علماء الظل شخصيات مجهولة وضعت أسس النهضة العربية والإسلامية

نشر في 29-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 29-09-2008 | 00:00

تحمل مسيرة الحياة البشرية إنجازات لعلماء ومفكرين قدموا نتاج كدحهم وجهدهم لخدمة البشر وهناك كم من العلماء والمبدعين الذين كتبوا في مختلف ضروب المعرفة، والتمثل الجاد لمكانة الحضارة العربية والإسلامية وتركوا بصماتهم في تاريخ العلم في العالم الإسلامي وفي الغرب غير أنهم لم ينالوا حقهم من الشهرة والذيوع وتوارت أسماؤهم رغم جهودهم التي أسست للنهضة في شتى الميادين لتنطبق عليهم المقولة التي نرددها دائما «علماء الظل « أو العلماء المجهولين «الجريدة» تلقي الضوء على بعض منهم وتكشف مسيرتهم الزاخرة بالعطاءات والإنجازات.

ابن الياسمين

هو عبد الله بن محمد بن حجاج الأرديني المعروف بابن الياسمين رياضي وبارع في الهندسة والحساب والعدد والهيئة والمنطق، وشاعر متمكن في النظم.

 لم تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاد له، أما عام وفاته فيذكر أنه كان حوالي عام 601 هـ /1204 م بمدينة مراكش، أما سيرة حياته فلا نعرف عنها سوى أنه عاش في مدينة فاس، وأنه قد خدم يعقوب المنصور أحد خلفاء الموحدين ثم ولده الناصر من بعده وقد نال منزلة كبيرة في عهدهما، وأنه كان عالما مقدرا معترفا بفضله.

وكان ابن الياسمين شاعرا، وقد دفعه ولعه بالجبر إلى إبداع تعريف مفهومي الجبر والمقابلة بشعر متين واضح بإشبيلية عام 587هـ.

وقد اعتبرها مؤرخو الرياضيات العمل الأساسي في دراسة الجبر ففيها خلاصة الكثير من المبادئ والقوانين والطرق التي تستعمل في الحساب وحل المسائل والمعادلات الجبرية التي تشتمل عليها كتب الجبر الحديثة. وتبدأ الأرجوزة بمقدمات العدد الصحيح، وأبواب في الجمع والطرح والضرب والقسمة، وحل العدد إلى أصوله ثم مقدمة في الكسور وأبواب تتناول الجمع والطرح والقسمة والضرب، ثم باب جبر الكسور والحط وهو عكس جبر الكسور، والصرف وطرق استخراج المجهولات ثم ينتقل أخيرا إلى علم الجبر والمقابلة فيوضح أبوابه.

ثم يبحث في المعادلات وأقسامها وأنواعها الستة، وشرح طريقة كل منها، ولا يكتفي بذلك بل يشرح بعض النظريات التي تتعلق بالقوى والأسس وطرق ضربها وقسمتها ولم ينس أن يشرح معنى الجبر والمقابلة.

ولعل أشهر أبيات تلك الأرجوزة أبيات تعريف الجبر والمقابلة، فالجبر يعني نقل الحدود من طرف إلى الطرف الثاني، والمقابلة تعني جمع الحدود المتماثلة.

وعبر عن هذين المفهومين ببيتين من الشعر فقط، بينما يشرحه الرياضيون بعدة مسائل ومعادلات صعبة الفهم لغير المتخصص.

وتدل تلك الأرجوزة على تمكن ابن الياسمين وثروته الأدبية والعلمية، وقد شاعت هذه الأرجوزة لسهولتها ودقة عباراتها في العالم العربي، وتناولها الكثير من العلماء بالشرح ومنهم: ابن الهائم وسبط المارديني، وقد عدها مؤرخو العلوم والعلماء الرياضيون العرب والغربيون من الكتب الأصول في الرياضة، وذلك لكمالها وسهولة تحصيلها. ولابن الياسمين رسالة أخرى بعنوان: رسالة تنقيح الأفكار في العلم برسم الغبار .

الجزري

لا نعرف بالضبط تاريخ مولد بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري.

 غير أنه عاش قبل حوالي ثمانية قرون من الآن.

كما أن لقبه، الجزري، يشير إلى مكان مولده وهي الجزيرة، تلك المنطقة بين الفرات ودجلة في العراق.

 أمضى الجزري ردحاً طويلاً من حياته بعيداً عن موطنه يعمل في قصور حكام دياربكر في أعالي بلاد الرافدين، والتي توجد اليوم في تركيا، وبذلك فقد سار على خطى والده الذي عمل مطولاً لدى حكام دياربكر.

طوال 27 عاماً تقريباً بين 1174 و1200 ظل يحظى برعاية أمراء ديار بكر وهناك تخصص في ابتكارات الهندسة الميكانيكية وأصبح كبير المهندسين الميكانيكيين في البلاط. كانت عقلية الجزري الابتكارية منسجمة مع الاتجاه الاجتماعي الثقافي السائد في العالم الإسلامي في ذلك القرن والقرنين السابقين له وهي الفترة التي شهدت عدداً من الاختراعات العلمية المهمة.

ولحسن الحظ، فإن بعضاً من أفضل التصاميم الميكانيكية المعقدة للآلات ذاتية الحركة العاملة بالماء لاتزال محفوظة بتفاصيلها حتى اليوم في المخطوطات القديمة.

ومن بينها آلات مثل الساعة المائية والآلات الهيدروليكية الأخرى التي ابتكرها الجزري وصنعها بنفسه.

 استحق الجزري شهرته عن جدارة ليس لكونه مخترعاً ومهندساً ميكانيكياً فحسب, ذلك أن مجموعة المخطوطات المنهجية الموثقة التي وضعها عن أعماله ساهمت في ذيوع صيته وتعلق الناس بعبقريته طوال قرون من الزمان, وربما كان أشهر كتبه هو «الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل»  الذي أكمله في عام 1206. ولا غرابة أن بعض المصادر تشير إلى الكتاب باسم «الآلات ذاتية الحركة» فقط.

بدأ الجزري العمل على كتابه هذا بطلب من السلطان نور الدين محمد, وبالتأكيد فإن الجزري كان من دواعي سروره أن يلبي هذا الطلب. وتحول كتابه إلى مصدر جامع لعلوم الميكانيكا النظرية والعملية.

وكانت الأوساط العلمية تنظر إلى الكتاب بإعجاب كبير وتعتبره الأكثر تطوراً في زمانه كما يعتبر نموذجاً لتطور الحركة العلمية الإسلامية وذروة إنجازاتها, كما قدم الجزري في عمله هذا أساساً لعدد كبير من التصاميم والوسائل الميكانيكية التي مهدت الطريق أمام الهندسة الميكانيكية كما نعرفها اليوم.

يصنف «الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل» الأجهزة الميكانيكية في ست فئات عامة وكان لهذا التصنيف أثر كبير على التصنيف الذي وضعه الأوروبيون في عصر النهضة وما بعد لهذه الأجهزة، إن لم يكن لشيء آخر فلأنه وضع في كتابه وصفاً شديد الدقة والاهتمام بالتفاصيل لتقنيات بناء هذه الأجهزة إن الإنسان ليقف باحترام كبير أمام عبقرية الجزري وهو ينظر إلى أعمال هذا المهندس المسلم الذي عاش في القرن الثالث عشر. ولعل الخيط الناظم لكل اختراعاته وابتكاراته هو أنها هدفت لتحقيق هدف جوهري: جعل أعمال الناس أسهل. ابتكاراته كلها اتصفت بعمليتها وكفاءتها البالغتين. ورغم أنه عاش تحت رعاية الأمراء والملوك، فقد استخدم عبقريته لتسهيل حياة الناس العاديين، رجالاً ونساءً، في كدهم اليومي

الكاشي

غياث الدين جمشيد بن مسعود بن محمود بن محمد الكاشي، ويعرف أيضا بالكاشاني، عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي. ولد في مدينة كاشان ببلاد فارس وإليها نسب, ونشأ في بيت علم, حيث كان أبوه من أكبر علماء الرياضيات والفلك، فشب الكاشي على ولعه بالرياضيات.

عرف الكاشي بكثرة تنقله في المدن لطلب العلم ونهل المعرفة، ولذلك تنوعت معارفه فدرس العلوم في أماكن شتى من بلاد فارس.

وقد اشتهر بحبه لقراءة القرآن الكريم فكان يقرأ القرآن مرة كل يوم، ثم درس النحو والصرف والفقه على مذاهب الأئمة الأربعة فأجادها وتمكن منها وأصبح حجة فيها.

واستفاد من معرفته بالمنطق فانكب على دراسة تواليف الرياضيات يلتهمها التهاما مما أدهش علماء الرياضيات لقدرته في الاستيعاب وحسن التعبير.

وعندما سأله البعض هل يمكن عمل آلة يعرف منها تقاويم الكواكب وعروضها أم لا، فابتكر فيه رسم صفحة واحدة من صحيفة يعرف منها تقاويم الكواكب السبعة وعروضها وأبعادها عن الأرض ، وعمل الخسوف و الكسوف بأسهل طريق وأقرب زمان، ثم استنبط منها أنواعا مختلفة يعرف من كل واحد منها ما يعرف من الآخر.

ولقد أعطى الكاشي شرحا مفصلا لكيفية رسم اهيليجى للقمر و عطارد . كما بحث في تعيين النسبة التقريبية للثابت (ط) ، فأثبت قيمة تلك النسبة إلى درجة من التقريب تفوق من سبقه بكثير.

أما عن إنجازاته في الرياضيات فيعد الكاشي أول من وضع الكسور العشرية مما كان له بالغ الأثر في دفع تقدم الحساب واختراع الآلات الحاسبة.

 فقد استخدم للمرة الأولى الصفر تماما للأغراض نفسها التي نعرفها ونتداولها في عصرنا الحاضر.

كما زاد الكاشي على من سبقه من العلماء المسلمين في نظرية الأعداد، وبرهن قانونا لمجموع الأعداد الطبيعية المرفوعة إلى القوة الرابعة، وهو القانون الذي لعب دورا أساسيا في تطور علم الأعداد.

وكان الكاشي يعتمد في بدء بحوثه على الجداول الرياضية التي وضعها السابقون من المسلمين لإيجاد حدود المعادلة الجبرية، ولكنه عدل عن ذلك واستخدم القاعدة العامة لنظرية ذا ت الحدين، وهي التي ابتكرها عمر الخيام من قبل، وطورها لأي أس صحيح. وفي الهندسة حذا الكاشي حذو إقليدس في هذا العلم وتبعه في تعاريفه ونظرياته، إلا أنه أخذ برأي نصير الدين الطوسي في نقضه لفرضية إقليدس الخامسة.

وفي علم المثلثات درس الكاشي تواليف المتقدمين من علماء الإسلام، وشرح وعلق على إنتاجهم.

وقد حسب جداول لجيب الدرجة الأولى، واستخدم في ذلك معادلة ذات الدرجة الثالثة في معادلاته المثلثية، وصورة تلك المعادلة: جا 3 س= 4 جا س 3 - 3 جا س.

ترك الكاشي عددا من المؤلفات المهمة جلها في الرياضيات والفلك منها: كتاب مفتاح الحساب الذي حوى للمرة الأولى الكثير من المسائل التي تستعمل الكسور العشرية، ورسالة في الحساب ، ورسالة في الهندسة ، ورسالة في المساحات ، ورسالة الجيب والوتر ، ورسالة استخراج جيب الدرجة الأولى ، ورسالة في الأعداد الصحيحة ، ورسالة في الجذور الصم ، ورسالة في التضعيف والتصنيف والجمع والتفريق ، ورسالة في طريقة استخراج الضلع الأول من المضلعات ، ورسالة في معرفة التداخل والتشارك والتباين ، ورسالة في طريقة استخراج المجهول ، ورسالة عن الكسور العشرية والاعتيادية.

أما مؤلفاته في علم الفلك فهي كتاب (زيج الخقاني تصحيح زيج الأيلخاني للطوسي)، وكتاب في علم الهيئة ، ورسالة نزهة الحدائق وهي مشتملة على كيفية عمل آلة حساب التقاويم، وكيفية العمل بها، وأسماها طبق المناطق ، وألحق بها عمل الآلة المسماة بلوح الاتصالات.

 البوزجاني

أبو الوفاء محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني.

عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد في بوزجان وهي قرية واقعة بين هراة ونيسابور.

درس البوزجاني على عمه أبي عمرو المغازلي وخاله أبي عبد الله بن عنبة العدد والحساب، وقرأ الهندسة على أبي يحيى الماوردي وأبي العلاء ابن كرتيب.

ولما بلغ العشرين من عمره سكن بغداد ، حيث وضع أكثر مؤلفاته، وبها ذاع صيته.

وفي بغداد استطاع البوزجاني أن يكون لنفسه مكانة مرموقة، فكانت له علاقة طيبة بالحكام البويهيين.

وعندما أسس شرف الدولة البويهي مرصد بغداد كان البوزجاني ضمن فريق المرصد تحت رئاسة أبي سهل الكوهي.

أثناء عمله في المرصد استطاع أن يكتشف الخلل الواقع في حساب ومعادلات تقويم مواقع القمر ، فأتى بمعادلة جديدة تعرف بمعادلة السرعة.

وابتكر آلة ربعية جدارية تستخدم في أعمال الرصد.

وتتمثل أبرز إسهامات البوزجاني في تطوير حساب المثلثات خاصة ما يعتمد على استعمال الفرجار.

 وله فيها ابتكارات عديدة سجلت باسمه، فهو أول من وضع النسب المثلثية، أي ما يعرف بظل الزاوية ( ظا )، وظل التمام(ظتا) وهو أول من أشار إلى عمومية نظرية الجيب بالنسبة إلى المثلثات الكروية, كما ابتكر أسلوبا لإنشاء جداول الجيوب.

 وكانت جداوله لجيب زاوية 30 درجة صحيحة إلى ثمانية أرقام عشرية. كما يعود إليه السبق أنه أول من أدخل حسابات القاطع (قا) والقاطع تمام (قتا)، وجداول المماس.

وفي مجال الهندسة وضع البوزجاني المربعات المتكافئة، والأشكال الهندسية المتعامدة بما في ذلك العشاري الأضلاع بناء على الصلة الرياضية بين ضلع من الشكل الأخير وضلع من مثلث متساوي الساقين حيث يكون الشكلان واقعين ضمن دائرة.

ورسم القطع المكافئ بالنقاط، وزاد على بحوث الخوارزمي وأوجد علاقة بين الجبر والهندسة، فتوصل إلى حلول هندسية لمعادلات الدرجة الرابعة.

وفي مجال الحساب وضع البوزجاني مؤلفات ورسائل تضم كل ما يهم التجار والعامة وغيرهم من غير العلماء، فبسط بذلك علم الحساب إلى مرتبة العامة، وحقق مصالحهم.

وقد أمضى البوزجاني حياته في التدريس والرصد والتأليف وهو يعمل في مرصد شرف الدولة حتى وافته المنية عن عمر يناهز خمسين عاما.

ترك البوزجاني مؤلفات عديدة معظمها في علم الفلك الكروي والحساب. منها كتاب المجسطي وهو أشهر مؤلفاته، وكتاب معرفة الدائرة من الفلك ، وكتاب الزيج الشامل، وكتاب الكامل، وكتاب حساب المثلث الكروي. وفي علم الحساب له كتاب ما يحتاج إليه العمال والكتاب في صناعة الحساب.

القزويني

هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك عالم المدينة.

ولد بقزوين في حدود سنة 605 للهجرة، وتوفي سنة 682 هـ.

 اشتغل بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية.

 فقد شغف بالفلك، والطبيعة، وعلوم الحياة، ولكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي.

أشهر مؤلفات القزويني كتابه المعروف (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات).

فيه يصف القزويني السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، مع التوقف عند حركتها الظاهرية، وما ينجم عن ذلك كله من اختلاف فصول السنة.

 كما تكلم عن الأرض وجبالها وأوديتها وأنهارها، وتحدث عن كرة الهواء، وعن الرياح ودورتها، وكرة الماء وبحارها وأحيائها، ثم تحدث عن اليابسة وما فيها من جماد ونبات وحيوان.

وقد رتب ذلك ترتيباً أبجدياً دقيقاً.

وللقزويني كتاب (آثار البلاد وأخبار العباد).

 ضمّنه ثلاث مقدمات عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها.

كما يضم هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك.

دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله في خلقه، وبديع صنعه، تماشياً مع ما أمر به القرآن الكريم من النظر والتأمل في السماء والأرض.

ثابت بن قره

ثابت بن قرّه وكنيته أبو الحسن، ولد في حرّان سنة 221 هـ، وامتهن الصيرفة، كما اعتنق مذهب الصائبة.

 نزح من حرّان إلى كفرتوما حيث التقى الخوارزمي الذي أعجب بعلم ثابت الواسع وذكائه النادر.

 وقد قدمه الخوارزمي إلى الخليفة المعتضد، وكان المعتضد يميل إلى أهل المواهب ويخص أصحابها بعطفه وعطاياه، ويعتبرهم من المقربين إليه.

ويروى أنه أقطع ثابت بن قره، كما أقطع سواه من ذوي النبوغ، ضباعاً كثيرة.

وقد توفي في بغداد سنة 288 هـ .

أحب ثابت العلم، لا طمعاً في كسب يجنيه ولا سعياً وراء شهرة تعليه، إنما أحبّه لأنه رأى في المعرفة مصدر سعادة كانت تتوق نفسه إليها.

 ولما كانت المعرفة غير محصورة في حقل من حقول النشاط الإنساني، ولما كانت حقول النشاط الإنساني منفتحة على بعضها بعضاً، فإن فضول ثابت بن قره حمله على ارتيادها كلها، ومضيفاً إلى تراث القدامى ثمار عبقريته الخلاقة.

 مهّد ثابت بن قره لحساب التكامل ولحساب التفاضل.

وفي مضمار علم الفلك يؤثر أنه لم يخطئ في حساب السنة النجمية إلا بنصف ثانية، كما يؤثر اكتشافه حركتين لنقطتي الاعتدال إحداهما مستقيمة والأخرى متقهقرة.

ولثابت أعمال جلية وابتكارات مهمة في الهندسة التحليلية التي تطبق الجبر على الهندسة، ويعزى إليه العثور على قاعدة تستخدم في إيجاد الأعداد المتحابة، كما يعزى إليه تقسيم الزاوية ثلاثة أقسام متساوية بطريقة تختلف عن الطرق المعروفة عند رياضيي اليونان.

وقد ظهرت عبقرية ثابت بن قره، فضلاً عن العلوم الرياضية والفلكية، في مجال العلوم الطبية أيضاً.

ترك ثابت بن قرّه عدة مؤلفات شملت علوم العصر، وذكرها كتاب عيون الأنباء، أشهرها: كتاب في المخروط المكافئ، كتاب في الشكل الملقب بالقطاع، كتاب في قطع الاسطوانة، كتاب في العمل بالكرة، كتاب في قطوع الاسطوانة وبسيطها، كتاب في مساحة الأشكال وسائر البسط والأشكال المجسمة، كتاب في المسائل الهندسية، كتاب في المربع، كتاب في أن الخطين المستقيمين إذا خرجا على أقلّ من زاويتين قائمتين التقيا، كتاب في تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية، كتاب في الهيئة، كتاب في تركيب الأفلاك، كتاب المختصر في علم الهندسة، كتاب في تسهيل المجسطي، كتاب في الموسيقى، كتاب في المثلث القائم الزاوية، كتاب في حركة الفلك، كتاب في ما يظهر من القمر من آثار الكسوف وعلاماته، كتاب المدخل إلى إقليدس، كتاب المدخل إلى المنطق، كتاب في الأنواء، مقالة في حساب خسوف الشمس والقمر، كتاب في مختصر علم النجوم، كتاب للمولودين في سبعة أشهر، كتاب في أوجاع الكلى والمثاني، كتاب المدخل إلى علم العدد الذي ألفه نيقوماخوس الجاراسيني ونقله ثابت إلى العربية.

back to top