ممكن نزيع؟

نشر في 25-11-2008 | 00:00
آخر تحديث 25-11-2008 | 00:00
No Image Caption
 أ.د. غانم النجار يساورني شعور غريب بأن حالة الازمة التي نعيش فيها، وما يحدث أمامنا من حالة «التفاخر» امام الكاميرا، ليست حقيقية، فالمتناقضات بين أطراف النزاع المعلن أكثر من ان تُحصى، كما يساورني شعور أغرب، هو مجرد شعور ليس لديّ عليه دليل، هو أن هذه الازمة التي نراها ستنتهي نهاية غير متوقعة، فلربما يقف المتنازعون يوم الحسم، الكل تبدو عليهم علامات الجدية، غدا أو بعد غد، ثم يأتي شخص غير معروف ويمسك بأيديهم ويشير الى مكان علوي، ويطلب إليهم ان يبتسموا ويقول ضاحكا «ابتسموا فقد كنتم في برنامج الكاميرا الخفية».

بالطبع، الموضوع أكثر جدية من ذلك، وان كان هناك جانب ساخر في أي موضوع مهما بلغت جديته، عندما تقوم بتجريده من ادعاءات السياسيين. لكن المؤسف أننا نصر على استخدام الأدوات البدائية للتعامل مع الموضوعات الجدية، وهو أسلوب تعودنا عليه في المماحكات السياسية الكويتية، وتكاد الأزمات تتشابه، بالذات الخارجة عن نطاق التغطية منها، يتم افتعال ازمة، وغالبا ما تكون بفعل فاعل، مهما كانت خطورتها، ويستغرق المجتمع نفسه كليا في تلك الازمة، وتُستنزف الطاقات كلها، ويتحول الجزئي الى اساسي، ويتم ربط القضايا الصغيرة بالقضايا الكبيرة، وننسى كل هموم المجتمع ومعاناته، ونتحول كلنا الى مجتمع القضية الواحدة، ويتبارز المتبارزون، «وأمجاد يا عرب أمجاد»، و«وا إسلاماه»، و«وا حكومتاه».

ما يحدث في الكويت الآن يصلح لأن يكون فصولا لمسرحية كوميدية، ربما تمنيت على فناننا القدير عبدالحسين عبدالرضا ان يختار فصولها من الواقع، فلن يتعب كثيرا في التأليف.

فأن تكون النتيجة المحتملة للاستجواب المقدم لرئيس الوزراء هي «الانقلاب على الدستور، أو أي عبث بآليات الدستور»، هو الموضوع الجدي الوحيد في هذا الخضم، وهو ما يفترض ان نتفق على رفضه، ولا نتعامل معه كحل لأي ازمة حقيقية كانت أم مُفتعلة، أو لم تستخدم الحكومة مثلا الاستجواب كأداة دستورية في السابق لتبرير حل المجلس؟

الممثلون على المسرح السياسي يريدون منا ان نقتنع بان ما نراه أمامنا ليس إلا أزمة حقيقية، وأن هذه الازمة التي يبدو أنها مُفتعلة تستحق أن ندخل في نفق الانقلاب على الدستور. وفي المقابل علينا أن نقبل بأن السوط الانقلابي سيبقى السلاح السري الذي سيتم استخدامه لإيقاف أي كان عن التحرك الجدي.

حلّوه، أو انْقلِبوا عليه إن شئتم، ولتوضع الأزمة في مكانها الحقيقي، وليتحمل كل منا مسؤوليته التاريخية، وننتهي من هذا الدمّل الذي كاد يتقيّح، ولنتوقف عن إشغال المجتمع بأزمات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

إن الأزمة الحقيقية هي أن يكون الدستور أو لا يكون، وان التجاذب بشأن بقاء الدستور أو ذهابه هو صلب المشكلة، أما عدا ذلك من تفاصيل سواء جاءت من نواب أو حكومة أو حكم فهي ليست إلا مزحة عابرة تنتهي بابتسامة وسؤال «ممكن نزيع؟»، بالزاي المصرية لكي تكتمل الصورة.

back to top