مجلس الأمة والثقافة!

نشر في 08-07-2008
آخر تحديث 08-07-2008 | 00:00
No Image Caption
 طالب الرفاعي «منذ ما يزيد على الأربعين سنة، لم يُقدم أي عضو من أعضاء مجلس الأمة الكويتي محاضرة عن الثقافة في رابطة الأدباء».

صادمة ومؤلمة ودالّة كانت جملة الدكتور سليمان الشطي، في مداخلته ضمن المناقشات التي أعقبت محاضرة عضو مجلس الأمة الأخ محمد العبدالجادر، في رابطة الأدباء مساء يوم الأربعاء الماضي.

موقف عضو مجلس الأمة السيد محمد العبدالجادر، لم يكن أقل دلالة، حين ركز في محاضرته وكذلك ردوده على مجمل الآراء التي طُرحت بعد المحاضرة، على الدور المحوري والمهم الذي يجب على المثقفين أن ينهضوا به، حيال الأوضاع الثقافية في الكويت، مبيّناً ضرورة المبادرة إلى تشكيل جماعة ضغط «لوبي» ثقافي مستنير، يكون له رأي حيال القضايا الدائرة على الساحة الثقافية، وكذلك ليمارس وصلاً واتصالاً وضغطاً مشروعاً على السادة أعضاء مجلس الأمة، عبر المناقشات الموضوعية لمختلف الآراء، سواء اتفقت أو اختلفت مع قناعاتهم.

اجتماع مجموعة من الأدباء والمثقفين والفنانين والصحافيين والإعلاميين في الرابطة، كان بهدف إيصال مطالبهم وشكواهم المريرة إلى السيد عضو مجلس الأمة، لكن الأمر برأيي أخذ بعداً آخر، حين اتضح أن السيد العضو جاء إلى الرابطة حاملاً مطالبه وشكواه، وفي ذلك صح المثل القائل: «لا تشكي لي لا أبكي لك».

في الجلسة الحميمة التي جمعت الأدباء بعضو مجلس الأمة، بدا واضحاً أن الإبداع والمبدعين والثقافة والمثقفين هم المتضرر الحقيقي من انقطاع الصلة بين المبدع والمثقف من جهة، وبين السلطة التشريعية ممثلة بأعضاء مجلس الأمة من جهة ثانية. وبدا أن كليهما، المثقف وعضو مجلس الأمة، عاتب على الآخر. وبالتالي فإن مد جسور النقاش الديمقراطي والحر والصريح والموضوعي مطلب ملحّ، كون الثقافة لا تنحصر في قصة أو رواية أو مشهد مسرحي أو لوحة تشكيلية أو قصيدة أو مقال نقدي، بل أن الثقافة هي أنماط من الفكر والمعرفة والأدب والفن، تشكّل مجمل الوعي الشعبي السائد، وتنعكس وتتجلى على الممارسات الاجتماعية، بما في ذلك أداء السادة أعضاء مجلس الأمة تحت قبة البرلمان.

إنشاء مبنى جديد لرابطة الأدباء، دعم وتشجيع المبدعين، وعلى الأخص شريحة الشباب في طباعة ونشر إبداعهم، الاهتمام بالمبدع والأديب الكويتي، رفع الرقابة عن معرض الكتاب، هذه المطالبات وغيرها مهمة، لكن الأهم هو رفع سقف الحرية، فبدون سقف عالٍ للحرية لن يتمكن المبدع والأديب من قول كلمته، ولن يتمكن من توصيل صوته.

نعم، الواجب يحتم على السادة أعضاء مجلس الأمة النظر في مطالبات الأدباء والفنانين، والوقوف إلى جانبهم ونصرتهم بوصفهم طليعة الأمة الفكرية والأدبية، لكن الواجب التاريخي الأهم المناط بأعضاء مجلس الأمة، في زمن ثورة المعلومات والاتصال ومواقع الإنترنت، هو العمل على تأكيد ورفع سقف الحرية، وتأمين قول الرأي والرأي الآخر للجميع، والوقوف بوجه أي تشريع يحد من حرية الإنسان، ويمسه في عقيدته أو رأيه أو سلوكه الشخصي.

محاضرة السيد محمد العبدالجادر، ربما كانت البداية لوصل مهم نتمنى أن يستمر ولا ينقطع.

back to top