معتقل جنوب السرة

نشر في 21-08-2008
آخر تحديث 21-08-2008 | 00:00
 ضاري الجطيلي يصادف هذا الأسبوع مرور عام على قيام جهاز أمن الدولة باختطاف الزميلين بشار الصايغ وجاسم القامس عند مبنى «الجريدة»، وحبسهما في معتقل أمن الدولة في جنوب السرة، وذلك إثر قيام شخص بالمساس بالذات الأميرية في موقع «الأمة» الإلكتروني العائد للصايغ، وقد اعتقل القامس أثناء قيامه بواجبه كصحافي بتصوير عملية الاختطاف.

لقد تجسدت في تلك الحادثة مخالفات دستورية عدة وانتهاكات لحقوق الإنسان، كاختطاف الصايغ من قبل عناصر أمن الدولة المتنكرين باللباس المدني من دون التعريف بأنفسهم أو إبراز إذن النيابة، واختطاف القامس على الرغم من أنه لم يكن مشتركاً في التهمة الموجهة الى الصايغ، والعبث بهواتفهما والاطلاع على رسائلهما الخاصة ومحتويات محافظهما، وتفتيش منزل الصايغ وأجهزة الكمبيوتر الخاصة به من دون إذن النيابة، واحتجاز القامس وإهانة كرامته بتعذيبه نفسياً وجسدياً وإجباره على التوقيع معصب العينين، واحتجاز الصايغ لأيام رغم علم محتجزيه ببراءته، وما تعرض له من تحقيق مهين على طريقة «أنت شيعي أم سني؟» فالمواد الدستورية 30 و31 و33 و34 و38 و39 تم خرقها في تلك الحادثة. ما شاء الله هذا ونحن نتحدث عمن هم مؤتمنون على حفظ الأمن وتطبيق القانون.

ولم تقف وزارة الداخلية عند هذا الحد، بل أساءت التعامل مع الحدث، إذ عقد وكيلها بالإنابة آنذاك اللواء أحمد الرجيب مؤتمراً صحافياً مليئاً بالمغالطات دافع فيه عن إجراءات رجاله وتحرياتهم، بينما انتهت القضية بعدم توجيه تهمة الى القامس رغم احتجازه ليلة كاملة، كما برأت التحقيقات الصايغ، ولم نر منذ ذلك الحين أي إجراء لمحاسبة المخطئين ورد الاعتبار للزميلين والصحافة بشكل عام، ولم تكلف «الداخلية» نفسها للاعتذار عن تضليل الرأي العام في المؤتمر سيئ الذكر. والمفارقة أنه في يوم المؤتمر نفسه الذي رفض فيه الرجيب اتهام رجاله بالتعذيب، أكد اللواء ثابت المهنا لصحيفة «الراي» في قضية منفصلة تعرض مقيمين مصريين للتعذيب في «مباحث هجرة الشويخ»، ويمر العام فتحكم محكمة التمييز في قضية أخرى منفصلة بتعويض مواطن تعرض للتعذيب على أيدي رجال الشرطة الذين تسببوا في إحداث عاهة مستديمة له (راجع القبس 11 أغسطس 2008).

لم يكن الصايغ والقامس أول وآخر من تعرض لانتهاكات رجال الشرطة، وهذا هو الهدف من إثارة الموضوع، إذ كان من حسن حظ الزميلين انتماؤهما الى التحالف الوطني الديمقراطي وصحيفة «الجريدة» اللذين قادا حملة الإفراج عنهما، والدور الذي لعبته علاقاتهما بين الأوساط السياسية والإعلامية والمدونات. ولكن ماذا عن غيرهما ممن قد لا يتوافر لهم الدعم الذي حظيا به وتمر قضاياهم بعيداً عن وسائل الإعلام؟ ماذا عن البدون والمصري والبنغالي ممن لا نصير لهم؟ هل يصح أن يستمر مسلسل إهدار كرامات الناس على أيدي المؤتمنين على صونها؟

Dessert

لقد كانت للنواب أحمد السعدون وأحمد المليفي وأحمد لاري وقفة مشرفة أثناء المحنة، وأنتهزها فرصة بعد مرور عام كامل لأذكرهم وزملاءهم بوعودهم بفتح ملف انتهاكات جهاز أمن الدولة.

back to top