هل كان بطلاً شعبياً... أم قاطع طرق؟ مسلسل أدهم الشرقاوي بين الأسطورة والحقيقة
بين الأسطورة والواقع نسج الكاتب محمد الغيطي قصة أدهم الشرقاوي باحثاً في التراث الشرقي عن حقيقة هذا البطل الشعبي الحيّ في الوجدان، وذلك من خلال مسلسل «أدهم الشرقاوي»، إخراج باسل الخطيب وإنتاج تامر مرسي، يؤدي فيه محمد رجب دور أدهم الشرقاوي ويشاركه في البطولة دوللي شاهين، وقد ورصدت له ميزانية مفتوحة.
عن المسلسل والفرق بينه وبين الفيلم الذي عرض في السابق وأدى فيه الفنان الراحل عبدالله غيث دور أدهم الشرقاوي تدور هذه السطور.. واجهت الغيطي مشكلة رئيسة تجلت في ندرة المصادر، فكل ما توافر عن أدهم مجرد حكايات في التراث الشعبي، إضافة إلى الأكاذيب والإفتراءات التي لحقت بالشخصية، اتُّهمه البعض بأنه قاطع طرق وأكّد البعض الآخر أنه بطل أسطوري، لذا خاض المؤلف مغامرة البحث عن الحقيقة، ومحاولة تقديم جوانب عديدة ومختلفة عن أدهم الشرقاوي لم تقدّم في السابق.يتناول المسلسل عصر أدهم بأحداثه السياسية والتاريخية والإجتماعية والإقتصادية، راصداً حياة الطبقة الأرستقراطية في خط موازٍ لحياة الفلاحين في الريف والقرى، كذلك يرصد ممارسات السلطة الإنكليزية والإستعمار مع نشاط الوطنيين في مواجهة العملاء والخونة.يتناول المسلسل، للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة، الحياة الخفية للرقيق وحريم القصور وتجارة الغلمان والرقيق عبر الدول وعلاقة كبار الضباط الإنكليز والباشاوات بهذا العالم الخفي المثير، بالإضافة إلى قصص أخرى توازي قصة أدهم أو تتقاطع معها ترصد جميعها حياة المصريين بين قرنين.ضوء يوضح الكاتب محمد الغيطي أن المسلسل يلقي الضوء على حياة أدهم الشرقاوي وعلاقاته العائلية وصراعه مع أعمامه، بسبب موالاة أحد هؤلاء للإنكليز وانقلاب حياته رأساً على عقب لدى دخوله السجن بعد اتهامه بجريمة ملفقة وخروجه منه بحيلة ذكية جعلته حديث الرأي العام. لا تلبث دائرة اهتمامه ونشاطه أن تتسع عندما يتعرف على أبيه الروحي الثوري القديم وتتجاوز الهدف الذي وضعه في السابق، الإنتقام من عمه وقاتل والده. المؤكد أن أدهم الشرقاوي ملحمة شعبية ترصد كيف نجح فرد في مواجهة المحتلّ ومحاربته وكيف كتبت الخيانة نهاية هذا المناضل المتمرد.لصّ أم بطل!يؤكد المخرج باسل الخطيب أنه لم يكن يفكر في تقديم أعمال جديدة في الدراما المصرية بعد مسلسل «ناصر»، لكنه فوجىء بحلقات «أدهم الشرقاوي» التي أثارت حماسته ودفعته إلى تأجيل أعمال أخرى كان ينوي تقديمها فى سورية.يضيف الخطيب: «لم يكن في تخطيطي منذ انتهيت من مسلسل «ناصر» تصوير أعمال أخرى عن شخصيات معروفة، لكني تراجعت عن قراري أمام شخصية أدهم بسبب الجدل المثار حوله كبطل شعبي والخلاف بين كتّاب السيرة الشعبية حول ما إذا كانت شخصيته حقيقية أم أسطورية، خصوصاً أن البعض يراه مجرد لص يسرق أموال الأغنياء حتى لو كان يعطيها للفقراء، وهي وجهة النظر التي روجها الإحتلال البريطاني، أما البعض الآخر فيراه بطلاً شعبياً، وهي وجهة النظر التي يتبنّاها المسلسل وأتبنّاها أنا أيضا، بالإضافة إلى أن شخصية أدهم الشرقاوي تفتقد لوجود مراجع حقيقية عنها باستثناء بعض السير الشعبية والمقالات التي تتحدث عن هذه الشخصية. على الرغم من أن هذا الأمر شكل صعوبة للمؤلف إلا أنه أتاح الحرية للخيال في تقديم صورة جديدة من دون الإلتزام بأحداث محددة أو صورة معينة عن هذا البطل الشعبي».عن سبب اختياره المطربة اللبنانية دوللي شاهين لتجسيد شخصية «مهجة» الفتاة الريفية التي أحبها أدهم يوضح باسل: «تتميز دوللي بالحضور أمام الكاميرا، ظهر هذا الأمر جلياً في الأدوار التي أدتها في كليباتها ونجحت في إثبات موهبتها في فترة وجيزة، بعد أيام من بدء التصوير أيقنت أنها الأفضل، إضافة إلى أنها تتفاعل مع شخصية «مهجة» بشكل جيد ومتحمسة للدور، لأنه سيقدمها للمرة الأولى إلى جمهور الفضائيات كممثلة بعدما عرفها كمطربة».من جهة أخرى يشير باسل إلى أن دوللي تجيد اللغة العربية وتتحدث بها بطلاقة ولن تحتاج لأي مجهود لإتقانها، «كل ما ينقصها الخضوع للتدريب على النطق باللهجة الريفية، على غرار باقي الممثلين المصريين في المسلسل» على حدّ تعبيره.بالنسبة إلى الفنان محمد رجب يؤكد الغيطي وباسل أنه الأنسب للدور لأنه قريب الشبه من شخصية البطل في الشكل والمضمون وعاش الشخصية منذ المشهد الأول عندما ارتدى الجلباب البلدي وأمسك بالبندقية وكأنه بطل شعبي بالفعل.