نافذة: يوم اختبار الناخب
يوم 17 مايو 2008 يوم تشخص فيه أبصار المرشحين، وتتجمد قلوبهم وتخرس حناجرهم، لكن بعضهم لن يحصد فيه إلا أن يكون اسمه مدونا على ورقة الاقتراع فقط، فإذا كان ضمير الناخب حياً يصل إلى المجلس نائب يستحقه، أما غير ذلك فاللوم على الناخب.
فقدت الكويت يوم الثلاثاء الماضي والداً حبيباً ورجلاً كبيراً وعزيزاً على قلوب أهل الكويت جميعا، بينما تتهيأ لوضع حجر جديد في بنيان الديمقراطية ومسيرتها. فقد كان سمو الأمير الوالد سعد العبد الله السالم الصباح والداً ضحى وكافح في سبيل وطنه وأهله في أحلك الظروف.رحمك الله يا سعد الخير وأسكنك فسيح جناته وعظّم الله أجرنا بفقدانك يا ابن مؤسس الديمقراطية وواضع دستورها.غداً هو يوم اختبار جديد للناخبين في الكويت، ولكنه هذه المرة بحلته الجديدة وتجربته الفريدة لأنه وفق الدوائر الخمس، وهو يوم يراقب كل مرشح ويترقب كل دقيقة تمر وكأنها «ألف ساعة مما تعدون»، ويبقى الأمل في الناخبين وتوجهاتهم وقناعاتهم، بعد أن مرت الساحة السياسية بشهرين على صفيح ساخن، كلما قربت ساعة الصفر ازداد غليانها.فترى مرشحا استخدم الصراخ مادة لكسب الشارع وآخر يبكي على الفضائيات لأنه خائف على أرض الوطن، ومرشحا ينفق الملايين من أجل الوصول سواء كانت للدعاية أو لشراء ذمم البشر، وغيره استخدم أسرة الحكم مكسباً له كي يتصدر الصحف والقنوات الفضائية الكثيرة. ولكن نريد قبل الاختيار ماذا قدم النائب والمرشح الحالي من إنجازات فعلية وليست صوتية وورقية؟ ومن ينفق الملايين من أجل الوصول إلى قبة البرلمان ماذا يريد بعد هذا الإنفاق؟ هل هو خدمة للوطن والمواطن؟ من خلال متابعتنا للندوات والتصريحات على مدار شهرين كان السيناريو واحدا وبمواد متنوعة، فهذا يطالب بالإسكان وآخر بالصحة والتعليم، ولو عددت مطالبهم لسطرت مجلدات عنها، ولكن لم نسمع أحدا يتكلم عن قضية هي أساس الإصلاح والاستمرار في ثبات السلطة سوى مرشحي الدائرة الثانية المعتدلين في طرحهما من دون تجريح لأحد، وهما المحامي محمد عبدالقادر الجاسم وأحمد الديين، وهو الإصلاح السياسي للمسيرة الشاملة في كل المجالات. وعندما أصدرت وزارة العدل قانون الانتخابات الجديد الذي يسمح فيه بنقل صناديق الاقتراع إلى اللجان الرئيسة من الفرعية لم يتصد لهذا القانون سواهما، إذ أوضحا الشبهة التي تحوم حوله من سهولة التزوير، وقس عليها من قوانين أخرى قد تمس المسيرة الديمقراطية وتخريبها، لذلك المشاكل التي يعرضها كل مرشح ولا يضع لها حلولا يعرفها المقيم قبل المواطن، فلا حاجة لتكرارها.مع الأسف هناك نواب سابقون ومرشحون حاليون يتكلمون عن هذه الأوضاع المتردية، وكأنهم لم يكونوا يومها أصحاب قرار، أين أنتم من هذه المشاكل التي منها على سبيل المثال لا الحصر مشكلة بيوت الظهر ق (1) وكثرة شكاوى أهالي المنطقة منها، والتي ظلت أكثر من سنتين هياكل من دون بنائها؟ وأين نواب هذه الدائرة؟ وأين وزارة الإسكان منها؟ الكل منهم تكلم، وكل ناخب سمع، ولكن لا نجد من يتكلم عن روح الدستور وقوانينه إلا القليل. نريد نوابا يؤمنون بالديمقراطية قانونا وروحا وليست شعارا مجردا من معانيه، أو نوابا لا يفقهون من الدستور شيئا.لقد عرفنا أن لكل مرشح أجندته وأطروحاته في مخاطبة أهل دائرته، ولكن كثيرا ما تغيب قضية البنية التحتية ومحاربة شراء الأصوات والمعاقين، وكذلك العمالة السائبة وسكن العزاب، ونقص الكهرباء وغيرها من قضايا مهمة.ووجدنا أيضا في بداية حل مجلس الأمة من طالب في السابق بتعديل الدوائر إلى خمس، وهم الآن يطالبون بالدائرة الواحدة، هل هذا هو الوعي السياسي عند البعض في تخبطاتهم واختلاف آرائهم، والسؤال هو: هل يستحق من بكى وصرخ على الفضائيات أن يكون ممثلا عن الأمة؟ وهل من يشتري ذمم الناس يستحق أن يجلس في قاعة عبد الله السالم؟لذلك كان هذا اليوم، يوم 17 مايو 2008 يوما تشخص فيه أبصار المرشحين، وتتجمد قلوبهم وتخرس حناجرهم، لكن بعضهم لن يحصد فيه إلا أن يكون اسمه مدونا على ورقة الاقتراع فقط، لا يقدم ولا يؤخر شيئا، فإذا كان ضمير الناخب حياً يصل إلى المجلس نائب يستحقه، أما غير ذلك فاللوم على الناخب والبراءة للنائب.