محسن الهزاني عميد شعراء الغزل
يصف سلامة وربما شعره: اخن من روض تزخرف بوادي في قفرة ما داج فيها البوادي من كثر ما تبكي عليها الغوادي يغني عن العنبر زهرها إلى فاح وعندما يأتي الحديث عن الشعر، فإنه حتما يكون ذا شجون، وقد قيل وكتب الكثير عنه، لكننا قد نتفق دائما أن أجمل الشعر هو ما لامس الوجدان وترك أثره...
يصف سلامة وربما شعره: اخن من روض تزخرف بوادي في قفرة ما داج فيها البوادي من كثر ما تبكي عليها الغوادي يغني عن العنبر زهرها إلى فاح وعندما يأتي الحديث عن الشعر، فإنه حتما يكون ذا شجون، وقد قيل وكتب الكثير عنه، لكننا قد نتفق دائما أن أجمل الشعر هو ما لامس الوجدان وترك أثره العميق فيه، وهو ما عُرف عن شعر هذا الشاعر الكبير الذي خلدته قصائده رغم تباعد عصره.
محسن عثمان الهزاني شاعر ساطع التميز والموهبة في زمنه، ولولا ذلك لما وصلت قصائده إلينا، كما لو انها لم تعبر هذا الزمن الطويل، حيث عاش في النصف الأخير من القرن الثاني عشر الهجري بمنطقة الحريق التي تبعد عن الرياض 220 كيلومترا، وهو من أسرة الهزازنة، الذين كانوا امراء هذه المنطقة في ذلك العصر، وقيل انه تولى هو ايضا امارتها، لكنه ما لبث ان تركها وتفرغ لشعره وعشقه.التجديد في شعرهيقول خالد الفرج إن محسن الهزاني هو اول من أدخل الأوزان المسمّاة بالسامري ذات القافيتين المختلفتين في الشعر النبطي، كما انه أدخل ما يُعرف بالمروبع حيث يكثر استخدامه له في الكثير من قصائده، وبسببه شاعت هذه الأوزان حتى تغلبت على النهج القديم.هذا من حيث الشكل، اما بالنسبة إلى المضمون فقد عرفت الكثير من الاستخدامات اللفظية الشعرية اللطيفة التي لم تكُن معروفة قبله.الهزاني شاعر مثقفعندما تقرأ قصائد هذا الشاعر الكبير، ستصادف الكثير من المفردات التي توحي باطلاعه وتمكنه من ثقافة عصره، ويظهر ذلك جليا بقوله في المدح:مظفي الحسنى وبداع الجميلفرز شطرنج الوغي بحر القناهذروة العليا شقا عين الحريبمنهل الصاحب، سبب عزة غناهوكذلك قوله في وصف حور الجنة:وحورٍ حسانٍ كن صافي خدودهاقطع صافي بلور به التبر جامد!أو قوله في الغزل:مسكية الانفاس حورية العينتبرية الخدين، كوفية الزينللدين تستافي ولا توفي الدينقلبي لها من تلع الأرقاب مشغولكما ستجد الجناس المستند إلى موهبة قوية في قوله:له عين خرسا كنها عين شادنوقصور حبه في حشا القلب شادنوخده ثمر وردٍ، والأنياب شادنقراح مرتكم المقاديم طياحعميد شعراء الغزلاشتُهر الهزاني كثيرا بقصائد الغزل، وهو اكثر المضامين التي تطرق اليها في شعره، ما دعى الاستاذ محمد سعيد كمال في ديوان «الأزهار النادية في اشعار البادية»، إلى أن يطلق عليه عميد شعراء الغزل، خصوصا وهو المعترف بتمكن العشق منه بقوله:لا حزن يعقوبٍ ولا صبر ايوبحزني ولا صبري على تلع الأرقابويستطيع المُطّلع على شعره أن يجد الكثير من القصائد التي حاول الهزاني فيها ان يتفنن في وصف النساء الجميلات، ولعل اجمل ما قاله في ذلك:الثنايا، والعواتق، والخدود صافياتٍ، ناعماتٍ، زاهياتوالجدائل، والنواهد، والحجولسابحاتٍ، قاعداتٍ، حايرات والردايف، والخواصر، والبطونزامياتٍ، ضامراتٍ، هافياتوقد كثُر استخدامه للتضاد هنا، وهو ما يؤكد ما ذهبنا اليه من تمكن هذا الشاعر وثرائه الفكري.لكننا لن ننصفه لو اعتبرنا انه لم يبدع في غير هذا المجال، ذلك لأننا نجد في شعره الكثير من الصور الشاعرية البعيدة في نفس الوقت عن وصف المرأة، ومن ذلك على سبيل المثال وصفه للسحاب والمطر، كقوله:وأدقٍ، صادقٍ، غادقٍ، ضاحكٍباكيٍ كل ما ظحك مزنه هملمدهشٍ، مرهشٍ، مرعشٍ، منعشٍكن برقه لميع سيوف هندٍ تسللذلك يمكن القول إن محسن الهزاني شاعر يفتنه الجمال ويؤثر فيه أينما وجد وبأي شكل كان، لأنه يحمل قلب شاعر حقيقي، وهو قلب يرى من خلاله بوضوح ويتفاعل بابداع.ومن شعرهخمسة عشر بابغنت ضحا من فوق الاغصان ورقـاواتفتحت للقلب خمسة عشر بـاب أنـوح معها وأرتقـي كـل مرقـىولنوحها وجدي حضـر عقب ما غـاب لم تزايـد حـب مـن بـه امْشقَّـاعقلي وروحي والحشا به تلهـاب وبكاس خمرات الهوى صرت مِشقـاساعة لفي من يمه الغالي كتابزيَّـد غرامـى والحشـا راح مرقـىبين الفرح والحزن من حب واعتـاب صار الهنـا بـي يرتفع ثـم يرقـىفي طربةٍ ياحـي مرسـول الاحبـاب يا مرحبا مـاروض الاوجـان مسقـىمن سحب عيني وأحمر اللون سكـاب يا مرحبا بـه كـل مـا بـات شرقـاقنديل نوره من بها الشمس لا غـاب ترحيبٍ اطيب من شذا المسك وانقـىمن ريحة العنبـر على وجنته ذاب من قلب يهوى كـل الاوقـات ما القـىمن صاحبٍ هو طربتي دون الاصحاب