رقابية مباشرة على تنفيذ عملية شراء الديون المعسرة من المؤسسات المالية. ويقول ماكس بوكاس رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ أنه يسعى إلى وضع آلية لضمان عدم وقوع العبء الأكبر على عاتق دافعي الضرائب. وعلى أية حال، يخشى كل من الأعضاء الديمقرطيين والجمهوريين الاستفاضة في مناقشة مشروع قانون خطة إنقاذ النظام المالي لكي لا يقع اللوم على أي منهما في حال تأخر إقرار هذا المشروع. وتتوقع أوساط نيابية أن يقر المشروع في موعد أقصاه يوم الخميس المقبل.

البديل هو الكساد

وتقول أوساط مطلعة في واشنطن دي سي العاصمة أن هنري بولسون هو الذي قاد الدعوة إلى التدخل الحكومي غير المسبوق والشامل باعتباره الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون انهيار كامل للنظام المالي وبالتتابع انهيار منظومة الإنتاج في الاقتصاد الأميركي، وأنه أمضى عدة ساعات لشرح خطورة الأزمة الراهنة، إذ أوضح أنها ليست أزمة سوق مالي فحسب، بل أزمة شاملة تصيب سوق الائتمان قصير الأجل أيضا، أي أنها تهدد كل مصادر التمويل في الولايات المتحدة، وفي مقدمتها البنوك والشركات المالية، بل إن تأثيرها قد امتد أيضا إلى صناديق التقاعد وشركات التأمين، وأن البديل لهذا التدخل الحكومي الحاسم سيكون هو الكساد والبطالة.

back to top