عذراً فلسطين...عذراً سيد حسن

نشر في 09-01-2009
آخر تحديث 09-01-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري تناسى بعض الكُتّاب أن مَن يُقتل في القصف الوحشي الصهيوني ليس مَن وقف ضد الكويت، بل هم أطفال ونساء وشيوخ عزّل لا ناقة لهم ولا جمل في الواقع السياسي العربي التعيس والمواقف السياسية للزعماء والسياسيين.

أفرزت الحرب البربرية، التي تقودها آلة الدمار الصهيونية على أهلنا في غزة وممارسة العقاب الجماعي ضد المدنيين العزَّل، مواقف مستغربة لبعض الكتّاب في صحافتنا المحلية، فبدلا من أن يكون هناك موقف مبدئي وجماعي تجاه هذا العدوان الهمجي الذي سبقه حصار لا إنساني دام لأكثر من عام ونصف العام، مُنع خلاله عن الشعب الفلسطيني أبسط الوسائل التي تكفل الحد الأدنى من الحياة، نجد أن بعض الكتّاب سَنَّ قلمه وشحذ همته للدفاع عن وجهة النظر الصهيونية وتبرير أسبابها بتحميل حركة «حماس» سبب هذه الحرب، وكأن الضحية هو الملام وليس الجلاد.

بل إن البعض قام، ولتسويق وجهة النظر الصهيونية وخلق نوع من التعاطف معها، بفتح الدفاتر القديمة لقضية احتلال الكويت، مذكراً بمواقف بعض القيادات الفلسطينية من ذلك، متناسياً أن مَن يُقتل في القصف الوحشي الصهيوني ليس مَن وقف ضد الكويت، بل هم أطفال ونساء وشيوخ عزّل لا ناقة لهم ولا جمل في الواقع السياسي العربي التعيس والمواقف السياسية للزعماء والسياسيين.

لم أتوقع أن يكون بعض الكتّاب مدافعين بالوكالة عن الكيان الصهيوني وعن بعض الأنظمة العربية التي تخلت عن التزاماتها التاريخية تجاه القضايا العربية منذ زمن مضى، واستغرب من البعض محاولة خلط الأوراق باعتبار أن اللوم والعتب الموجه إلى بعض الأنظمة العربية وكأنه إدانة للتاريخ وللشعب.

كل الحب والتقدير لمصر ولشعبها العظيم لما قدماه إلى القضية الفلسطينية وإلى مجمل القضايا العربية، ولكن هذه المحبة لاتمنعنا من أن نقولها وبكل صراحة إن مصر مازالت تلبس ثوب الحداد الأسود على جمال عبدالناصر، فبعد «كامب ديفيد» المشؤومة ومصر- الدولة وليس التاريخ والشعب- خارج معادلة الصراع العربي-الصهيوني نتيجة للاتفاقيات التي كبلتها وحدّتْ من حركتها العسكرية في سيناء وفي مضايق البحر الأحمر.

إن محاولات البعض لإعفاء الذات من أي التزام تجاه أهلنا في فلسطين لا يعني خلق صراعات جانبية بعيدا عن القضية الأساسية التي تتجسد في ضرورة دعمهم، ولو بالحد الأدنى من التأييد بالموقف فقط.

والغريب أيضا أن بعض منتسبي الإسلام السياسي بدلاً من أن يدعو إلى وحدة الصف الفلسطيني في هذا الوقت اتبعوا أيضا أسلوب خلط الأوراق بنصرة فصيل فلسطيني على حساب الآخر، ولكن في هذا الزمن السيئ لا نقول سوى:

عذراً يا فلسطين... فقد وصلنا إلى مرحلة من الهوان والاستسلام نصف فيها كل من يدعو إلى مقاومة المحتل الصهيوني مراهقا سياسيا!

عذراً يا فلسطين... فلقد لاموا «فتح» عندما فاوضت ولاموا «حماس» عندما حاربت! عذراً يا فلسطين... فأنت دائما وحدك في السلم والحرب!

عذراً يا فلسطين... فاتفاقية الدفاع العربي المشترك أصبحت ضمن المخطوطات العربية العتيقة!

عذراً يا فلسطين... فالجيوش العربية أصبحت قوات حفظ أمن داخلي فقط!

عذراً يا أهل فلسطين... فما لكم إلا الله وأنفسكم.

عذراً يا سيد حسن نصرالله... فقد وصلنا إلى مرحلة من التخاذل نصف فيها من يدعو الأنظمة العربية إلى اتخاذ مواقف جادة تجاه الطغيان الصهيوني بأنه مأجور ومدفوع من إيران! وأنت فعلا مأجور... لكنك مأجور من الله.

عذراً يا سيد حسن... فلم يجد بعض المتخاذلين ما يعيّرونك به سوى محاولات جرك لتبرير المواقف الإيرانية والسورية، متناسين أنك مواطن لبناني ولست مسؤولا رسمياً في أي من البلدين.

يا سيد يكفيك فخراً أنك قرنت القول بالفعل في مواجهتك للمحتل الصهيوني، وقدمت زينة الحياة الدنيا في هذه المواجهة؛ بذلت المال وقدمت ابنك ضمن قوافل شهداء المواجهة مع هذا الكيان، فماذا قدموا هم؟

back to top