المال السياسي!

نشر في 20-07-2008
آخر تحديث 20-07-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

لا يحتاج المرء إلى عميق تفكير أو إلى كثير ذكاء لكشف هذه الوسيلة الرخيصة للحصول على منافع خاصة من خلال الدوران عبر فلك المقاومة والاصطفاف خلفها وارتداء عباءتها - وهذه من دون أدنى شك هي الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

يعد المال السياسي من أدوات أي معركة انتخابية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. فالمال هو اللسان لمن أراد فصاحة، وهو السلاح لمن أراد قتالاً، كما يقول الشاعر.

وقد استخدم وطوّع هذا المال بطرق مشروعة وغير مشروعة في الانتخابات النيابية الأخيرة، بحيث استطاع بعض أصحاب الأرصدة المليارديرية الحصول على آلاف الأصوات التي وقف بعضهم أمامها فاغري الأفواه، وأخذتهم الحيرة والدهشة من ضخامة تلك الأرقام، وكيف استطاعوا الحصول عليها؟ لكن يبدو أن ظاهرة هذا المال السياسي لا تتوقف عند حدود الكويت، بل أصبحت عابرة للبلدان وبذلك نكون من أوائل مَن يصدر المال السياسي إلى الخارج.

بداية ومما لاشك فيه أنه شيء مشروع أن يكون التاجر سياسياً أو العكس، فليس هناك أي تعارض أو غرابة في الأمر، وهو مباح ولاغبار عليه على الإطلاق، لكن ما هو مذموم وغير محمود أن يسوِّق التجار، أو إن شئت أصحاب المال السياسي، لمشاريعهم عن طريق أو عبر بوابة استغلال المشاعر والعواطف ودغدغة الأحاسيس للظهور بمظهر الأبطال المدافعين عن المقاومة ونضالها ووجودها، ويعلم القاصي والداني أن أصحاب ذلك المال السياسي لم يلتفتوا في أي مرحلة من مراحل تاريخ المقاومة أو نضالها الى أي مبادرة أو دعم أو تبرع أو حتى تصريح.

لكن يبدو أنه، ومع استقرار الوضع اللبناني نسبياً وهدوء المشهد السياسي الداخلي، فقد أراد هؤلاء الظفر والسيطرة على بعض الفرص الاستثمارية عبر الدخول في شراكات مع بعض السياسيين اللبنانيين مستخدمين الثناء على المقاومة كغطاء لذلك.

لا يحتاج المرء إلى عميق تفكير أو إلى كثير ذكاء لكشف هذه الوسيلة الرخيصة للحصول على منافع خاصة من خلال الدوران عبر فلك المقاومة والاصطفاف خلفها وارتداء عباءتها- وهذه من دون أدنى شك هي الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

هذا يا سادة غيض من فيض ممارسات أصحاب المال السياسي، ولو عادوا قليلاً إلى أرشيفهم الشخصي للمقارنة بين موقفهم من المقاومة في الماضي وموقفهم اليوم لعرفوا مدى الانقلاب على الذات وحجمه.

لكن يبقى السؤال الفولاذي وهو ما مدى التأثير البعيد لهذا المال السياسي في ما لو تعارضت مصالح بعض الساسة اللبنانيين السياسية مع مصالح أصحاب المال السياسي التجارية؟!

back to top