بيان الخيبة والهزيمة الثانية

نشر في 29-01-2009
آخر تحديث 29-01-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي للمرة الثانية على التوالي يطل علينا الخائب الإرهابي إيهود أولمرت ليدعي النجاح وتحقيق أهداف حملته الإرهابية ضد المدنيين العزل، لكن هذا الادعاء لم ينطل على كثير من الصحف والسياسيين الصهاينة الذين بدؤوا يجهرون بانتقاد هذه العملية الفاشلة التي لم تحقق نتائجها المرجوة. وإن كان الإرهابي موشي ديان قد قال يوما إن العرب لا يقرؤون، فإن الصهاينة أثبتوا أنهم لا يفهمون، والدليل أنهم أعادوا نفس العملية الخائبة التي جربوها ضد المقاومة في 2006 وحصدوا نفس النتائج في 2009.

طبعا سيدور حوار جديد حول ما إذا كان هناك منتصر في هذه الحرب وما هي هويته، وهو أمر يجب أن نحلله بدقة حتى نصل إلى الاستنتاج الصحيح، فدائما ما تقاس نتائج الحروب والمعارك بشتى أنواعها بمدى تحقق الأهداف من ورائها، فالكيان الصهيوني لم يرد أن يورط نفسه بأهداف طموحة لا يستطيع تحقيقها مثلما حصل معه في 2006، فلم يصرح مثلا بأنه سيحطم «حماس» وسيقضي على ما يسميه بالإرهاب في قطاع غزة، بل رأيناه يطمح إلى وقف إطلاق الصواريخ التي تهدد المستوطنين المغتصبين وإضعاف حركة «حماس»، ومع ذلك لم يتحقق له أي من هذين الهدفين، فإطلاق الصواريخ استمر بالوتيرة نفسها حتى بعد إعلان ما يسمى بوقف إطلاق النار من جانب واحد، بل رأينا الصواريخ تستهدف مستوطنات ومواقع بعيدة للمرة الأولى.

كما أن هذه الحرب الإرهابية لم تضعف «حماس» بل زادت من شعبيتها ومن الالتفاف الجماهيري حولها سواء فلسطينيا أو عربيا أو إسلاميا مثلما حصل مع «حزب الله»، هذا مع ملاحظة أن الصهاينة شنوا هذه الحرب بالوكالة عن السلطة الفلسطينية باعتراف وزيرة الخارجية الإرهابية ليفني التي قالت بكل وضوح في مؤتمرها الصحفي في واشنطن إنهم أرادوا إضعاف «حماس» وتقوية السلطة من أجل المضي في عملية السلام.

لكن نأتي هنا إلى إشكالية عدم تعرض العدو لخسائر كبيرة سواء في الأرواح أو المعدات مثلما كانت الحال في حربه ضد المقاومة اللبنانية في 2006، إضافة إلى إشكالية استشهاد وجرح أكثر من 6 آلاف مدني وتدمير آلاف المنازل والمنشآت، وللرد على هذين الإشكالين، سأطرح المثال الآتي: تخيل عزيزي القارئ بأن عشرة أشخاص هجموا عليك ليقتلوك، لكنك استطعت لوحدك صدهم بكل بسالة دون أن يحققوا مرادهم، ودون أن يلحقوا بك ضررا بالغا، وفي نفس وقت المعركة قام عشرة مثلهم بالهجوم على بيتك وتدميره وقتل أحد أفراد عائلتك، فالنتيجة هي هزيمة أعدائك وانتصارك عليهم مع أنك دفعت ثمنا باهظاً، وهو فقد أحد أفراد أسرتك، ومثل هذا الثمن يتوقع دفعه مع كثرة الأعداء وقلة الناصرين (خاصة الأشقاء الجيران!)، فما حققته «حماس» من صمود يعد إنجازا كبيرا لأنها عانت حصاراً، ولم تتمتع بما تمتع به «حزب الله» من وجود جار ذي حكومة شهمة مؤيدة لحق المقاومة مما سهل عملية التسلح والإمداد.

ومع هذا فإن نتائج الانتصار لن تبِين بالضرورة على المدى القريب، فسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) استشهد وصحبه في معركة كربلاء وسُبيت نساؤه وأطفاله، لكن الدم انتصر على السيف، وبعد هذه المعركة قامت الثورات، وانتهى حكم بني أمية بعد سنوات طويلة، ولايزال ذكر الحسين حياً إلى الآن بينما ذهب قاتلوه إلى صفحات التاريخ السوداء، والدم الطاهر الذي سكب في لبنان وفي غزة لن يذهب هدرا، لكن الباري عز وجل سينتصر له عاجلا أم آجلا.

وليس عندي شك في أن الصهاينة تعمدوا قتل الأطفال والنساء العزل حتى يزرعوا في ذهننا نفسية الانهزام والانبطاح والاستسلام أمام جبروتهم، لكن أعطوني أيها الأعزاء مثالا واحدا لمقاومة تحدت المحتل وأزالته دون دفع أثمان باهظة جدا، وخوض معارك غير متكافئة على الإطلاق، وأرجوكم ألا تضيعوا وقتكم بانتظار (الوقت المناسب) عندما تستيقظ الأنظمة العربية الخائبة لتستعمل أسلحتها المليارية المكدسة في المخازن، فالجزائريون لم ينتظروا أحداً عندما قاوموا الفرنسيين، والفرنسيون لم ينتظروا دول التحالف عندما قاوموا النازيين، والمقاومون الكويتيون لم ينتظروا قوات التحالف عندما قاوموا الغزو الصدامي، وعمر المختار لم ينتظر أحدا عندما قاوم الإيطاليين، والأمثلة تكثر في هذا المجال، وللحديث بقية.

*عيب:

قمة الخصومة غير الموضوعية عندما تقوم صحيفة بتمجيد شخص بدرت منه تصرفات خاطئة فقط لأن النائب فيصل المسلم انتقده... «عيب»!

back to top