الحب في قصائد الشعراء...

نشر في 13-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 13-02-2009 | 00:00
«ومن الحب ما قتل» مثل قديم يتداوله العشاق وأولئك الذين يرثون حال العشاق أو يسخرون منهم. فكثير من قصص الحب التراثية (العذرية تحديداً) التي قرأنا أخبارها في المراجع، تنتهي بمقتل العاشق أو العشيقة شوقاً أو هياماً، وتصبح عرضة للتأويلات والدراسات عن أحوال الحب وعلاقته بالموت.

على أن الحب والنساء كانا شاغل الشعراء الأبرز، سواء الذين عاشوا في البادية أو الذين سكنوا في المدينة وشاهدوا أطر الحداثة. كانت لغة الحب من أجمل اللغات في الشعر، فهي من دون شك تخص الجميع وتشغل معظم الشعراء وإن بأشكال مختلفة ولغات متنوّعة. وثمة شعراء كثر كتبوا قصائد الحب وعاشوا الحب أيضاً مع شاعرات، وباتت علاقاتهم عنواناً للعلاقات في النسيج الثقافي، فمن ينسى علاقة الشاعر الفرنسي لويس أراغون بإلسا تريوليه، ومحمد الماغوط بسنية صالح، وتيد هيوز بسيلفيا بلاث، ونيل كاسيدي بكارولين، ويوسف الخال بمهى بيرقدار الخال، وحسن نجمي بعائشة البصري، ونوري الجراح بلينا الطيبي، وغيرهم الكثير من «الكوبلات» الراهنة أو السابقة؟.

ننشر في هذه الصفحة قصائد ونصوصاً لشعراء عرب وغربيين في زمن باتت فيه كيمياء الحب حاضرة بقوة على شبكة الإنترنت والهواتف النقالة، وفي زمن ينعي فيه كثيرون الحب بسبب سيطرة المادة.

تَعِبَ الهَوَى

تعبَ الهوى وفؤاديَ التَّعِبُ

ما عاد يقوى والهوى تَعَبُ

يا شعرك الذهبيّ أيُّ سنى

إمّا تموج شعرك الذهبُ

يا صوتك المغناجَ يغمرني

شلال حب حين ينسكبُ

فـأعيش في دنيا منغمةٍ

الشعرُ فيها طابَ واللعبُ

وأظل رغمَ الصدِّ ذا شغفٍ

يا حبَّها لا مسّكَ السَّغَبُ

باقٍ ونارُ الوجدِ تلسعني

سأظلّ للميعادِ أرتقبُ

ستعودُ يوماً وهي والهةٌ

وفؤادها بالشوقِ يلتهبُ

علي السبتي

أحبك جدا

لأن الجديلة كافرة

تُشرك المسك دوماً

بحلو الخضاب

أحبك جداً

وأهوى الطيور التي تستحم

إذا نحن جئنا

وحين نروح... تُراع

كفرت بحب يوحد وجه النساء

وآمنت بالحب فرداً

ومثنى

ثلاثاً

رباع

إبراهيم الخالدي

نَجلسُ على الحَافةِ القَريبة

لألفَتِنا ونُفَكِّر

وأَذكرُ

أَنَّني، مُلتَصِقًا بكِ،

كُنتُ أَسيرُ لكي أُعطيَكِ رسالتي الأخيرة

أنَّكِ، مُلتَصِقةً بي،

كنت تبحثين عنِّي،

لكي تجدي أَنِّي على الكُرسي

ما زلتُ

أَنْتَظِرُ أَنْ يَجِدني أحد.

بسَّام حجَّار

كان شعرُك حجرة فسكت

السَّهم تحت قدميكِ

المنجل تحت قلبكِ

كانت يدك آية

فسقطتْ علينا

كان شَعركِ حُجْرة فسكت

اتخذنا من نَفْسكِ ميناء

ومن عماكِ مغارة

شيبتك هطلتْ علينا

زنبقة أنت

والصيف أسد في وجهكِ.

عباس بيضون

أوراق خولة

زُرْتُ آثارَنا

بين بَيتي وبيتِكَ. فَوَّضْتُ أمري إليها،

وتَنَسَّمْتُ عِطْرَ الطَّريقِ وعِطْرَ المكانْ،

وتَخيَّلتُ أنِّي

بِاسمِها، رُحْتُ أَخْتَطُّ تحت السَّماءِ سماءً

كي تُظَلِّلَ عُشَّاقَ هذا الزمانْ.

أدونيس

أوْرَاق الغَائِب

أَلْقَادِمَةُ مِنْ تَلاويحَ وبُكاءٍ وَما اسْتَبْقَتْهُ

تَهاويلَ للسَّرْو وِللْمُغْتَرِبِ ولِمنادِيلَ تُعَلَّقُ في العَيْنَيْنِ تُشِعُّ في الْغَبْرَةِ وتَلْفَحُ بِالْماءِ ما تَحْفَظُهُ فِيَّ كَيْ أَتَرَدَّدَ في ضَمَّةِ الْغِيابِ وَتَصْفو

مِنْ هَاويتِها الْعَميقَةِ إلَيَّ.

بول شاوول

تحبني مقدار شهقة

أحبك الحب كله

تحبني مقدار شهقة

أحبك العمر كله

وتحبني شطر لحظة

أعشق بهار عنادك

حين يسقط شظاياه في دمي

تهجرني الحروف

تفلت يداي

تبهت ألواني

تصير رمادية/ حيادية/ بلهاء

ها أنذا أمنحك ريش صدري وسادة

أفسح لك ورد المساحة التي تحتاج

لتكسوني أشواك غيابك

عالية شعيب

تقذف النَّرد الطروب

يسقط وحده من السَّماء

ويصنع القضيب للمعلِّم

وإلى الموزة والفتاة

تقذف النَّرد الطروب

والحبَّ من يديها

سأقف وأنتظر شفتيها

وأن يكون الموعد في الدست.

شوقي أبي شقرا

ضوء القمر

تحت ضوء القمر أحببتك،

وتحت ضوء القمر أحببت الله وأمِّي وخرير

الماء – الماء الحقيقي –

لكن روحي المشقَّقة كأرض الزلازل لا

يرويها شيء.

أعرف أن الحب يأتينا عنوة دون أن نهيِّئ

له، وأن المشدوهين والحزانى واليائسين

واللامبالين جميعهم يقعون فرائس

للحب،

كالآخرين.

حتى الأسرى،

الأسرى المساقون للموت،

الأسرى الذين انحدروا من جبال طوروس،

كانوا أيضًا يحلمون بالحب،

لكنهم ذُبِحوا وأُهمِلوا على السفوح.

سنية صالح

سماء بلا سماء

أحيانًا، أستعِدُّ

لرحلةٍ بلا رُجوع،

ثمَّ يزيحُ الفَجرُ الستائِر

فأرى مُراهَقتي

جالسةً في ركن

من لا مكانْ.

إيتل عدنان

عاشقان

من سنين

تحت سقفٍ واحد يشيخان

في الصَّباح يسقيان الحقل،

يقطفان الزُّهور.

في المساء

يَدُها في يَدِه

إلى القمر ينظران،

ولا يتعبان.

فؤاد رفقة

أراك عصي الدمع

أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ

أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ ولا أمْرُ؟

بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ

ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ!

إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْتُ يَدَ الهوى

وأذْلَلْتُ دمْعاً من خَلائقِهِ الكِبْرُ

تَكادُ تُضِيْءُ النارُ بين جَوانِحي

إذا هي أذْكَتْها الصَّبابَةُ والفِكْرُ

مُعَلِّلَتي بالوَصْلِ، والمَوتُ دونَهُ

إذا مِتُّ ظَمْآناً فلا نَزَلَ القَطْرُ!

حَفِظْتُ وَضَيَّعْتِ المَوَدَّةَ بيْننا

وأحْسَنُ من بعضِ الوَفاءِ لكِ العُذْرُ

وما هذه الأيامُ إلاّ صَحائفٌ

ِلأحْرُفِها من كَفِّ كاتِبِها بِشْرُ

بِنَفْسي من الغادينَ في الحيِّ غادَةً

هَوايَ لها ذنْبٌ، وبَهْجَتُها عُذْرُ

تَروغُ إلى الواشينَ فيَّ، وإنَّ لي

لأُذْناً بها عن كلِّ واشِيَةٍ وَقْرُ

أبو فراس الحمداني

يا ليل الصب متى غده

يا ليل، الصب متى غده

أقيام الساعة موعده

رقد السمَّار وأرقه

أسفُُ للبين يرددهُ

فبكاه النجم ورق له

مما يرعاه ويرصده

كلف بغزال ذي هيفِ

خوف الواشين يشرده

نصبت عيناي له شركاَ

في النوم فعز تصيده

وكفى عجباَ أني قنصُ

للسرب سباني أغيده

ينضو من مقلته سيفاَ

وكأن نعاساَ يغمده

فيريق دم العشاق به

والويل لمن يتقلده

كلا لا ذنب لمن قتلت

عيناه ولم تقتل يده

يا من جحدت عيناه دمي

وعلى خديه تورده

خداك قد اعترفا بدمي

فعلام جفونك تجحده؟

إني لأعيذك من قتلي

وأظنك لا تتعمده

بالله هب المشتاق كرى

فلعل خيالك يسعده

ما ضرك لو داويت ضنى

صبِ يدنيك وتبعده

لم يُبق هواك له رمقاَ

فليبك عليه تعوًّده

وغداَ يقضي أو بعد غد

هل من نظرِ يتزوده

يهوى المشتاق لقاءكم

وصروف الدهر تبعده

ما أحلى الوصل وأعذبه

لولا الأيام تنكده

بالبين وبالهجران فيا

لفؤادي كيف تجلده

لأبي الحسن الحصري القيرواني

(شاعرمن شعراء الأندلس)

طوق الحمامة

ومن غريب أصول العشق أن تقع المحبة بالوصف من دون المعاينة، وهذا أمر يترقى منه إلى جميع الحب، فتكون المراسلة والمكاتبة، والسهر على غير الإبصار، فن للحكايات ونعت المحاسن، ووصف الأخبار، تأثيراً في النفس ظاهراً. وأن تسمع نغمتها من وراء جدار، فيكون سبباً للحب واشتغال البال.

وهذا كله قد وقع لغير واحد، لكنه عندي بنيان عار على غير أساس، وذلك أن الذي أفرغ ذهنه في غير هوى من لم ير لا بد له إذ يخلو بفكره أن يمثل لنفسه صورة يتوهمها، وعيناً يقيمها نصب ضميره، لا يتمثل في هاجسه غيرها، قد مال بوهمه نحوها، فإن وقعت المعاينة يوماً ما فحينئذ يتأكد الأمر أو يبطل بالكلية. وكلا الوجهين قد عرض وعرف، وأكثر ما يقع هذا في ربات القصور، المحجوبات من أهل البيوتات مع أقاربهن من الرجال، وحب النساء في هذا أثبت من حب الرجال، لضعفهن وسرعة إجابة طبائعهن إلى هذا الشأن، وتمكنه منهن.

وفي ذلك أقول:

ويا من لا مني في حب

من لم يره طرفي

لقد أفرطت في وصفك لي

في الحب بالضعف

فقل: هل تعرف الجنة

يوما بسوى الوصف

إبن حزم الأندلسي

صيف الليل

1

يُخيّل إليّ، هذا المساء،

أنّ السماء المكوكبة، إذْ تتسع،

تقترب إلينا، وأن الليل،

وراء نيران كثيرة، أقل ظلاماً.

وأوراق الشجر أيضاً تتلألأ تحت أوراق الشجر،

الأخضر، ولون الثمار الناضجة، البرتقاليّ، تنَامى،

مصباح ملاكٍ قريب، نبضَ

نورٍ مُخبأ يستحوذُ على الشجرة الكونية.

يُخيّل إليّ، هذا المساء،

أننا دخلنا في الحديقة التي أغلق

الملاك أبوابها دون عودة.

2

سفينةُ صيفٍ،

وأنتِ كأنكِ في صدرها، وكأن الزمن يكتمل،

تنشرين أنسجةً مرسومةً وتتحدثين بصوتٍ خافت.

في حلم أيار،

كانت الأبدية تصعد بين ثمار الشجرة

وكنت أقدّم لكِ الثمرةَ التي تجعل الشجرة بلا حدّ

دونَ هَمٍّ ولا موت، ثمرةَ عالمٍ مشترك.

بعيداً في الصحراء الزّبد يجول الموتى،

لم تعد ثمة صحراء لأن كلّ شيءٍ فينا

ولم يعدّ ثمة موت لأن شفتيّ تلامسان

ماءَ تشابهٍ مُبعثرٍ على البحر.

يا كفاية الصيف، ملكتك نقيةً

كالماء الذي غيّرته النجمة، كضجيج

زبدٍ تحت خطواتنا حيث يعلو بياض الرمل

ليبارك جسمينا غير المُضائين

ايف بونفوا

ترجمة: أدونيس

ذات صباح في ضوء الشتاء

آلاف وآلاف السنوات

لا تكفي

لتقول

أبدية تلك الثانية الصغيرة

التي قبلتني فيها

التي قبلتني فيها

ذات صباح في ضوء الشتاء

في حديقة مانتسوري في باريس

في باريس

على الأرض

على الأرض التي تحولت إلى كوكب.

جاك بريفير

«أيتها الحاضرة الجامدة»

تركتني من كل الأبواب

تركتني في كل الصحارى

بحثت عنك عند الفجر وفقدتك عند الظهيرة

لم تكوني في أي مكان أصل إليه

من يمكن أن يقول صحارى غرفة من دونك

جموع الأحد حيث لا يشبهك شيء

النهار أكثر فراغاً من جسر صوب البحر

الصمت حين أناديك ولا تجيبين

تركتني أيتها الحاضرة الجامدة

تركتني في كل مكان تركتني بعينيك

بالقلب الأحلام

تركتني كجملة ناقصة

متاع صدفة، شيء، كرسي

معطف في آخر الصيف

بطاقة بريدية في درج

سقطت كل حياتي منك لدى أدنى حركة

لم ترني أبداً أبكي من أجل وجهك المشيح

نظرتك في قراري

آه كنت غائباً عنها

هل أشفقت مرة على ظلك

عند قدميك.

أراغون

«تنهضين»

تنهضين فينبسط الماء

تنامين فيتفتح الماء

أنت الماء الذي تحول عن هاوياته

أنت الأرض التي تجذرت

وعليها يقوم كل شيء

ترسلين فقاعات صمت في صحراء الجلبة

تغنين أناشيد ليلية على حبال

قوس قزح

أنت في كل مكان أنت تزيلين كل الدروب.

تضحين بالزمن

من أجل شباب الشعلة الأبدية

التي تغطي الطبيعة وهي تعيد خلقها.

يا امرأة أنت تضعين في العالم

جسداً دائماً شبيهاً،

وهو جسدك

أنتِ الشبه.

بول إيلويار

ترجمة: بول شاوول

«غزالة ذكرى الحب»

لا تحملي ذكراك.

دعيها وحيدة في صدري.

ارتعاش لكرز أبيض،

في عذاب كانون الثاني.

يفصلني عن الأموات،

جدار أحلام شنيعة.

أعطي حزن زنبق بارد،

لقلب من جص.

طوال الليل، تسهر عيناي

في البستان، مثل كلبين كبيرين.

طوال الليل، أطارد

سفرجل السم.

يكون الهواء أحياناً،

خزامى من خوف،

إنه خزامى مريضة،

في الصبح الشتائي.

جدار من أحلام شنيعة،

يفصلني عن الموت.

يكسو الضباب بصمت،

الوادي الرمادي لجسدك.

في ظل جسر لقائنا،

ينمو الشوكران السام الآن.

لكن دعي ذكراك،

دعيها وحيدة في صدري.

لوركا

ترجمة: ناديا شعبان

عيناك

لو لم تكن عيناك بلون القمر

بلون نهار من الخزف والتعب والنار،

لو لم تملكي رشاقة الريح.

لو لم تكوني أسبوعاً من عنبر

لو لم تكوني الزمن الأصفر

حيث الخريف يتسور اللبلاب،

لو لم تكوني الخبز الذي يعده القمر الطيب

وهو يدوم بطحينه في السماء،

لما أحببتك يا حبي !

أنا في قلبك أضم الكون كله،

الرمل، والزمان، وشجرة المطر .

كل شي يعيش لأحيا :

ودون أن أنزح، أبصر كل شي

أبصر في حضورك ينبض كل شيء

بابلو نيرودا

ضائع في الظلمة

كيف أوقف نفسي حتى

لا تمس نفسك؟ كيف

أرفعها متخطياً إياك إلى أشياء أخرى

آه، كم أود لو أنزلها عند شيء

ضائع في الظلمة، في مكان غريب هادئ

لا يرتجف عندما ترتجف أعماقك

بلى، كل ما يلامسنا، أنت وأنا،

يحملنا معا كرجفة قوس

يطلق صوتاً واحداً من وترين.

على أية آلة نحن مشدودان؟

وأي عازف يحملنا في يده

أيتها الأغنية الحلوة !

راينر ماريا ريلكه

«حبي وغدرك»

في جوف قلبي

سُلَّمان كبيران من البلّور

من أحدها يصعد ألمي

ومن الآخر تنزل سعادتي

أحلم بأني أحلم في سرير

وأنك تغنين قربي

أحلم بأنك تعطينني قبلة

أحلم بأني أحلم بين ذراعيك.

كلود روا 

back to top