ما قل ودل : المحكمة الجنائية الدوليـة (9) جرائم الحرب

نشر في 20-10-2008
آخر تحديث 20-10-2008 | 00:00
 المستشار شفيق إمام كانت جرائم الإبـادة والجرائم ضد الإنسانية، التي قننها نظام رومـا الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هي محور مقال الاثنين الماضي من هذه السلسلة من المقالات، لترد جرائم الحرب في مقال اليوم خاتمـة للجرائم التي تختص المحكمة الجنائية الدوليـة بمعاقبـة مرتكبيها.

وقد عرفت المادة (7) من نظـام رومـا الأساسي «جرائم الحرب» التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة بأنها تعني:

(أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس 1949.

(ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحـة في النطاق الثابت للقانون الدولي والذي يحظر تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد مواقع مدنية أو ضد أفراد ومنشآت ومركبات مستخدمـة لمهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام، وتعمـد شن هجوم واسع، مع العلم بما يترتب على هذا الهجوم من خسائر في الأرواح وإصابات بين المدنيين وإضرار بالبيئة الطبيعية.

(ج) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وللقوانين والأعرف السارية على المنازعات في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، باستعمال العنف والاعتداء على كرامـة الأشخاص وأخذ الرهائن وإصدار وتنفيذ إعدامات.

ولئن كنا قد حرصنا على أن نعرِّف جرائم الحرب، في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليـة، بالقدر الضروري اللازم لإلقاء الضوء على اختصاص هذه المحكمة، دون سرد الصـور المختلفـة لهذه الجرائم والتي لا يتسع لها مقام المقال الصحفي، إلا أنه من المفيد والضروري كذلك ألا يحول هذا الاجتزاء بيننا وبين إيراد الجرائم الواردة في النظام الأساسي للمحكمة التي ترتبط بما يقع على الأرض الفلسطينية من جرائم حرب بشعـة يصمت عنها المجتمع الدولي، والتي نوردها فيما يلي:

أولاً: جرائم الحرب التي ترتكب على الأرض الفلسطينية

وهي أفعال ترتكب في كل يوم وفي كل ساعـة، من قوات نظاميـة لدولة محتلة، بما يوقع هذه القوات وحكام إسرائيل تحت طائلة عدد من الجرائم التي حددها نظام رومـا للمحكمة الجنائية الدوليـة، وهي:

1- القتل العمـد، من خلال اغتيال الرموز الفلسطينية والنشطاء الفلسطينيين.

2- التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للفلسطينيين عند اغتيالهم واحتجازهم في السجون الإسرائيلية التي تفتقد أبسط حقوق الإنسان، واحتجازهم عند المعابر لمدد طويلـة.

3- تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين.

4- إعاقـة قوات الاحتلال لمركبات الهلال الأحمر التي تقدم مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين.

5- مهاجمـة وقصف المدن والقرى والأحياء السكنية والمباني التي لا تشكل أي أهداف عسكرية.

6- قيام سلطات الاحتلال، بإبعاد وتهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم وبيوتهم، وإقامـة مستوطنات لليهود على الأرض المحتلـة.

7- توجيه هجمات وقصف المدارس والمعاهد التعليميـة والمستشفيات والأماكن الدينية.

8- تصريحات حكام إسرائيل وقادة الجيش وأركانه والمتطرفين من الجماعات الدينية اليهودية بعدم الإبقاء على فلسطيني واحـد فيما يسمونها بأرض الميعـاد.

9- استخدام القوات الإسرائيلية الرصاصات المطاطة التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري، والمحرمـة دولياً.

10- الاعتداء على كرامـة المواطنين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني.

11- تعمد تجويع الشعب الفلسطيني من خلال حرمانه من ضرورات الحياة.

ثانياً: صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم

ولئن كانت المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تقيد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بقيد أساسي، هو ما تنص عليه المادة السابعة من هذا النظام في الفقرتين (د ، هـ) من عدم انطباق الجرائم المرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكاً فعليا في الأعمال الحربية، عند وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، وجرائم تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون لدولي في حالات الإضرابات والتوترات الداخلية مثل أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعـة وغيرها من الأعمال ذات الطبيعـة المماثلـة.

إلا أنه استثناء لا يسري إلا على الجرائم التي حددتها الفقرتان (د ، هـ) من المادة السارية من النظام الأساسي للمحكمـة، فلا يسري على الجرائم السابقة التي ترتكب في الأرض الفلسطينية فضلاً عن عدم انطباق هذا الاستثناء على أعمال المقاومـة الفلسطينية المشروعة لقوات الاحتـلال.

ومن هنـا، فإن أصابع الاتهام في صمت المجتمع الدولي على الجرائم الدولية المرتكبة على الأرض الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني، توجه إلى جريمـة الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001، التي لايزال يلفها الغموض من كل جانب، وتوجه أصابع الاتهام فيها إلى الصهيوينة العالمية، التي لها تاريخ قديم وجذور عميقة في الإرهـاب. وكانت الضحية الأولى في هذه الجريمة هي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة التي لم تعد تلقى ما كانت تلقاه من اهتمام المجتمع الدولي قبل الحادي عشر من سبتمبر.

فرؤساء إسرائيل ومنهم بن غوريون، وشيمون بيريز الرئيس الحالي، دبرا في عـام 1954 مؤامرة لنسف السفارة الأميركية ومنشآت أميركية وبريطانية بالقاهرة، للإيقاع بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر، وكي تتخذ بريطانيا من هذه الحوادث ذريعـة لعدم الجلاء عن مصر الذي كان محددا له الثامن عشر من يونيو عام 1954، وهي المؤامرة التي عرفت في إسرائيل بـ«فضيحة لافون» وزير الدفاع الإسرائيلي، الذي زوَّر بن غوريون توقيعـه.

واغتيال الوزير البريطاني لورد موين، الوزير المقيم في الشرق الأوسط، بأيد إسرائيلية، تم القبض عليها فور ارتكاب الجريمـة، واغتيال برنادوت الوسيط الدولي، وتفجير فندق الملك داوود الذي كانت تتخذه إدارة الانتداب البريطانية على فلسطين مقراً لها، ومذابح صبرا وشاتيلا التي ارتكبها شارون، واغتيال همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة، أمثلـة لم يمحها الزمـن من الذاكرة العربية، فهي دليل لا يرقى إليه شك بأن جريمة الحادي عشر من سبتمبر هي جريمة خطط لها الموساد الإسرائيلي، ودبرها وأمدها بالمعلومات والتقنيات كلها حتى لو كانت قد تمت بأيد عربية وإسلامية، في ضوء ما جرى من تحقيق وما اعترفت به «القاعدة».

وقد كشف مفكرون وعسكريون معظمهم أميركي و«حركة الحقيقة بشأن الحادي عشر من سبتمبر»، وهي منظمة أنشأها في الولايات المتحدة الأميركية خمسون أكاديميا ومفكرا ومنهم خبراء عسكريون سابقون، وكتاب «الحادي عشر من سبتمبر والامبراطورية الأميركية» الذي أصدره في أميركا ديفيد راي جريفين وبيتر ديل سكوت، و«مشروع مراقب» الذي تبناه قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة سونوما الأميركية منذ عام 1976، للكشف عن التعتيم في الإعلام الأميركي، أن لجنة 11 سبتمبر التي شكلتها الإدارة الأميركية للتحقيق في أحداث هذا اليوم لم يكن بين أعضائها أي عضو قادر على تقييم الأدلة من الناحية العلمية والعملية، وأن الأقرب إلى تدمير البرجين التوأمين في هذا اليوم حسب تحليل ستيفين جونز أستاذ الفيزياء بجامعة برمنجهام، هو استخدام متفجرات مزروعة سلفا، مع تلفيق الرواية الرسمية الأميركية عن هذا الموضوع لفرض الهيمنة الأميركية على العالم تحت قناع الحرب على الإرهاب، وللتقليل من سقف الحريات الممنوحة للشعب الأميركي.

back to top