السعادة... 5 مفاتيح لتحقيقها

نشر في 01-06-2009 | 00:00
آخر تحديث 01-06-2009 | 00:00
No Image Caption
أصبحت السعادة موضوعاً يهمّ المفكّرين والعلماء، بل سكّان الأرض جميعاً. يجيب معظم الناس سلباً عن السؤال التالي: «هل سعادة الإنسان ممكنة في هذا العالم؟». فهم يشعرون أن العيش بسعادة مجرّد خديعة يُنادى بها لأغراض أيديولوجيّة، سياسيّة، وتجاريّة. لكن على الرغم من هذا التشاؤم، ما زلنا نجد أشخاصاً ينعمون بالسعادة... لكنّ كثيراً من الناس قريبون منها من دون أن يدركوا ذلك. للوصول إليها، يكفيهم أن يعرفوا المفاتيح اللازمة لبلوغها!

«علم النفس الإيجابيّ» حركة تحاول تغيير وجهة النظر السائدة عن السعادة. وفقاً لعلماء النفس، كشفت دراسات حديثة أن السعادة ليست مفهوماً «جامداً» على مستوى معيّن، حتى أنه قد يصبح «مرناً» أكثر مما نتصوّر.

التمرّن عليها

يقترح أحد المشاريع الحديثة الخاصة بدراسة «علم النفس الإيجابيّ» ممارسة تمارين لتحسين الشعور بالسعادة على المدى الطويل. إليكم تمارين مقترحة:

• في نهاية اليوم، فكّروا بثلاثة أمور إيجابيّة حصلت معكم خلال النهار. الغرض من ذلك: الشعور بقيمة الروتين اليومي.

• اكتشفوا قدراتكم الشخصيّة (حس الفكاهة، الذكاء) عبر ملء استمارة، اختاروا أقوى خمس قدرات لديكم وطبّقوها في حياتكم اليوميّة.

• تمتّعوا بأبسط الأمور الجميلة في الحياة.

• دوّنوا كيف تريدون أن يتذكّركم الآخرون.

• كونوا لطفاء مع الغير من دون التفكير بشيء في المقابل.

مع أن هذه التمارين تبدو بسيطة، إلا أن نتائجها كانت واعدة بالنسبة إلى 500 مشترك في المشروع المذكور. على مدى ست سنوات، أشار المشاركون إلى أنهم أصبحوا أكثر سعادة وتراجعت عوارض الاكتئاب لديهم.

معنى الحياة الحقيقي

وفقاً لعلماء النفس، لا بدّ من ثلاثة عوامل لتتّخذ الحياة معنىً حقيقيّاً: إنها الحياة التي يتصرّف فيها الإنسان بالتناغم مع رغباته:

· التخطيط لمشروع مستقبليّ: هكذا يعرف الشخص ما يريد تحقيقه في حياته خلال الأشهر والسنوات المقبلة. لا مجال إذاً للشعور بالفراغ وفقدان الاهتمام بالحياة.

· الالتزام بتحقيق المشروع: يجهد هذا الشخص للنجاح في مراحل مشروعه كافّة، فيركّز اهتمامه على هذا الهدف وينغمس في العمل عليه.

· وجود تناغم بين المشروع والخطوات المعتمدة لإنجاحه: بعيداً عن أيّ شكوك، يعرف الشخص أنه يقوم بكلّ ما يلزم للنجاح بمشروعه. توفّر له هذه الثقة بأنه يبذل أقصى ما يمكنه تناغماً يُعتبر سعادةً بحدّ ذاته.

التربية العائلية التي تحضّر الطفل ليصبح شخصاً بالغاً سعيداً ينبغي أن ترتكز على:

1 - الوضوح: يعرف الطفل ما ينتظر أهله منه. في العائلة، لا تتسّم الأهداف والعلاقة مع الأهل بالغموض.

2 - الاهتمام: يلاحظ أنّ أهله يهتمّون بما يفعله وما يشعر به.

3 - الاختيار: يشعر بأنّ لديه كمّاً من الاحتمالات التي يمكن أن يختار منها، بما فيها إمكان تجاوز القوانين (على أن يكون جاهزاً لتحمّل عواقب اختياره).

4 - الثقة: تسمح له الثقة بالتخلّي عن «الدرع» الذي يحمله للدفاع عن نفسه، والتخفيف من التركيز على نفسه، أي التصرّف بتلقائية والقيام بما يهمّه.

5 - التحدّي: يجهد الأهل باستمرار لإعطاء أولادهم احتمالات لمواجهة المصاعب المتزايدة.

يشكّل هذا السياق العائلي القاعدة المثالية للعيش بصحة نفسيّة جيّدة والاستفادة من الحياة وتحقيق السعادة. تتوافق هذه الشروط مع عناصر تجربة السعادة القصوى: أهداف وقواعد واضحة، تفاعل حقيقي، الشعور بالسيطرة، التركيز على المهمّة قيد التنفيذ، التحفيز، والتحدّي.

هكذا، يمكننا جميعاً رؤية الحياة من زاوية أخرى بتطبيق تمارين خاصّة بالتفكير الإيجابيّ وباعتماد مفاتيح السعادة الخمسة... ربما يشكّل ذلك بداية السعادة الحقيقيّة!

رأي الخبراء

ما المفتاح السحري لتحقيق السعادة؟

تتّحد عوامل عدّة في هذا المجال: العيش بتناغم مع أكثر القيم أهميّة، لكن الأهمّ برأينا هو تحديد أهداف وأحلام ومشاريع لتحقيقها.

من عوامل السعادة المؤكدة معرفة قيمة ما لدينا: الصحة، العائلة، الأصدقاء، المنزل العائلي... لكنها ليست سعادة دائمة. تكمن السعادة الحقيقيّة في بناء توقّعات حول ما لم نحققه بعد. إنه الانتظار والتشويق والترقّب: يشتعل فينا الأمل ويعطينا حافزاً إلى الأمام.

يشهد متسلّقو الجبال على ذلك. هم لا يشعرون بالرضى عند وصولهم إلى قمّة الجبل، بل يترقّبون خوض الرحلة ومغامرة التسلّق نفسها. يولّد النجاح في عبور العوائق المتعددة للوصول إلى القمّة شعوراً بالرضى. حين يصل المتسلّق إلى القمّة لا يمضي وقتاً طويلاً هناك. يتأمّل المشهد الطبيعي ثم ينزل ويحدّد جبلاً جديداً لتسلّقه. إنها حالة ترقّب لغزو جديد يولّد فيه شعوراً بالحماسة والحيويّة.

يكمن مفتاح السعادة في تحديد الأهداف وترقّب تنفيذها. هل لديكم أهداف وأحلام ومشاريع كبرى تترقّبون تنفيذها في حياتكم؟ إذا كان الجواب «نعم»، فأنتم على الأرجح أشخاص سعداء، وإلا تعرفون ما عليكم فعله.

خمسة مفاتيح للسعادة

1 - استعادة احترام الذات: احترام الذات مهمّ جداً في الحياة لأنه يعزز ثقة الشخص بنفسه، ما يساهم في نجاحه. وتظهر أهميّته في علاقتنا مع الآخر. ثبت أنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بثقة صلبة بأنفسهم لديهم فرص أفضل للنجاح في حياتهم الزوجيّة. من الأسهل على الشخص الواثق بنفسه أن يثق بغيره، وهو أمر مهمّ في أيّ علاقة. كذلك يحدّد احترام الذات نوع الأشخاص الذين سنبني علاقة معهم، فيكونون يشبهوننا من هذه الناحية. إنها خطوة واثقة باتّجاه السعادة.

2 - بناء علاقات سليمة مع الغير: بناء علاقات سليمة مع المحيط خطوة تقود إلى السعادة! من الأفضل الشعور بالسعادة ضمن مجموعة بدل تركيز الاهتمام على النفس. لكنّ تحقيق ذلك يتطلّب وقتاً، وقدرة كبيرة على الإصغاء، وحبّ المشاركة.

3 - الاستمتاع بأبسط الأمور: نعرف جيّداً أن السعادة ليست دائمة. إنها مجموعة من اللحظات الصغيرة التي تتراكم لتعطينا السعادة. لا بد من استغلال كلّ لحظة سعادة! فالنظرات، والضحكات، والقهقات، والمشاركة مع الآخرين، هي بمثابة هدايا صغيرة نتلقاها في سياق حياتنا. تذوّق طبق لذيذ في أحد المطاعم، تأمّل غروب الشمس، اللعب والمرح مع الأطفال، الحصول على التدليك في منتجع، إمضاء اليوم في التسوّق مع أحد الأصدقاء، التفرّج على صور عائلية، التنزه في الغابة، قراءة كتاب أمام المدفأة... الأفكار كثيرة وغير مكلفة للتمتّع بأبسط الأمور في الحياة.

4 - التصالح مع الماضي: غالباً ما يدلّ التعلّق بالماضي على أن مشاكل كثيرة لم تُحَلّ بعد وأن صدمة قويّة ما زالت حاضرة في لاوعينا. هذا ما يشدّنا إلى الوراء ويمنعنا من التقدم. إذا كنّا نجد صعوبة في أداء واجب العزاء مثلاً، يعود ذلك إلى الخوف من موتنا نحن ولأننا بذلك نعيد إحياء الشخص الميت ونبقى أسيري الماضي. التصالح مع الماضي لا يعني نسيانه أو حذفه من حياتنا، بل فهمه وتقبّله للتمكّن من التقدّم في الحياة.

5 - فهم الحياة لإحداث التغييرات اللازمة: لا بد من التصالح مع الذات. تضعنا الحياة في مواجهة مع أنفسنا. غالباً ما ينتابنا شعور بالهزيمة لكثرة العوائق التي نواجهها. لا بد من اعتبار تكرار الفشل مؤشراً على ضرورة تغيير خياراتنا. من المهم إذاً عدم التقليل من قيمة أنفسنا. وبدل اعتبار أخطائنا دليلاً فشلاً، علينا التعلّم منها والتنبّه إلى أنفسنا. في هذه الحالة، تساهم حتى أكثر التصرفات المدمِّرة في إعطاء دافع للبدء من جديد.

ينصحنا الاختصاصيّون إذاً بالتخلي عن تصرّفاتنا الخاطئة المكرّرة والتوقف عن الشعور بأننا ضحايا. إذا كنّا نشعر بالحاجة إلى التعبير عن أنفسنا، علينا أن ندمّر الشخص الذي بنيناه والذي يخنقنا. ما يخنق الضحية هو العيش تحت حكم الخوف: الخوف من الوقوع في الخطأ وعدم الحصول على حبّ الآخرين. الضحية كتلة من الحاجات (قبول الآخر، التملّك، النجاح...) هدفها حصراً الاحتماء من تكرار التجارب السلبيّة. غير أنّ السعادة لا تعني غياب المعاناة. فهي تنجم عن عيش انطلاقات جديدة في الحياة. للتخلص من شعور الضحية، لا بدّ من العودة إلى الذات لمعالجة جراح الماضي بعناية، ومحاولة فهم السبب الذي جعلها تقودنا إلى دور لا يناسبنا، في محاولة لاستعادة التواصل مع الشخصية الكامنة في أعماقنا.

back to top