هل نجاح النوادي الإنكليزيّة دليل عافية؟

نشر في 17-05-2008 | 00:00
آخر تحديث 17-05-2008 | 00:00

لمَ نطرح هذا السؤال الآن؟

ما لم تكن موجوداً في كهف في جزيرة ما على مدى الساعات الأربع وعشرين الماضية، ما كنت لتغيب عن واقع أنه، للمرة الأولى في التاريخ، ثمة ناديين انكليزيين هما Manchester United وChelsea يتباريان في إطار نهائي دوري الأبطال لكرة القدم الذي سيجرى في موسكو في 21 أيار (مايو). أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين يستطيعون أن يعودوا بالذاكرة إلى ما قبل عام 1992 كان ذلك نهائي الكأس الأوروبي لكرة القدم، الكأس الكبير. الكأس الذي يرغب فيه كل عملاق في لعبة كرة القدم من ميلانو إلى ميونيخ فمدريد.

من هم المساهمون في ذلك؟

لدى كل من United وChelsea أكبر مجموعة من اللاعبين الإنكليز البارزين من بين جميع النوادي المشاركة في الدوري الإنكليزي Premier League. في الزاوية الزرقاء، أي لدى نادي Chelsea، سيكون هناك اللاعبون جون تيري الملقب بجي تي، فرانك لامبارد الملقب بلامبسي، جو كول الملقب بكولي، شون رايت فيليبس «أس دبليو بي»، آشلي كول «آشلي» وواين بريدج «بريدجي». أما في الزاوية الحمراء، أي لدى نادي United، سيكون هناك فردينان ريو «ريو»، واين روني «وازا»، بول سكولز «سكولزي»، أوين هارغريفز «هارغريفز»، ويس براون «ويس»، مايكل كاريك «كاريك» وغاري نيفيل الملقب بـ«ريد نيف». وفي 21 أيار (مايو) سيبدو مدرج ملعب لوزنيكي في موسكو أشبه بأرض ملعب يستضيف الدوري الانكليزي بعد ظهر يوم سبت.

ألم يساهم اللاعبون الأجانب بشكل ملحوظ؟

ثمة عدد كبير من اللاعبين الأجانب، والإنطباع السائد هو أن سبب بروز كرة القدم الإنكليزية في هذا الوقت لا يعزى إلى وجود رجال انكليز في الفرق البارزة بقدر ما يُعزى إلى الثروة المذهلة التي تدفع إلى بعض أبرز نجوم كرة القدم في العالم. ومن بين هؤلاء لدى Chelsea ديديي دروغبا ومايكل بالاك، اللذين يتقاضى كل منهما 100 ألف جنيه استرليني وما فوق في الأسبوع.

أما United فلديه كريستيانو رونالدو وهو اللاعب الأفضل في العالم، ويتقاضى 120 ألف جنيه استرليني في الأسبوع، وما زال في الثالثة والعشرين من عمره. في الصيف الماضي، أنفق هذا النادي جزءاً كبيراً من مبلغ 40 مليون جنيه استرليني على نفقات انتقال لويس اندرسون ولويس ناني اللذين كانا يلعبان في البرتغال.

إذا كانت كرة القدم الانكليزية بهذا المستوى الجيد، كيف يمكن للمنتخب الانكليزي أن يكون بهذا الوضع المربك؟

هذا صحيح، ففي السابع من حزيران (يونيو) تنطلق البطولة الأوروبية لكرة القدم Euro 2008، من دون المنتخب الإنكليزي. وهذه هي المرة الأولى التي لا يتأهل فيها هذا المنتخب لمباراة دولية منذ مباريات كأس العالم لعام 1994. ويُذكر أن هذا الأمر تسبب بإحراج وطني على نطاق واسع، وألقيت المسؤولية عنه على عاتق المدير السابق ستيف مكليرين. وفي هذا السياق يشار إلى أن الخسارة الكبرى التي منيت بها بريطانيا في السنة الماضية كانت ضد روسيا في تشرين الأول (أكتوبر)... في ملعب لوزنيكي.

هل سبق أن سيطرت النوادي الانكليزيّة على كأس أوروبا؟

أجل، بين عامي 1977 و1982 كان أحد النوادي الانكليزية يفوز بالكأس كل سنة. وبالعودة إلى ذلك الوقت، كان التنافس في المباريات مفتوحاً، أي أن الأبطال فحسب من كل فريق محلي كانوا يتأهلون ولم تكن الثروة تسيطر بشكل كبير على كرة القدم. ويُشار إلى أن نادي Nottingham Forest فاز بالكأس مرتين (عامي 1979 و1980) بإدارة المدرب براين كلوف.

كذلك، فاز ليفربول بالكأس ثلاث مرات في تلك المرحلة، أما Aston Villa ففاز بها عام 1982. وفي ذلك الوقت كان هذا النادي بعهدة توني بارتون الذي انتقل لاحقاً إلى نادي Northampton Town.

هل المدرِّب يصنع الفرق؟

هذا ليس رأي المعجبين بنادي Chelsea. فمدربهم هو افرام غرانت الذي لم يكن معروفاً خارج بلاده إلى أن خلف خوسي مورينو في أيلول (سبتمبر) وهذا ما سبب جدلاً كبيراً. وغرانت صديق مقرب لرومان ابراموفيتش، صاحب المليارات الروسي الجنسية الذي موّل نجاح نادي Chelsea بمبلغ ناهز 580 مليون دولار على مدى السنوات الخمس الماضية. ويُذكر أنها المرة الأولى التي يصل فيها هذا النادي إلى نهائي دوري الأبطال، لكن على رغم ذلك لن يهتم المعجبون بإسم غرانت، فمعظمهم يعتقد أن الفريق جيد جداً وحارس المرمى يبلي بلاءً حسناً.

هل يمكن القول إن ابراموفيتش دفع المال لكي يصبح نادي Chelsea من بين المتبارين؟

إنّه صلب الموضوع. فالدوري الإنكليزي في كرة القدم هو الأكثر ثراءاً في العالم. ويُذكر أن نادي Chelsea تكبد خسائر تناهز 384 مليون جنيه استرليني على مدى السنوات الأربع الماضية. أما United فلديه ديون تبلغ حوالى 600 مليون جنيه استرليني، لأن أصحاب النادي الأميركيين رهنوه بالكامل. لكن الناديين يستفيدان من الصفقات التلفزيونية الاستثنائية التي قام بها الدوري الإنكليزي على الصعيد المحلي والعالمي.

ماذا تجني هذه النوادي من التلفزيون؟

تبلغ القيمة الإجمالية للصفقات التي يبرمها الدوري الانكليزي 2.7 مليار جنيه استرليني تقدم إلى النوادي العشرين على مدى ثلاث سنوات، من 2007 إلى 2010. هذا قبل أن يأخذ المرء بالاعتبار عائدات يوم المباراة والمبيعات المحققة. تكدس النوادي هذا المال وتنفقه كله على أجور اللاعبين وبدلات النقل. لنأخذ نادي Liverpool على سبيل المثال، أخذ هذا الأخير في الصيف الهداف الإسباني فرناندو توريس من نادي Atletico Madrid مقابل 26.5 مليون جنيه استرليني. أراد الجميع في أوروبا الحصول على توريس، لكنه أراد الانضمام إلى Liverpool، فالدوري الإنكليزي هو المكان الأمثل لتقصده نخبة اللاعبين.

ألم يكن الوضع هكذا دائماً؟

كلا لم يكن الوضع كذلك. ففي أواخر ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، كان أبرز لاعبي كرة القدم في العالم في ايطاليا وكانت كرة القدم الإنكليزية في ادنى الدركات. وكان اللاعبون البريطانيون على غرار بول غازوين وايان راش وديفيد بات وبول اينس يلعبون في ايطاليا. أما غاري لاينكر ومارك هيوغز فذهبا إلى اسبانيا. وفي أواخر تسعينات القرن الماضي، بدأ هؤلاء اللاعبون البارزون الذين قدموا أفضل ما عندهم يتجهون نحو الدوري الانكليزي. والآن مع لاعبين كرونالدو وتوريس، نشهد أفضل لاعبين في العالم في أوج عطائهما.

هل يحتفل البريطانيون بنجاح الدوري الانكليزي؟

كاد المدير التنفيذي للدوري الإنكليزي ريتشارد سكودامور يفقد منصبه في شهر شباط (فبراير) عندما اقترح اضافة مباراة إلى المباريات الثماني والعشرين الأساسية ولعب هذه المباراة خارج انكلترا، وذلك ضمن جولة عالمية على المعجبين الأجانب. لم ترق هذه الفكرة للشعب الإنكليزي، لأنه من نواحٍ عدة تجعل الثروة ونجوم كرة القدم الأجانب المعجبين العاديين يشعرون بأنهم ليسوا مقربين جداً من فريقهم. وما يثير القلق هو أن النوادي الكبرى تعمل على إحضار لاعبين شبان من الخارج، عوضاً عن العمل على تحسين أو تطوير أداء الشبان الإنكليز. ولا يبدو ذلك جيداً بالنسبة إلى المنتخب الوطني الإنكليزي الذي يعتبر نجاحه معياراً لنجاح كرة القدم الإنكليزية.

هل نقول اذاً إن الوضع ليس جيداً بما فيه الكفاية؟

وذلك حتى قبل الوصول إلى موسكو، التي تضخمت تكاليف الإقامة في الفنادق فيها لتبلغ ألفي جنيه استرليني عن الليلة الواحدة، وقبل أن تحاول الحصول على تأشيرة سفر أو تواجه التدابير البوليسية الوحشية... لكن رغم ذلك كله لا يسعنا الانتظار.

هل النوادي الانكليزية الأفضل في أوروبا؟

نعم

* أحرزت نجاحاً مالياً كبيراً بفضل الدوري الإنكليزي في حين أن إيطاليا، على سبيل المثال، يؤخرها الفساد والعنف والمدرجات المتداعية.

* يريد أفضل اللاعبين أن يكون في انكلترا وبأية حال من الأحوال، عندما يصلون الى هنا يستمرون في اللعب وفقاً للنمط السريع والجنوني الذي يحبه الانكليز.

* انظروا إلى الحشد، حتى دوري كرة القدم يسجل عدداً قياسياً من الحاضرين.

لا

* فاز الإيطاليون بكأس العالم للمرة الأخيرة عام 2006، وانكلترا لم تصل حتى إلى المرحلة النصف نهائية، ولم يتأهلوا للدوري الأوروبي لكرة القدم.

* إذا توقف دفق المال ستتوقف معه وفود اللاعبين البارزين، فالمسألة برمتها مسألة جشع.

* تُشترى النوادي من قبل أصحاب الثروات الأجانب الذين لا يأبهون بالمعجبين.

back to top