غزة: يغيب العقل ويحضر الانتحار

نشر في 04-01-2009
آخر تحديث 04-01-2009 | 00:00
 مظفّر عبدالله المصالحة الفلسطينية في ظل الظروف الحالية هي الموضوع الأكثر أهمية للفلسطينيين أنفسهم، وللقوى الإقليمية المعنية، وللدول الكبرى... أما الصواريخ فتأتي في أسفل قائمة الأولويات.

أول العمود: كم هو مؤلم أن يحمل نهرا دجلة والفرات جثث القتلى في العراق في ظاهرة تنم عن حجم الألم الذي يصنعه المسلم بالمسلم!! حديث وزيرة حقوق الإنسان في العراق وجدان ميخائيل لفضائية «العربية» كان قاسياً «44 ألف قتيل في أربــع سنـــوات بينهم 2600 طفل» أي نهر يحمل هذه الأثقال؟!

***

لكل فعل حساباته، وما يجري الآن من قتل مجاني في غزة يجب أن يخضع للعقل والمنطق، ويجب ألا يُختزَل إسرائيلياً ليكون وقوداً لانتخاباتهم التي دائماً ما تُهدي المفاوض الفلسطيني رؤساء وزارات سفاكي دماء، والتعويل على دور القوى الإقليمية وحتى الدولية من دون أن يحسّن الفلسطينيون صورتهم لن يقدم ولن يؤخر. ويجب أن تعي «حماس» بالدرجة الأولى، والسلطة الفلسطينية كذلك أنهما جزء من المشكلة قبل جر المتظاهرين العرب إلى «المواجهة مع إسرائيل»!

المصالحة ثم المصالحة هي حجر الأساس في ما يجب أن نتوقعه لخلاص الفلسطينيين من حمامات الدم، في ما بينهم أولا، وبين الإسرائيليين ثانيا، وما نكث اتفاق مكة والمصالحة في اليمن بأمثلة بعيدة.

في ما يجري اليوم... يجب أن نعي حقائق عديدة، ونحن نشاهد قتل البشر والدواب والشجر، فالقرارات الانفرادية والعاطفية لا تنفع ولا تأتي بنتيجة للفلسطينيين، فما بالنا إن كان الانفراد بقرار مواجهة عسكرية... ولوم بعض الأطراف الإقليمية (مصر- السعودية- الأردن)، أو الاستفادة من خدمات بعضها (إيران- سورية) لن يقدم أو يؤخر مادام التعامل مع تلك الأطراف يأتي كاستثمار للصراع الداخلي الفلسطيني.

يجب على «حماس» التي مضى على تأسيسها 21 عاما أن تراجع كل قراراتها السابقة التي كلفت آلاف القتلى وملايين الدولارات التي وُظفت أحيانا في قرارات فردية مندفعة، وأن تكف عن استخدام صورتها بأنها الجهة الوحيدة المستهدفة إسرائيلياً من بين الفلسطينيين، فهي مطلوبة إسرائيلياً لشق البيت الفلسطيني (إن رغب أعضاؤها ذلك عن وعي أو بغيره). وفي المقابل فإن السلطة الفلسطينية مطالبة أيضا بمراجعة خيارها التفاوضي ونتائجه على الأرض.

«حماس» اليوم مهددة بتوغل بري إسرائيلي هدفه إبقاء شغبها في الحدود الفلسطينية-الفلسطينية، وأمام هذا السيناريو يجب الالتفات إلى السؤال الأهم: هل من المفيد أن يبقى الفلسطينيون برأسين متناكفين مقابل عدو لن يقدم شيئاً مجانياً للضعفاء، وهم هنا كل العرب الذين من بينهم الفلسطينيون.

back to top