ساركوزي في دمشق لفتح صفحة جديدة مع سورية الأسد: القمة الرباعية تصبّ في مصلحة الاستقرار في المنطقة

نشر في 04-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 04-09-2008 | 00:00

يزور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دمشق لمواصلة عملية «التطبيع» مع سورية، ومحاولة الاضطلاع بدور على الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، من خلال رعاية المفاوضات السورية-الإسرائيلية.

اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ان بلاده في «صدد فتح صفحة جديدة» مع سورية، واصفا ذلك «بالصفحة العزيزة جدا على قلبي، لانها تشهد على تبني دمشق تدريجيا الخيارات التي كان العالم ينتظرها منها وتستعيد بذلك مكانها ضمن مجموعة الامم»، في حين وصف الرئيس السوري بشار الاسد سياسة ساركوزي بـ«البراغماتية والواقعية».

وقال ساركوزي في حديث نشرته صحيفة «الوطن» السورية ووزعه قصر الايليزيه ليل امس الاول «من خلال زيارتي الى دمشق، جئت لأعبر للسلطات السورية عن مدى اهمية متابعتها لهذه الطريق، ان سورية بلد كبير بامكانه ان يقدم مساهمة لا بديل عنها لتسوية المشاكل في الشرق الاوسط، ومن الامور الاساسية ان تلعب دورا ايجابيا في المنطقة».

وشدد على «اننا دولتان مستقلتان وسيكون لدينا احيانا مصالحنا الخاصة، الا انني مقتنع، كما ذكرت للرئيس بشار الاسد عندما جاء الى باريس بتاريخ 12 يوليو الماضي، بأن طريق السلام في هذه المنطقة يمر عبر بلدينا».

ولفت ساركوزي الى ان رغبة سورية في رعاية فرنسية للمفاوضات المباشرة السورية-الاسرائيلية «تبرهن على ان الثقة في طور اعادة البناء بين بلدينا»، مؤكدا «ادراكنا للآمال التي يعلقها علينا هؤلاء واولئك، ونحن لن نخذلهم على الاطلاق».

واوضح ان بلاده «لن توفر جهدا من اجل جعل ملف اتفاق الشراكة الاوروبية مع سورية يتقدم»، مشيرا الى انه «في حاجة الى تطوير وملاءمة لانه وُقِّع عليه بالاحرف الاولى قبل 3 سنوات، ومنذ ذلك التاريخ شهدت سورية تطورا كبيرا، واعتقد انه ينبغي علينا جميعا العمل على تقريب هذا النص من الواقع الاقتصادي السائد حاليا في سورية».

الأسد

من جهته، قال الرئيس الاسد في مقابلة بثتها القناة الثالثة من التلفزيون الفرنسي ليل امس الاول «ان السياسة الفرنسية الحالية واقعية، وهي تتحدث او تضع هدف الاستقرار وتبني وسائل اهمها الحوار، وهذا ما ندعو اليه، وهنا تكمن مصلحتنا لذلك التقينا مع هذه الادارة واستطيع القول ان هناك حقبة جديدة تسعى إلى الاستقرار».

واضاف «سياسة فرنسا السابقة في عهد الرئيس جاك شيراك لم تكن تساعد على قيام علاقات طبيعية بين سورية ولبنان، خصوصا ان باريس كانت تلعب دورا سلبيا».

وسئل اذا كان «هدف القمة الرباعية التي ستعقد في دمشق التوصل الى ميثاق الاستقرار اذا صح التعبير»، فاجاب الاسد «بكل تأكيد هذا جوهر العمل من اجل الاستقرار ومن اجل ان يكون هناك دور اساسي لاوروبا من خلال فرنسا، ودور اساسي لعدد من الدول العربية من خلال سورية وقطر، نظرا لترؤس الاولى القمة العربية والثانية مجلس التعاون الخليجي وفرنسا الاتحاد الاوروبي، في حين ان تركيا هي الوحيدة التي تمكنت من اطلاق عملية السلام ولو بشكل مفاوضات غير مباشرة».

وفي رد على سؤال، ابدى الاسد خشيته من حصول هجوم اسرائيلي وشيك على ايران او لبنان وسورية، محذرا من «نتائجه الكارثية على المنطقة والعالم».

وكان ساركوزي وصل الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر أمس إلى مطار دمشق الدولي، يرافقه وزير الخارجية برنارد كوشنير، وعدد من كبار معاونيه، فضلا عن وفد صغير من رجال الأعمال، وكان في استقباله وزير الخارجية وليد المعلم.

بعدها انتقل الوفد إلى قصر الشعب، حيث استقبله الرئيس السوري وعزفت فرقة نشيدي البلدين، ثم استعرض الحرس الجمهوري، ثم أجرى الاسد وساركوزي جلسة مغلقة بينهما أعقبها إفطار عمل على شرف الرئيس الفرنسي.

ويفتتح ساركوزي «ليسيه شارل ديغول» في دمشق، ويتوجه بكلمة إلى ابناء الجالية الفرنسية في سورية، ثم ينضم إلى القمة الرباعية التي تختتم بمؤتمر صحافي مشترك.

سياسية بامتياز

إلى ذلك، وصفت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع زيارة ساركوزي «بالسياسية بامتياز» بعد فترة قطيعة بين البلدين، وانها ستشهد مشاورات بشأن العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، فضلا عن ملفات المنطقة أي لبنان وعملية السلام والمفاوضات غير المباشرة والعراق وايران والأزمة في القوقاز.

وعن وضعية نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام بعد صدور حكم نيابي في حقه، قال المصدر «إنه يعيش غالبا على الأراضي الفرنسية، وقرار القضاء السوري لا نتدخل به، ووضعه القانوني معقد وهو من اختصاص وزارة الداخلية الفرنسية، لكننا لن نطلب إليه مغادرة البلاد، مع العلم أننا نسعى بجهد لكي يلتزم بمبدأ التحفظ، لكنه امتنع عن كشف وضعيته القانونية في فرنسا، وعما إذا كان لاجئا سياسيا».

وأشار إلى أن ساركوزي سيسلم الأسد رسالة من والد الجندي الفرنسي-الاسرائيلي جلعاد شاليط، لكي يوصلها إلى ابنه.

الاغتيالات في لبنان

وسئل إذا كان استئناف الحوار بين فرنسا سورية أدى إلى وقف عمليات الاغتيال في لبنان، فأجاب المصدر «أولا علينا أن نكون حذرين في الحديث عن هذا الامر، لأن تحقيقا دوليا يُجرى باشراف المحقق دانييل بلمار ونتائجه ليست متوافرة حتى الآن، ثانيا استنتج أن هدوءا يسود منذ عدة اشهر، وهناك مناخ تفاؤل اجتماعي واقتصادي والحوار الفرنسي-السوري يتطور على قدم وساق، وعلينا الاستمرار لطالما يخيم الهدوء في لبنان ويندرج وفق البرنامج الذي أقره اللبنانيون في اتفاق الدوحة بدءا بقانون الانتخابات والحوار الوطني والحملة الانتخابية، وتستمر عمليات الاغتيال السياسي بالتوقف على رغم الاشتباكات الجارية في طرابلس، كل ذلك مشجع لكنني لا أقول إن لبنان سيشهد هدوءا عميقا، لأن الوضع هش جدا جدا، وهذا يحدونا إلى بذل كل الجهود من أجل تعزيز مكتسبات الأشهر الماضية والعمل مع كل اللاعبين الذين يمكنهم تقديم المساعدة من اللبنانيين أولا، وكذلك من اللاعبين الاقليميين، إذ هناك سورية بالطبع ولكن هناك أيضا مصر والسعودية، وللرئيس ساركوزي حوار منتظم مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس حسني مبارك».

وأضاف المصدر «أن اعلان الرئيس بشار الاسد نيته اقامة علاقات ديبلوماسية بين بلاده ولبنان في المؤتمر الصحافي في 12 يوليو الماضي في باريس مهمة، كما تابعنا القمة اللبنانية-السورية، ورأينا انها أطلقت اشارات ايجابية عديدة منها اقامة العلاقات الديبلوماسية والاقرار بلبنانية مزارع شبعا وتشكيل لجان لتحديد الحدود ومعالجة موضوع المفقودين اللبنانيين والسوريين، واعادة النظر في بعض الاتفاقيات الثنائية».

وتابع المصدر الواسع الاطلاع «سنحمل رسالة إلى السلطات السورية نبدي فيها استعدادنا للمساعدة في حل موضوع شبعا، وبضرورة عدم التلكؤ فيها».

back to top