جاسم النبهان: زكي طليمات شجَّع موهبتي وقدَّمني إلى دنيا المسرح

نشر في 05-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 05-09-2008 | 00:00
فتح الفنان جاسم النبهان قلبه لـ{الجريدة»، وتحدث عن مشاكل المسرح والدراما والأجيال الجديدة. روى رحلة عطائه الطويلة والمصاعب التي اعترضت طريقه، وشدد على ضرورة أن يحتضن الفنانون الكبار الفنانين الجدد.

في مستهل حديثه، يؤكد النبهان أن نشأته لم تكن سهلة، مشيراً في هذا السياق إلى مراحل حياته العلمية والعملية، وكيف كان يوفر المال من مصروف مدرسته للمشاركة في مشروع بسيط يدر له دخلا وهو ابن الخامسة عشر ربيعاً.

من هو؟

ولد النبهان عام 1944، التحق بمدرسة «الروقة» لفترة وجيزة ثم انتقل الى مدرسة «خالد بن وليد» التي لم يطل بقاؤه فيها أيضاً، يتذكر بعض المواقف الطريفة فيها قائلاً: «في هذه المدرسة، كانت تجربتي مع تناول أول «شوربة» و{بطاطا»، اذ كان القيمون عليها يوزعون وجبات الطعام على التلاميذ»، مشيراً إلى أنه انقطع بعدها عن المدرسة مدة عام، لظروف خاصة وخارجة عن إرادته. عام 1953 دخل الى مدرسة «عمر بن خطاب» في منطقة «القبلة» وتابع دراسته فيها من الصف الأول الابتدائي وحتى الثالث المتوسط، ومن ثم انتقل الى مدرسة «الشامية» المتوسطة لمدة عام ، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة «الشويخ».

نهضة التعليم

يذكر النبهان أيام دراسته في مدرسة «عمر بن خطاب»، فيقول: «كان المدرسون بمثابة آباء وإخوة لنا وكنا قريبين منهم في العمر، ونعيش في مرحلة بداية ظهور النفط والأيام الأولى لنهضة التعليم. كان التلميذ يلتحق بالتعليم في الوقت الذي يشاء، وكانت المدرسة لجميع الأعمار»، مضيفاً: «حرص المعلمون على تعليمنا الخلق الحسن قبل العلم، وكانت الأولوية للتربية، إيماناً منهم بأن من يملك الخلق الحسن يسهل عليه اكتساب العلم. اما من حصل على العلم من دون تربية فسرعان ما يضيعه».

من هذا المنطلق، يعتبر النبهان أن من تتلمذ على يد المدرسين القدماء وحصل على الثانوية العامة، تعادل شهادته الدكتوراه في أيامنا هذه. يتابع موضحاً: «كان المعلمون يصنعون منّا رجالاً يُعتمد عليهم، ويعلموننا الأنشطة التربوية والرياضية والرسم والموسيقى والتمثيل، وكان المدرّس الواحد يتمتع بالمعرفة وله أكثر من هواية إلى جانب العلم الذي يحمله. يحترم أبناء جيلنا الكبير والصغير،لأننا نشأنا في بيئة خالية من الكذب والخداع وعلى هوايات وأنشطة عملية متعددة تنمي الشخصية، مثل «الكشافة البحرية والبرية والأشبال». كانت الرياضة مادة أساسية في المدارس، وتخرج منها جيل قوي و»ناشف» يتحمل المسؤولية في المجالات كافة، الى جانب هوايات أخرى كالرسم والرياضة، «ثمة أبطال ومبدعون من جيلنا خلّدهم تاريخ الكويت».

بداية نجم

في ما يتعلق ببداياته المسرحية، يؤكد النبهان أن الفنان الرائد الراحل زكي طليمات كان أول من قدمه إلى الجمهور المسرحي، موضحاً أن طليمات، وبعد تأسيسه معهد الدراسات المسرحية، تبنى مجموعة من الشباب الذين توسّم فيهم مستقبلاً فنياً زاهراً، وكان النبهان أحد هؤلاء. في هذا السياق، يتذكر موقفاً أثَّر في حياته، قائلاً: «عندما انقطعت عن المسرح مدة شهر، زارني طليمات في منزلي ليسأل عني، لم أكن موجودا، وحين عدت أبلغتني والدتي فذهبت اليه فوراً، وعندما رآني لامني قائلا: بنيت عليك الآمال وأرى فيك الفنان المجتهد ولا أريد أن تنقطع عن المسرح فقلت له: إنقطعت بسبب البحث عن عمل أقتات منه أنا وزوجتي وعائلتي. لا يكمن أن أنكر أنني تعلمت من العملاق طليمات الكثير، وأذكر أنني قلت له: أتعلم منك وأنت مثلي الأعلى في التفاني والعطاء».

يضيف النبهان: «عام 1976 التقيت وطليمات في مسرح السيد درويش في كلية الفنون الجميلة في الجيزة في القاهرة، وكنت أشارك في مسرحية «مغامرة الرأس المملوك» مع المسرح الشعبي، بحضور عمالقة الفن والأدب والثقافة، من بينهم: صلاح شاهين رسام الكاريكاتور في صحيفة الأهرام، نبيل بدران، أحمد عبد الحليم ومعظم المسرحيين الكبار. لم نقدم المسرحية حينها في اي من البلدان العربية سوى في مصر لأنها مُنعت لأسباب سياسية. بعد مدة من الزمن عرضناها مجدداً في تونس والبحرين ودول عربية كثيرة».

قارب صغير

تربى النبهان على العادات والتقاليد الحسنة، وكان يشعر في قرارة نفسه أنه يحمل رسالة ذات مغزى. يفضل التعامل بصدق مع المحيطين به، ليس في الفن فحسب، وإنما في الحياة، التي يراها كغيره من الفنانين مسرحا كبيرا، وكان له دور لا ينسى في استكمال المسيرة التي بدأت على يد الكبار ممن سبقوه بوقت غير طويل.

يقول: «تعلمت في المراحل المبكرة كيفية التعامل مع المواقف الحياتية بندّية ورجولة»، موضحاً أنه دخل ميدان العمل وهو ما زال فتى في المدرسة، وتحمل الجوع والعطش لادخار «مصروفه» ليشتري مع زملائه قارباً صغيراً يستخدمونه في الصيد وأعمال البحر بين عامي 1956- 1958. من معالم الرجولة والكفاح أنه عمل في وزارة الأوقاف وفي الوقت ذاته التحق بفرقة المسرح الشعبي في 21 ديسمبر (كانون الأول) عام 1964، وكان لالتحاقه بالفرقة أثر بالغ، اذ طوَّر إماكانات المسرح والديكورات والاكسسوارات، وشغل منصباً في مجلس الإدارة، وكان حينها أصغر عضو، كذلك شغل منصب أمين الصندوق.

العثرة

يذكر النبهان مواقف عدة أحزنته وأثرت في حياته، منها: حين كان في الصف الثالث الابتدائي، مرّ على صديق له يدعى ابراهيم ليصطحبه إلى المدرسة، فأخبره أهله أنه مات، فحزن كثيراً وما زالت هذه الذكرى تلازمه.

يتذكر كذلك انه في عام 2005 وهو على خشبة المسرح يعد لمسرحية «ذوبان الجليد»، وإذا بفتاة صغيرة تجذبه الى الخارج، وهي تقول له «عمو كنعان... عمو كنعان»، فلم يفهم ما حدث، الى ان وصل الى كنعان حمد فوجده ملقى على الأرض وفاقداً النطق، فطلب من المحيطين استدعاء الطبيب، بعدها عاد الى المسرح ليستكمل المسرحية، واذا بأحدهم يدخل الى الخشبة ويعلن وفاة الفنان كنعان حمد، وهنا قال النبهان: «كنعان حمد مات واقفاً كالأشجار».

من أعماله

المسرحيات: «العلامة هدهد»، «ورطة خريج»، «المتنبي يجد وظيفة»، «حكمت محكمة سلطان»، «حرامي آخر موديل»... أخرج أعمالاً مسرحية عدة من بينها: «3 في 3»، وغيرها. كان للمسرح الكوميدي نصيب وافر لديه، فقدم «دقت الساعة «، «حامي الديار»، «مدير طرطور».

شارك النبهان في مسلسلات وسهرات درامية، إذ لم يكن سابقاً ثمة ما يسمى بالأعمال الطويلة، وكانت الدراما تقدم على شكل حلقات منفصلة، او سهرات او مسلسلات قصيرة. العمل الأول الطويل الذي قدمه كان «خولة بنت الازور» عام 1974 بالعربية الفصحى، ثم سهرة بعنوان «الباب الموصد» من اخراج خالد امين، وشاركت في البطولة مريم الصالح، وأعيد تقديم قصتها راهنا في «الدروازة». بعدها قدم مجموعة من الأعمال الخفيفة، لاقت نجاحا جيدا من بينها: «علي بابا والاربعين حرامي»، «نساء في شعاع النبوة»، «مدينة الرياح»، «نيران» من اخراج احمد المقلة، «ضيعة مسالم» عام 1985،

ومن المسلسلات البدوية قدم: {الصمت»، «الرحيل» مع خالد النفيسي، سعاد عبد الله، وعبد الرحمن الشايجي، و{الفرسان الثلاثة «. من المسلسلات التاريخية قدم: «الخنساء»، «الزير سالم»، بالإضافة الى «خولة بنت الازور» و«ضيعة مسالم».

كذلك شارك في أعمال درامية ومسرحية كثيرة في مصر وسورية، منها: مسرحيتان على مسرح محمد نجم هما «صباح الخير بالليل»، و{اربع ولاد وضابط».

اما في السينما فلم يقدم سوى فيلمين، نظرا الى قلة الإنتاج السينمائي في الكويت وحداثة التجربة السينمائية: «الفخ» مع عبد الرحمن المسلم و{كيوت» مع المنتج والكاتب حمد بدر والمخرج حسن ابراهيم، انتهى من تصويره أخيراً.

يشيد النبهان بتجربته الراهنة مع الفنان عبد الحسين عبد الرضا من خلال مسلسل «التنديل» من تأليف فايز العامر، ويدعو إلى إتاحة الفرصة أمام الكتاب الشباب الذين يمتلكون موهبة كبيرة، كالعامر، وعبد العزيز الحشاش.

الإشاعات والحسد

لا يأبه النبهان بالإشاعات، وهو بالتالي لا يتابعها ولا يسمعها، وإن حدث وسمعها لا يوليها اهتماماً، وما يهمه في المقام الأول العطاء الفني.

لا يخاف من الحسد، على الرغم من إيمانه به، ولا يخشى الإشائعات التي تتردد من حين إلى آخر عن وفاته، يسمعها ويضحك قائلاً: الأعمار بيد الله.

جديده في رمضان

لدى النبهان أعمال عدة تعرض راهناً خلال الشهر الفضيل منها: «التنديل» مع عبد الحسين عبد الرضا، يجسد فيه شخصية كبير التجار، ويرى أن هذا العمل سيكون له أثر كبير ويحتاج إلى المشاهدة أكثر من مرة، «البارونات» ويؤدي فيه شخصية رجل خير يتصارع مع أخيه الشرير، «عيون القلب» مع المخرج محمد دحام والكاتب الشاب عبد العزيز الحشاش.

back to top