أولاد الملك أوتو في رحلة الدفاع عن اللقب

نشر في 02-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 02-06-2008 | 00:00

سيكون المنتخب اليوناني لكرة القدم على موعد مع رحلة شاقة للدفاع عن لقب كأس الأمم الأوروبية، التي أحرز نسختها الأخيرة في 2004، ويعتمد اليونان على خبرة الفريق الذي لم يتغير كثيراً عن المنتخب السابق.

خرقت اليونان قبل أربع سنوات حدود التوقعات وحققت مداخيل خيالية لشركات المراهنات اثر فوزها في نهائيات اوروبا 2004 في البرتغال، محققة اللقب الاوروبي الاول في تاريخها على حساب منتخبات عريقة مثل فرنسا وايطاليا وهولندا والمانيا وانكلترا.

لعب المدرب الالماني اوتو ريهاغل دورا رئيسا في احراز اليونان لقبها عندما اعتمد سياسة دفاعية «حذرة» وحديدية، اشتهر بها في الدوري الالماني، تزامناً مع هجمات مرتدة «مبرمجة» وواقعية يطبق بها على دفاعات الخصوم الذين تدحرجوا واحدا تلو الاخر، الى ان حمل الكأس قائد الفريق تيودوروس زاغوراكيس.

خاضت اليونان الكأس الاخيرة بحذر شديد، فبعد ان تأهلت بصعوبة من الدور الاول، تخطت فرنسا حاملة اللقب آنذاك بهدف انغلوس خاريستياس، ثم أقصت تشيكيا في نصف النهائي بهدف المدافع تريانوس ديلاس الفضي في الدقيقة 105، قبل ان يقدم خاريستياس الكأس لبلاده على حساب البرتغال المضيفة في لشبونة، والملفت ان مباريات اليونان الثلاث الاخيرة في البطولة انتهت بنتيجة واحدة كافية للفوز 1/صفر.

لم ينسحب نجاح اليونانيين في كأس اوروبا على المونديال العالمي، فهم لم يتأهلوا اصلا الى مونديال المانيا 2006 متعثرين في التصفيات ومحققين مركزا رابعا مخيبا في مجموعتهم الاوروبية، وسيفتقدون في البطولة المقبلة جهود قائدهم المعتزل زاغوراكيس.

كانت الخسارة أمام تركيا 4-1 في اثينا بمنزلة الانذار المبكر لاولاد «الملك اوتو»، فقبضوا بشدة على منتخبات المجموعة الثالثة وأنهوها متصدرين بفارق 7 نقاط عن تركيا بالذات التي عادوا وثأروا منها في اسطنبول 1/صفر بهدف اماناتيديس، محققين 10 انتصارات وتعادلا واحدا (مع النرويج 2/2) وخسارة واحدة، وهو أعلى رصيد بين جميع المنتخبات المشاركة ليتأهلوا الى النهائيات للمرة الثالثة بعد 1980 في إيطاليا و2004 قبل جولتين على نهاية التصفيات.

يعتمد المدرب ريهاغل في النهائيات على نصف تشكيلته التي خاض بها أوروبا 2004، وهو يعتبر أن السفينة القابلة على الغرق تستعين بالرجال الاقوياء الذين يحسنون التعامل مع الظروف الصعبة لا مع الصغار قليلي الخبرة.

واقعية اليونان

تدفع واقعية ريهاغل بالتخلي عن انجازات الماضي والانكباب على العمل الدؤوب لتكرار النجاح، وهو يحترم خصومه في المجموعة الرابعة التي تضم اسبانيا وروسيا والسويد الى جانب اليونان.

يعتمد ريهاغل على الحارس المخضرم انطونيوس نيكوبولوديس (37 عاما)، والعملاق تريانوس ديلاس (1.96 م) ومدافع اينتراخت فرانكفورت الالماني المميز سوتيريوس كيرياكوس (1.93 م) الذي غاب عن البطولة الماضية بسبب الاصابة، وخاض المباريات الـ12 في التصفيات بأكملها لمدة 1080 دقيقة، والظهير الايمن يوركاس سيتاريديس في خط الدفاع.

خط الوسط يضم جورجيوس كاراغونيس وجيانيس اماناتيديس والقائد الجديد انغلوس باسيناس ونجم بولتون الانكليزي «الأصلع» ستيليوس جياناكوبولوس، اضافة الى المهاجمين انغلوس خاريستياس بطل هدف الفوز امام البرتغال في نهائي 2004، وثيوفانيس غيكاس مهاجم باير ليفركوزن الالماني الذي يعتبر احد مفاتيح خط الهجوم.

مرة جديدة ستدخل اليونان البطولة القارية وهي ليست مرشحة للفوز، نظرا إلى فارق المستوى الشاسع بينها وبين المنتخبات الطليعية في أوروبا، لكن ما صنعته منذ 4 سنوات يجعلها الحصان الاسود المنتظر في ظل استمرار المدرب ريهاغل الذي يعرف من أين تؤكل الكتف.

( أ ف ب )

«ريهاكليس» وتكتيكاته الدفاعية المعقدة

نحت المدرب الالماني اوتو ريهاغل بمهارة ودقة فائقتين مشوار اليونان 2004، حيث لم يكن حتى من المرشحين لبلوغ الدور الثاني، لكنه توج بلقب تاريخي يحلم ان يعيد رسم خطوطه الصيف الحالي في النمسا وسويسرا.

ويعتبر اليونانيون ريهاغل (69 عاما) بمنزلة المنقذ لمنتخبهم الوطني، فبعد وصوله عام 2001 رفع اليونان من المركز 61 الى المركز الثامن في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، فجدد الاتحاد المحلي عقده حتى مونديل 2010، ليصبح المدرب الاكثر استمرارا في مركز لطالما كان قبلة لسهام الانتقادات من رجال الاعلام. وقد تمكن ريهاغل بفضل ذهنه الحاد وفكره الثاقب، ان يلوي اذرعة المنتخبات الكبيرة بتكتيك ابتدعه في اوروبا 2004، يقتضي بناء خط دفاعي من الاسمنت المسلح، معززا بلاعبين قادرين على تنفيذ الهجمات المرتدة بسرعة فائقة، هذا بالاضافة الى نوعية الانضباط التي فرضها على اللاعبين والتي كانت مفقودة في المنتخبات السابقة.

هذه الاستراتيجية «العنيدة» مكّنت اليونان من تحقيق اكبر مفاجآت البطولات الكبيرة عندما تخلصت من فرنسا وتشيكيا والبرتغال في الادوار الاقصائية بنتيجة مماثلة 1 -صفر، لتحرز اللقب القاري الاول في تاريخها. ولم تأت ِطرق ريهاغل الدفاعية من باب الصدفة، فاشتهر في مسيرته كمدافع جزار لا يرحم المهاجمين، اكان مع فريق مدينته ايسن او هيرتا برلين وكايزرسلاوترن الذي انهى مسيرته في صفوفه عام 1972.

واحرز اوتو كأس المانيا مع فورتونا دوسلدورف، لينتقل الى فيردر بريمن (1995-1981) حيث جعل من الفريق الاخضر والابيض احد ابرز الاندية في «البوندسليغا»، محرزا لقب الدوري مرتين (1988 و1993) والكأس مرتين (1991 و1994) وكأس الكؤوس الاوروبية 1992، فأصبح احد اشهر المدربين في تاريخ المانيا بعد هلموت شون واودو لاتيك واوتمار هيتسفلد.

ولم تكن محطة المدرب الصلب مفرحة مع بايرن ميونيخ، فدخل في مناكفات مع الادارة التي اتهمته بانه رجعي ولا يجيد التعامل مع اجواء مدينة ميونيخ الراقية، فأقصي عن منصبه قبل 3 اسابيع على المباراة النهائية في مسابقة كاس الاتحاد الاوروبي 1996، ليحل بدلا منه فرانتز بكنباور، فتحول ريهاغل بعدها لمدة اربع سنوات الى كايزرسلاوترن قاده فيها الى لقب الدوري 1998. ويعتمد المدرب «العجوز» على لاعبين مخضرمين في تشكيلته، ورغم الخسارة المخزية التي تعرض لها في بداية تصفيات اوروبا 2008 امام تركيا غريمة اليونان اللدود 1-4 في اثينا، الا انه لم يلتفت الى الاصوات المطالبة بابعاد اللاعبين المسنين فاصر على اشراكهم، ولم يخسر بعدها محققا 10 انتصارات في 11 مباراة ليتصدر المجموعة الاوروبية الثالثة بفارق 7 نقاط عن تركيا!

ومقاربة ريهاغل للبطولة المقبلة خالية من التعقيد: «اريد ان تكون اليونان بين افضل المنتخبات في اوروبا 2008، مثلما فعلنا في البرتغال منذ 4 اعوام، سنعمل بجهد كي نحقق اهدافنا... ويجب ان نتفرغ لكل مباراة على حدة، لذا الامتحان الاول سيكون امام السويد في العاشر من يونيو المقبل».

(أ ف ب)

غيكاس «المصارع»

يعول المنتخب اليوناني لكرة القدم كثيراً على المهاجم الفتاك ثيوفانيس غيكاس، الذي قاد فريقه هامبورغ في الدوري الألماني إلى مقعد في كأس الاتحاد الأوروبي.

يتميز المهاجم اليوناني ثيوفانيس غيكاس بهدوء حاد داخل وخارج ارض الملعب، بموازاة لعبه دور المهاجم الفتاك بعيدا عن الاستعراض، ما دفع زميله في المنتخب اليوناني جيانيس اماناتيديس إلى انتقاده قائلا: «لا يجيد التسديد بالرأس، ليس ضخما وتسديداته ليست قوية!».

واتجه غيكاس نحو رياضة المصارعة خلال طفولته في مدينة لاريسا اليونانية، لكن والده عدل خطاه ووجهه إلى مصارعة مدافعي كرة القدم، فاستهل مشواره مع النادي المحلي في الدرجة الثانية (1998)، قبل ان ينتقل الى كاليثيا، حيث برز في دوري المقدمة مسجلا 46 هدفا في 99 مباراة، بين 2001 و2004، مساهما في صعود فريقه الى الدرجة الاولى.

باناثينايكوس ينجذب لغيكاس

وقد شد غيكاس انتباه مسؤولي نادي باناثينايكوس العريق، فضمه عام 2005 وكان على مستوى الآمال المطروحة مع فريق العاصمة، لتطلق عليه الجماهير لقبا كبيرا هو «إله اليونان»، اذ كانت تحتفل باهدافه على وقع موسيقى «سيرتاكي» اليونانية. ولم يتأخر «فانيس» في فرض سطوته، فأحرز لقب هداف الدوري مسجلا 23 اصابة فتحت له طريق المنتخب اليوناني بقيادة المدرب الالماني اوتو ريهاغل، رغم انه لم يشارك في منتخبات الفئات العمرية، وطريق الاحتراف الخارجي مع نادي بوخوم الالماني بعدما رفض الانتقال الى باوك تسالونيكي.

غيكاس «ضمان الحياة»

وأعطي غيكاس لقب «ضمان الحياة» من قبل المدرب مارسيل كولر خلال وجوده مع بوخوم قبل عامين، فسجل 21 هدفا في 32 مباراة خلال موسم 2007/2006، محرزا لقب هداف البوندسليغا، وتفتحت الأعين عليه فاصطاده نادي باير ليفركوزن الذي كان يبحث عن بديل للاوكراني اندري فورونين المنتقل الى ليفربول.

وعانى غيكاس في بداياته مع ليفركوزن لعدم ثقة المدرب ميكايل سكيبه به، فلعب دور المهاجم البديل لستيفان كيسلينغ والروسي ديميتري بوليكين، لكنه لحق بالقطار في ختام الموسم اثر اصابة بوليكين فاستعاد مستواه مسجلا 3 اهداف في 3 مباريات، بينها هدفان في مرمى هامبورغ امنا لفريقه مقعدا في ربع نهائي كاس الاتحاد الاوروبي، ليختتم موسمه برصيد 11 هدفا في 26 مباراة قبل كاس اوروبا 2008، التي وقع فيها منتخب اليونان في المجموعة الرابعة مع اسبانيا والسويد وروسيا.

وتأخر غيكاس ليطرق باب المنتخب اليوناني، فهو لم يذق طعم الفوز التاريخي عام 2004 في البرتغال، بل كانت اول مشاركة له مع الـ«هيلاس» عام 2005، فخاض 24 مباراة دولية مسجلا 6 اهداف حتى الآن. ودفعت شهية غيكاس المفتوحة إلى ان يصرح لصحيفة روسية على ابواب النهائيات: «كثيرون يعتقدون ان اليونان لن تكرر انجاز 2004، لكننا نملك فريقا قويا ومدربا قديرا هو الالماني اوتو ريهاغل، الذي اثبت ان بمقدوره اجتراح المعجزات والحاق الهزيمة باي فريق».

وسيكون الصيف الحالي محطة محورية في حياة المهاجم المميز، فبعد انتهاء كأس اوروبا التي يتمنى ان يستمر فيها حتى 29 يونيو موعد المباراة النهائية، ينتظر غيكاس (28 عاما) وزوجته توأما في الاسبوع ذاته، على امل ان يكون قدومهما بمنزلة جائزة كبرى على احراز اليونان لقبها الثاني على التوالي في البطولة القارية. (أ ف ب)

back to top