ماكين شهر سلاحه في وجه أوباما: سارة بالين

نشر في 31-08-2008 | 00:01
آخر تحديث 31-08-2008 | 00:01
باختياره سارة بالين، حاكمة آلاسكا البالغة من العمر 44 ربيعاً، نائبةً له في الانتخابات الرئاسية عشية عيد ميلاده الثاني والسبعين أول من أمس، بدا المرشح الجمهوري جون ماكين مغامراً من الطراز الأوّل يراهن على تعويض قلّة خبرة نائبته في السياستيْن الخارجية والداخلية بقدرتها على جذب المصوّتين من المحافظين والنساء، كون المعركة التي تلوح في الافق تتمثل بكسب أصوات الولايات المستقلّة، غير المحسوبة على طرفٍ معيّن والمصوتين المتردّدين، خصوصاً ممّن حملوا راية هيلاري كلينتون ولم ينجح أوباما في ضمّهم الى نضاله الرئاسي.

ويروّج ماكين لميزةٍ أساسية في نائبته: صورتها كأمٍ متواضعة ومناضلة وإداريةٍ ناجحة تعشق «الاصلاح» وتنأى بنفسها عن «فساد» واشنطن: «إنّها تماماً من أحتاج اليه، ومن تحتاج إليه الولايات المتحدة» قال بنبرةٍ واثقة في الاحتفال الذي نُظِّم في أوهايو للمناسبة.

ولا ينكر أحد على السيدة التي وقع عليها اختيار ماكاين مسيرةً مذهلة، فحتى خصمه باراك أوباما ونائبه جوزف بايدن أشادا بها في بيانٍ أصدراه عقب اختيارها واصفين سيرتها بـ"الاستثنائية" وشخصيتها بـ"المثيرة للاعجاب" رغم قلّة خبرتها السياسية المدوّية.

وبالين المحافظة الصلبة أمٌ لخمسة أولاد وكانت عضواً في فريق مدينة «واسيللا» لكرة السلة ونالت آنذاك لقب «ساره باراكودا» لشدّة شراستها في اللعب، لتُنتخَب لاحقاً ملكة جمال المدينة وتشغل منصب رئاسة البلدية فيها بين 1996 و2002 وهي حاكمة ألاسكا منذ 2006.

ولعلّ أبرز صفات بالين مشاطرتها المرشح الجمهوري خطّه السياسي، فهي معارضة شرسة للاجهاض ورفضت اللجوء إليه أثناء حملها بطفلها الخامس المصاب بالتثلُّث الصبغي المنغولي، كما أنّها عضو في لوبي مناصري حمل الاسلحة النارية ومن أشدّ الداعين الى بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي عبر ألاسكا.

لم يصفّق المحلّلون جميعاً لخطوة ماكاين. فما أقدم عليه قد يثير قلق المصوّتين سيما أنّه ليس في مقتبل العمر ويعاني من تاريخٍ حافلٍ بمرض سرطان الجلد. وذهب البعض الى وصف قراره بـ «المجازفة الكبرى» واصفين خياره بـ «المُحرِج» تماماً كما كانت الحال مع اختيار جورج بوش لدان كوايل في الماضي. واختصر حاكم ماريلاند روبرت ايرليتش تقاعس الجمهوريين بجملةٍ مقتضبة نطق بها بابتسامةٍ صفراء: «لم أتمكّن بعد من هضم هذه المفاجأة المروّعة!».

وبالنسبة الى المشككين يكون اختيار نائب الرئيس قراراً نابعاً من ضرورة ضمان مساعدة الأخير المرشح على الفوز في الانتخابات أولاً، وربما الحكم لاحقاً، وهو هدف لا يأتي إلا في المرتبة الثانية في سلمّ أولويات عملية الاختيار. وغالباً ما يختار المرشحون للرئاسة نائباً للرئيس يسعون من خلاله الى إحلال توازن جغرافيّ أو كسب ودّ جزء من الناخبين المترددين لسببٍ أو لآخر. ولعلّ أفضل الأمثلة اختيار جون ف. كينيدي لليندون جونسون نائباً له على الرغم من أنّ أحدهما لا يطيق الآخر، ولم يقبل جونسون بهذا الخيار الا لتأكّده من خسارة كينيدي آنذاك.

ولكن استبعاد كلّ من تيم بولنتي وحاكم ماساتشوستس السابق رومني وسيناتور كنكتيكت ليبرمن لصالح حاكمة ألاسكا لم يكن محض صدفة، إذ ليس لبولنتي من تأثير الا في مينيسوتا، أما ليبرمان فلا يثير حماسة المحافظين، فيما لا يدغدغ الحاكم رومني آمال الطبقة العاملة البيضاء المستاءة من السيناتور أوباما. باختياره بالين أرضى ماكاين الجميع ووجّه رسالةً واضحة الى الناخبين وهي أنّه مرشح نزيه، يقدّر الكفاءات والطبقة الكادحة ونظافة الكفّ، وهي خصالٌ حميدة يتبجّح الديمقراطيون بتوافرها في مرشحهم أوباما. «اخترتها لأنّها جمعت الديمقراطيين والجمهوريين تحت سقفٍ واحد وكافحت ضدّ هيمنة شركات النفط الكبرى والفساد».

وطبعاً لم يفته ذكر أهمّ ميزة في أيّ شخصٍ يدّعي حبه الولايات المتحدة: استعدادها للتضحية بفلذة كبدها، ابنها البكر تراك الذي جُنِّد للخدمة العسكرية في العراق منذ فترة ليست ببعيدة!

back to top