المخرج إبراهيم بطوط: الأفلام التافهة مؤامرة تستهدف ذوق الجمهور!
بعد صراعات كثيرة مع الرقابة على المصنفات الفنيّة، نجح المخرج إبراهيم البطوط في عرض فيلمه «عين شمس» المثير للجدل، والذي صاحبته ضجة كبرى قبيل عرضه في الصالات أخيراً.عن الفيلم ومعركة عرضه، التقينا المخرج الذي أعرب عن سعادته لأن «عين شمس» رأى النور أخيراً.
كيف تصف شعورك بعد انتهاء المشاكل التي مر بها فيلمك، والتي عطّلت عرضه كثيراً؟أشعر بأن واحداً من أحلامي تحقق، رغم أنني وحتى هذه اللحظة لا أصدق أن الفيلم بدأ عرضه فعلياً. شعرت بالارتياح كثيراً، لا سيما أن صراعاتي مع الرقابة كادت أن تصيبني بالإحباط.كيف حصلت على تصريح عرض الفيلم؟ حصلت عليه بعد مناقشات ومناورات وصراعات، سببها إصرار الجهات الرقابية على تنفيذ أحكام رقابية بالية نعمل بها منذ عام، إذ طلبت في البداية قراءة السيناريو بعد أن كنت قد انتهيت من تصوير الفيلم، وطبعاً رفضت لعدم منطقية الطلب، وطالبت تلك الجهات بمشاهدة الفيلم للتصريح بعرضه.استمرت هذه الحالة من الشد والجذب إلى أن نجحت بصعوبة شديدة ومثابرة في الحصول على التصريح، خصوصاً بعدما تحمست الشركة «العربية» التي تديرها الفنانة إسعاد يونس لتوزيع الفيلم.ماذا استفدت من تجربة منع عرض الفيلم في مصر طوال هذه المدة؟أصبحت أقوى وأكثر صلابة بعد أن دخلت في تلك الصراعات مع الرقابة، إذا تعرّفت إلى تفاصيل لم أتخيلها سابقاً، وحتى هذه اللحظة ما زلت أتساءل، كيف صنّفت الرقابة فيلماً مصرياً يحمل عنوان حي شعبي شهير في مصر وهو «عين شمس» على أنه فيلم مغربي، وقدمته إلى المسابقات الدولية بهذه الصفة؟ فعلت ذلك لأن المغرب هي البلد الذي وافق على تمويل الفيلم.موقف الرقابة غير مفهوم ومثير للضحك والسخرية، لا سيما أن الفيلم حاز في المحافل والمهرجانات الدولية جوائز عدّة. كذلك رفضها ليس مبرراً وقد أصدرته لمجرد أنني حوّلت فيلم ديجيتال إلى فيلم روائي طويل قبل أن أعرض السيناريو عليها، علماً أنني طلبت من رئيس الرقابة الناقد علي أبو شادي مشاهدة نسخة الفيلم قبل إصدار قراره بالمنع أو السماح. هل ستبتعد عن الأفلام التسجيلية إذا نجح الفيلم في تحقيق إيرادات جيدة؟لا أتوقع للفيلم تحقيق إيرادات مرتفعة، ليس لأنه سيئ، بل لأنه مختلف عن الأفلام التجارية التي تحقق الملايين. أما بالنسبة إلى ابتعادي عن السينما التسجيلية في حالة نجاح الفيلم تجارياً، فهذا أمر غير وارد، لأن السينما التسجيلية هي بيتي الأول ولن أبتعد عنه أبداً.كيف جمعت التفاصيل كافة عن حي «عين شمس»؟ في بداية حياتي المهنية تعرضت إلى موقف لن أنساه، وكان سبب تقديمي هذا الفيلم: كنت أصور تظاهرة في حي عين شمس، فأطلق عليّ ضابط أمن دولة النار، ثم أنقذني أحد أبناء الحي وأخذني إلى منزله وأهتم بي إلى أن أصبحت حالتي أفضل. منذ ذلك الحين أشعر بالامتنان لأهالي عين شمس، وتحركني الرغبة لتقديم فيلم عن حياتهم، وفعلاً، طلبت من أحدهم مساعدتي في جمع المعلومات الكافية، ثم بدأنا في كتابة السينايو ووصلنا إلى الشكل النهائي، بعد أن استعنا بعدد كبير من أهالي المنطقة للتعرف إلى تقاليدهم وطباعهم التي تختلف عن تقاليد أي مكان آخر، فلكل مكان بصمته المميزة.كيف ترى واقع السينما؟ أتصور أننا نواجه مؤامرة هدفها تمرير الأفلام التافهة، فكيف تحقق تلك الأفلام أرقاماً خيالية تزامناً مع منع الرقابة عرض أفلام مهمة؟! شخصياً أنزعج بشدة من كم الأفلام «التافهة» التي تجد طريقها إلى دور العرض، من بينها مثلاً «أيظن» من بطولة مي عز الدين. «ضحك علينا» هذا الفيلم ولم يحترمنا ولم يقدّر ثمن التذاكر الذي دفعناه. سيطرة هذه الأفلام على سوق السينما تصنع مناخاً سينمائياً غير صحي.لكن هذه الأفلام تحقق إيرادات كبيرة، ما يعني أنها مطلوبة من الجمهور؟ المشكلة الكبرى أن ذوق الجمهور المصري أصبح بهذا المستوى، لذا علينا أن نحاول تعديله عبر عرض أفلام جيّدة، وأعتقد أننا كصنّاع سينما لا بد أن نتحمّل هذه المسؤولية.إذا حاولنا أن نتذكر آخر فيلم جيد سنفكر كثيراً قبل الإجابة، لذا أسعدتني كثيراً عودة مجموعة من المخرجين المهمين إلى الساحة الفنية مثل، داوود عبد السيد، يسري نصر الله، وأسامة فوزي، وأتمنى لهم الاستمرار حتى بإنتاج قليل، لأن ذلك يساعد على تعديل مسار السينما المصرية.ماذا عن مشروعك الجديد «ربع غرام»؟ إنه بمثابة صياغة سينمائية لرواية عصام يوسف بالعنوان نفسه، ومن المقرر أن تخصص له ميزانية إنتاجية ضخمة. تحكي الرواية قصة مذكرات مدمن تعافى من المخدرات. أعتقد أنها المرة الأولى التي يقدّم فيلم سينمائي مادة حقيقية عن مشكلة الإدمان. باختصار يقترب العمل من حياة المدمنين، ويدخل كواليسها في محاولة لتقديم عمل فني جديد عن هذه المشكلة بشكل صادق وواقعي.