قنابل موقوتة بيننا

نشر في 08-05-2008
آخر تحديث 08-05-2008 | 00:00
 ضاري الجطيلي في مقابلة مع أحد مرشحي التيار الديني في برنامج «أمة 2008» على إحدى القنوات الفضائية، سأله مقدم البرنامج محمد الوشيحي عمن يتحمل مسؤولية الشبان الكويتيين الثلاثة الذين توجهوا للعراق وفجروا أنفسهم بعمليات انتحارية؟ فأجاب المرشح بكل ثقة وبرود «الحكومة تتحمل المسؤولية» لأنها لم تراقبهم وتركت لهم المجال مفتوحاً ليذهبوا إلى العراق. ثم سأله عن الفتاوى التي تحرضهم على خوض معارك هم ليسوا طرفاً فيها، فرد المرشح بأنهم من المؤكد لم يستمعوا إلى فتاوى علماء دين، بل طلبة علم. هكذا وبكل سهولة وجد مخرجاً للسؤالين وكأن الأمر سياسي يقع في خانة اللوم والتبرير، متناسياً أن هناك أرواحاً فُقدت هي أسمى من الانتخابات ولعبها السياسي.

بإجابته هذه تتلخص مشكلة الإرهاب التي تعانيها الإنسانية والعالم كله. شيوخ دين وسياسيون دينيون يصدرون فتاوى الجهاد، فيتلقفها الشباب وينفذونها مزهقين أرواحهم وأرواح كثيرين غيرهم، بينما مصدري الفتاوى والمطبلين لها جالسون في بيوتهم منتفخي البطون ويهنأون بمتاع الدنيا، وعندما يسألون عما فعلوا، يضعون اللوم على غيرهم.

حسب علمي فإن الحكومة لم تقم بتجنيدهم وإرسالهم إلى أفغانستان والعراق كما يفعل بعض الجماعات، ولم تجمع التبرعات لتمويل عملياتهم بحجة الجهاد كما يفعل بعض الجمعيات الدينية، ولم تمجد طالبان ولم تسم بن لادن «شيخنا» كما سماه النائب السابق وليد الطبطبائي، ولم تحرض الطوائف على بعضها ولم تهدد بمراقبة الحسينيات كما فعل ثوابت الأمة ومحمد هايف، ولم تحارب الجمال والفرحة والبسمة والوردة الحمراء كما تفعل لجنة الظواهر الدخيلة، ولم تطعن بأشراف الناس باسم الدين فقط لأنهم خالفوها بالرأي كما فعلت جمعية الإصلاح.

إن عملية «غسل الدماغ» التي خضع لها هؤلاء الشباب هي إحدى نتائج الصحوة الإسلامية المزعومة التي يتكسب منها التيار الديني في كل انتخابات، فأصبحوا قنابل موقوتة تمشي بيننا. نقول ذلك ونحن نعيش مرفهين في دولة لا يوجد بها فقراء بالمعنى الصحيح، ولا توجد فيها بطالة حقيقية، فما بالك لو أيقنا أن نصف الشعب الكويتي أعمارهم تحت الأربع وعشرين سنة وأن خلال العشرين سنة المقبلة على الاقتصاد أن يخلق أكثر من ثلاثمئة ألف فرصة عمل؟ إنها كارثة تلوح في الأفق ما لم نفعل شيئاً حيالها.

Dessert

إذا استمرت إدارة البلد كما هي في ظل إيصال نواب إلى مجلس الأمة يرفعون الشعارات العاطفية التي تدغدغ مشاعر الناس تجاه الدين، واستبعاد المرشحين أصحاب الرؤى والحلول العملية للتنمية والتعليم والصحة والاقتصاد، فإن البلد بأكمله سيتحول إلى قنبلة موقوتة.

back to top