خذ وخل : دعوهن إنهن راشدات


نشر في 27-05-2009
آخر تحديث 27-05-2009 | 00:01
 سليمان الفهد إزاء هذا السيل الذي مازال ينهمر على رؤوس النائبات، عنَّ لي أن أهتف في جموع الواعظين الناصحين قائلا: دعوهن يمارس فعلهن البرلماني، بمنأى عن أي وصاية أبوية بطركية، لأنهن- ولله الحمد- راشدات قادرات على أداء المهمة، من دون الحاجة إلى سماع وقراءة ركام الهذر الموجه إليهن شفاهة وكتابة!

* من منا لا يتفق مع مقولة الفيلسوف «زينون» القائلة: بأن «المساواة من صنع الله، والتمييز من صنع البشر» وحدهم الذين يمارسون الميز هم الذين ينفون هذه الحقيقة البدهية، ويسعون إلى طمسها لتظل النساء أسيرات «الحرملك» الذي يراد لهن الإقامة فيه إلى حين تحج البقر على قرونها، بعد قرون لا يعلم مداها سوى الله سبحانه علام الغيوب.

وقد تداعت إلى ذاكرتي المتداعية رواية الأديب التركي الساخر «عزيز نيسين» الموسومة باسم «دعوها إنها راشدة!» وقد استلفت منه عنوان مقالتي هذه، على الرغم من أن موضوع الرواية لا يمت بصلة إلى مضمون المقالة، وجاءت حالة التداعي من جراء متابعتي لأشكال وأنواع الاستجابات التي تمخضت عن نجاح النائبات الأربع، اللهم زد وبارك، فقد انهمر عليهن سيل عرم من المواعظ والمحاذير والنصائح المجانية الجاهزة المعلبة، والدروس الخصوصية في شتى مناحي السياسة وتكتيكاتها وما تنطوي عليه من كر وفر في فنون الاستجواب إياه! دع عنك القيل والقال الذي يمارسه أعضاء نادي النميمة و»الحش» الرياضة الوطنية الشعبية التي يمارسها الشعب الكويتي- إلا من رحم ربي- بشغف شديد وهوس محموم! وكأن المواطن لا يكون كذلك إلا إذا مارس النميمة في كل مكان وحين، بما فيها أيام الإجازات والعطل الرسمية!

* وإزاء هذا السيل الذي مازال ينهمر على رؤوس النائبات، عنَّ لي أن أهتف في جموع الواعظين الناصحين قائلا: دعوهن يمارس فعلهن البرلماني، بمنأى عن أي وصاية أبوية بطركية، لأنهن- ولله الحمد- راشدات قادرات على أداء المهمة، من دون الحاجة إلى سماع وقراءة ركام الهذر الموجه إليهن شفاهة وكتابة! من هنا راق لي جدا كونهن لسن محسوبات على أي تيار سياسي، وطربت جدا حين تبرأت «الحركة الدستورية الإسلامية من النائبة الدكتورة «سلوى الجسار» لظني بأن حضورهن كنائبات مستقلات أجدى لهن، في هذه الدورة على الأقل، والتي ستكون بمنزلة امتحان عسير لأدائهن، إذا كتب لهذا المجلس طول العمر، ونجا من الموت المفاجئ بالسكتة الاستجوابية إياها!

والحق أن موضوع اقتحام النائبات الأربع لقاعة عبدالله السالم، عبر الاختيار الشعبي الحر المستنير، أصبح الموضوع الأثير لحديث الدواوين والفضائيات المحلية والعربية والدولية، فضلا عن حضورهن الشديد في فضاء النت والموبايل، وربما البوتاغاز والميكرويف! بحيث يمكن القول إن الحديث الحسن الذي حظيت به دولة الكويت بسببهن ليس في مقدور إعلانات وزارة الاعلام الفجة تحقيق واحد في المئة من العائد المعنوي لخبر نجاح النائبات إياهن!

نعم... دعوهن يمارسن دورهن، في عمارة البلاد والعباد، رغم أنف المساعي الخبيثة لإفشال فعلهن، وتشويه إرادة الشعب الكامنة في اختيارهن المفرح.

إن المتشددين في المجلس وفي المجتمع: لن يكفوا عن محاولات تهميش دورهن وفعلهن بشتى السبل، ولعلي لا أغالي إذا أشرت إلى أن بعض الغلاة المتنطعين يتمنون للنائبات السافرات النهاية المفجعة للملكة «شجرة الدر» ولو على المستوى المعنوي! ونحمد الله ان «القباقيب» غابت عن نسيج حياتنا اليومية، لكن «القبقاب» المعنوي ما برح حاضرا!

back to top