وعدك صادق يا زعيم العرب

نشر في 24-07-2008
آخر تحديث 24-07-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي كنا في الحج في يناير 2004 عند حصول عملية التبادل قبل الأخيرة بين «حزب الله» والإسرائيليين، ومازالت كلمات سيد المقاومة ترنّ في أذني عندما قال في حفل استقبال الأسرى: إن «الصهاينة حمقى لعدم تحريرهم القنطار في تلك الصفقة، لأنهم بذلك سيشجعون المقاومة على القيام بعملية خطف أخرى حتى تتمكن من تحريره»، وهذا بالفعل ما حصل.

قامت المقاومة الإسلامية الباسلة باختطاف الجنديين، وقال سيدها إنه لن يستطيع العالم كله إعادتهما إلا بتفاوض غير مباشر وتبادل... والسلام. فأتى العالم كله بقوى الاستكبار العالمي وشن حرباً شعواء ضد لبنان لاغتيال المقاومة فباءت جهوده كلها بالفشل، فلم يستطع الصهاينة لا تحرير أسراه ولا القضاء على «حزب الله» ولا حتى إخراجه من الجنوب، وفي النهاية قاموا بعملية التبادل حسب شروط المقاومة وهم صاغرون.

الفرحة تلف لبنان والعالمين العربي والإسلامي بتحرير بقية الأسرى اللبنانيين، وعلى رأسهم البطل سمير القنطار واستعادة جثامين الشهداء العرب الأبرار، بينما يلف الحزن والخيبة العدو الإسرائيلي بعد الذل والهوان الذي أصابه باستقبال جثتين وليس أسيرين، وصحافة العدو تضرب أخماسا في أسداس وتقر بالهزيمة، والسياسيون يسألون عن جدوى القيام بحربهم الخائبة بعدما رضخوا في النهاية لشروط المقاومة، أفبعد هذه الحقائق والمعطيات يوجد مَنْ ينكر هذا النصر؟!

طبعا سيأتي المرجفون والمتصهينون الذين تتصدر مقالاتهم موقع الخارجية الإسرائيلية، والطائفيون أحفاد أبوجهل لينكروا هذا النصر تحت ذريعة أن الدمار حلّ بلبنان الذي فقد 1200 ضحية من جراء تلك الحرب من أجل تحرير أسير واحد. طبعا لن نضيع وقتنا في مناقشة هؤلاء، بل سندعهم يغلون بحقدهم الأعمى، فالقافلة تسير ولن يوقفها صراخهم وعويلهم ولا حتى «ملاقتهم». لكن سنوجه الكلمات إلى أصحاب العقل الذين وجدوا صعوبة في هضم تلك الإشكالية.

فيخطئ مَن يظن أن المسألة متعلقة فقط بأسير واحد، ولو كانت كذلك لما قام العدو بشن تلك الحرب وفقد أكثر من 150 شخصاً، وخسارة مليارات الدولارات، فالمعركة كانت معركة فرض إرادة وتكسير عظام، ولهذا اجتمع العالم كله للقضاء على المقاومة، ولهذا قالت «كوندي» وقتها إن نتائج الحرب ستؤدي إلى خلق شرق أوسط جديد، فقد كانوا يريدون القضاء على المقاومة في لبنان تمهيداً للقضاء عليها في فلسطين، وبالتالي الانتقال إلى مرحلة الاستعباد الكلية للعرب والمسلمين لملكهم الجديد الكيان الإسرائيلي.

نعم هناك ثمن دُفِع لهذا الانتصار وآلام وأحزان، ولكن هذا هو «طريق ذات الشوكة» الذي تسلكه الشعوب المضطهدة والمستضعفة جميعها من أجل الانتصار والحفاظ على عزتها وكرامتها، خصوصاً في ظل تخاذل الحكومات العربية وجريها وراء وهم السلام، ولو اتبعنا غير هذا المنطق لما دفع الجزائريون مليون شهيد من أجل تحرير أرضهم من الاستعمار الفرنسي، ولما قام عمر المختار بثورته ضد الإيطاليين الذين كانوا يعاقبون الشعب الليبي على هذه الثورة، بل لما قامت المقاومة الكويتية بأي عملية ضد الغزو الصدامي الذي كان يعاقب أهالي المناطق على أي عملية تحدث عندهم.

ثم إن أهالي ضحايا الإرهاب الصهيوني في حرب تموز يوليو الذين استشهد أطفالهم ونساؤهم وشيوخهم في تلك المجازر المروعة المبكية، لم يشتكوا، بل زاد ذلك من إصرارهم على التمسك بالمقاومة والعزة والكرامة، هؤلاء هم فعلا أطهر وأشرف الناس ليس في لبنان فحسب، بل في العالم كله، فمَن نحن حتى نزايد على آلامهم الكبيرة ونحاول أن نلبسهم غصباً لباس الذل والهوان؟!

إن في عملية «الرضوان» دروساً وعبراً أهمها أن المقاومة هي الرهان الرابح بينما المفاوضات هي الرهان الخاسر. فكلما مضت الحكومات العربية في الطريق الأخير زاد عريها وانبطاحها أمام هذا الكيان الغاصب، فالاعتقالات والمذابح مستمرة والحصار والتجويع مستمران، وبناء المزيد من المستوطنات مستمر واحتقارنا مستمر، ولا أدري إن بقي لهؤلاء المفاوضون حتى ورقة توت واحدة ليغطوا بها عوراتهم؟!

***

• ألف مبروك لعائلة الشهيد فوزي المجادي على تسلم جثمانه الطاهر، وهو فخر لنا جميعا ككويتيين أن يكون لنا يد في المشاركة في مقاومة هذا الكيان الغاصب الذي سيزول عاجلاً أم آجلاً، وهو بلا شك أحد محاسن هذا الانتصار الذي يحاول المرجفون التقليل من شأنه.

• نعيش في هذه الأيام سنوية الشهيدين عبدالله بن نخي وابنه حيدر اللذين كانا من أوائل شهداء «حرب تموز»، ومع ذلك لم تقم الحكومة إلى الآن بأي إجراء لمقاضاة الإسرائيليين على جريمتهم الشنعاء!.

back to top