ختامها قندرة

نشر في 18-12-2008 | 00:00
آخر تحديث 18-12-2008 | 00:00
أقدم اعتذاري كإعلامية عراقية باسمي وباسم كل زملائي من الإعلاميين العراقيين الشرفاء الذين يعرفون تماماً شرف المهنة، وليس المدعين أو المدسوسين بين دهاليزها، ليكونوا أبواق الأنظمة الدكتاتورية. أقدم اعتذاري أولا للرئيس الأميركي الشجاع جورج دبليو بوش، ومن ثَم أقدم اعتذاري للشعب الأميركي الشريف الذي ضحّى بأرواح أبنائه، وأنفق المليارات من الدولارات من أجل إطاحة أعتى نظام دكتاتوري مستبد عرفه التاريخ المعاصر، وكذلك أعتذر للقرّاء الكرام على استخدامي مصطلح الحذاء أو «القندرة» باللهجة العراقية، لأنني طوال سنوات عملي في المجال الإعلامي لم أتعلم من أساتذتي سوى احترام القارئ من خلال انتقاء الألفاظ والكلمات.

أما المدعو منتظر الزيدي الذي يُسمِّي نفسه بـ«صحافي»، فهو لا يمكن أن يكون حاملا شرف المهنة أو يمتَّ لها بصلة لا من قريب ولا من بعيد على الإطلاق، وكان الأجدى به أن يعمل في محل لبيع «القنادر» والأحذية، فربما يكون الأنسب له ولعقليته المحدودة الأفق، وربما يصبح فيها مبدعا أكثر، أما أخلاقيات المهنة الإعلامية ومن قبلها أخلاقيات المجتمع العراقي- التي عرفتها وجبلنا عليها، قبل وصول رئيسه المقبور للسلطة ابن «العوجة» السيئ الذكر صدام حسين، وقبل بسطه ثقافة القتل والعنتريات واستعراض العضلات الهشة كلاماً وليس فعلاً- فإنها تمنع وتحرم إغضاب الضيف مهما كان، وترفض إهانته بهذا الشكل المهين الذي ليس من شيمنا العربية الحقيقية، وليست العروبة المفتعلة عند البعض، فما بالك بضيف كبير المقام والقيمة كالرئيس الأميركي جورج بوش الذي لولاه- بعد الله عز وجل- لما تنفّس العراق الحرية التي يعيشها الصحافي «أبوقندرة» الآن، ومن على شاكلته رغم كل المنغصات التي يعيشها العراقيون بسبب الإرهاب وفلول النظام البائد، وأبواق «القومجية» وغيرهم ممن يتشدق بالكلام فقط وليس بالفعل بأنه عربي.

فلو كان صحافياً بمعنى الكلمة لكان بإمكانه توجيه أسئلة صحفية ذات حرفية عالية للرئيس الضيف، ولكنه صحافي فاشل يسترزق من عمله هذا لا أكثر ولا أقل، فهذا «الزيدي» الذي يطلق عليه جزافاً اسم صحافي وبحسبة بسيطة، عمره لايتعدى الـ28 عاماً، وبالتالي ولد وترعرع وتربى وتعلم في ظل «القائد الضرورة البطل الهمام صدام» لذلك هو يمثل جيلاً بأكمله يحمل نفس الصفات ونفس العقلية، وكما يقول المثل «فاقد الشيء لا يعطيه» لهذا لم أستغرب تصرفه الهمجي، ولم أُفاجأ به مطلقاً.

أما تلك الحناجر والأصوات التي تعالت هنا وهناك مدافعة عن ذلك المدعو الصحافي «الزيدي» وتطالب بتبرئته، لا بل هناك من سيشكل هيئة للدفاع عنه، فلماذا لم يسألوا أنفسهم سؤالاً واحداً وهو: ماذا كان حلّ بهذا الزيدي لو فعل فعلته هذه مع رئيس دولة أخرى غير الولايات المتحدة؟ أو ماذا كان حلَّ به لو فعلها مع صدام حسين؟ أترك الجواب للقارئ الكريم وهو حتماً يعرفه جيدا.

أما مواقف تلك الأصوات فالشعب العراقي ليس بغريب عنها، حيث كانت تطبل وتهلل للطاغية، وتستنكر وتشجب الحرية والتنمية والبناء للارتقاء بعقلية الإنسان كالمجتمعات المتحضرة والمتطورة... لذلك مثل هذه العقول التي يمثلها الزيدي بلغة «القندرة» تعيش وتربو تحت كنف الدكتاتور، وتتلذذ بجبروته وعنجهيته كي تعيش على الفتات الذي يتصدق به عليها.

أعتذر مرة أخرى للمجتمعات المتحضرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تستعد هذه الأيام لاستقبال عام جديد بالورود والتهاني ونحن نودع عامنا ونستقبل الآخر بـ«القنادر».

* إعلامية عراقية

back to top