ورش السيناريو... أزمة إنتاج أم إبداع؟
هل حقًا تعود أزمة السينما إلى ندرة كتاب السيناريوهات؟ أم أن ثمة مواهب إبداعية عدة في مجال الكتابة السينمائية، تمتلك القدرة على انعاش السوق السينمائية؟
هل يمكن لورش السيناريو المنتشرة راهنًا أن تثري الدراما بكتاب ومؤلفين جدد؟ أم أن المستوى العام لكتاب السيناريو هو الذي ساهم في هبوط مستوى الأفلام.في التحقيق التالي، نسعى إلى كشف الستار عن طبيعة تلك الأزمة وأبعادها من خلال مجموعة من المتخصصين والسينمائيين والنقاد.تؤكد المخرجة السينمائية كاملة أبو ذكرى أن مصر تعاني من أزمة حقيقية على مستوى كتابة السيناريو، تقول: «يجب أن نعترف بأن السينما لدينا تعاني من أزمة نصوص، تلك الإشكالية هي أخطر ما يواجه صانعي السينما الآن، لذا يجب أن يحرَّر الفكر والإبداع من أي قيود كي نعبر الأزمة التي تشمل الحياة المصرية برمتها».مشكلة الإنتاجمن ناحيته، يرى الناقد السينمائي رؤوف توفيق أن مصر عامرة بالمبدعين والمبدعات في مجال كتابة السيناريو، يقول: «لدى هؤلاء أفكار جريئة ورؤى وأطروحات فنية مبهرة في كثير من الأحيان، تكمن المشكلة في شركات الإنتاج التي تحجم عن إنتاج المشاريع السينمائية، باعتبارها لن تدر أرباحاً هائلة كما ترغب. في تقديري، الساحة السينمائية اليوم مليئة بعشرات بل مئات السيناريوهات التي من شأنها أن تبعث الحياة في السينما المصرية مجدداً». تتفق المخرجة السينمائية هالة خليل مع الناقد رؤوف توفيق موضحةً: «لا تعاني السينما المصرية من أزمة بسبب النصوص، خصوصاً أن ثمة الكثير من كتاب السيناريو المبدعين والموهوبين ظهروا أخيراً، لكن للأسف، أعمالهم لا ترى النور بفضل جهات الإنتاج التي لا تهدف إلا للربح».يختلف المخرج السينمائي د. علي الغزولي مع ما طُرح سلفا، ويُرجع أزمة النصوص السينمائية إلى أزمة الإبداع، ويؤكد أن في مصر ثمة ندرة حقيقية في الكتاب المبدعين، خصوصاً أنها موهبة خلاقة تعتمد على الخيال والابتكار والخلق.أما عن ورش السيناريو والدور الذي تؤديه في حل تلك الأزمة، يرى الغزولي أنها أشبه بمدرسة عملية لكتاب السيناريو، وبمرور الزمن يمكن أن يتخرج منها حرفيون لديهم القدرة على تنفيذ سيناريو جيد بحسب الأصول والقواعد الدرامية.أزمة مجتمعأما المخرج السينمائي محمد كامل القليوبي فيرى أن السينما المصرية تعاني من أزمة حقيقية أشبه بالانهيار الذي يعيشه المجتمع المصري راهناً، على الصعد كافة، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، يقول: «ما يحدث في السينما الآن يكشف العورات الحقيقية للمجتمع، الأفلام الأكثر إنتاجا هي الأكثر سذاجة وبلاهة، أما السيناريوهات الجيدة فستظل حبيسة الأدراج ولن يفرج عنها إلا بعد أن يتغير ذلك المناخ الإنتاجي القاتم، بدليل أن ثمة مشاريع تخرّج لطلبة معهد السينما تتضمن نصوصاً جيدة ترقى إلى الإنتاج السينمائي».يختلف الناقد السينمائى مصطفى درويش مع ما طرحه القليوبي قائلا: «أزمة السيناريو أعمق من أزمة إنتاج لا تتحمس لتقديم أفكار جريئة، تبدأ تحديدا من مستوى التدريس في معهد السينما، والمحصلة نراها اليوم واضحة تماما في القائمين على صناعة السينما».يضيف درويش: «تكمن الأزمة أيضا في تخلي كتاب السيناريو عن مواصفات الكتابة وقواعدها حتى أصبح السيناريو الآن مهنة من لا مهنة له. وقد اقتحم كتاب سيناريو الساحة وحققوا شهرة مع أن أفلامهم تافهة ولا ترقى إلى مستوى العرض المحلي، من بينهم الكاتبة زينب عزيز وتحديدا في فيلمها «ألوان السما السابعة» الذي سبقته ضجة هائلة بأنه سيرفع مستوى السينما المصرية وسينهض بها نحو العالمية، لكنني فوجئت بأن الفيلم دون المستوى والسيناريو مفتعل والتركيبة الدرامية بلا منطق، ويتضمن قدراً عالياً من الابتذال، لذا أرى أن كتاب السيناريو الآن أقرب إلى مستوى الهواة على المستوى العام».يتابع درويش: «ثمة استثناءات بالطبع تبشِّر بالخير مثل السيناريست وسام سليمان، فهي تمتلك أدواتها ولديها لغة متميزة وجيدة أيضا، كذلك المخرجة هالة خليل التي أبدعت على مستوى السيناريو، والسيناريست تامر حبيب الذي قدم تجارب جيدة. لكن في المجمل السيناريو في حالة رثة، يعاني غياب المعايير الفنية التي يمكن أن تدفع السينما إلى الأمام».