الهلال الأحمر تجاوز الخطوط الحُمر إلى غزة البرجس: الكويت تتضامن مع أهالي القطاع المحاصَرين

نشر في 05-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 05-01-2009 | 00:00
تؤكد الأحداث دائماً أن المنظمات الإنسانية وحدها تستطيع مساعدة المنكوبين، بنجاحها في اختراق الأوضاع السياسية والعسكرية لإعانة المحتاجين، والهلال الأحمر الكويتي كان جديراً بتسجيل موقف تاريخي إضافي لمصلحة المنظمات الإنسانية.

«الهلال الأحمر»، وحده من بين مؤسسات نادرة في العالم، يستطيع تجاوز الخطوط الحُمر، والوصول الى أهدافه الانسانية، وهذه الأخيرة، كانت هي مفتاح الدخول الى كل المناطق المنكوبة والمُحتاجة الى العون.

وفي الحرب الحالية ضد قطاع غزة، تمكن الهلال الأحمر الكويتي من بلوغ رسالته الانسانية، عندما استطاع رغم كل التعسف الاسرائيلي، ايصال المعونات الى الشعب الفلسطيني المُحاصَر في غزة.

الإنساني والسياسي

قبل أن تنطلق طائرة عسكرية تحمل المعونات الكويتية، كان الهلال الأحمر فتح باب التبرعات في مقره، واستقبل الاهالي، ومنظمات مدنية للمساهمة في مساعدة الشعب الفلسطيني، وقرر على الفور نقل عشرة أطنان من المستلزمات الطبية وايصالها الى غزة على وجه السرعة، لأنها ما يحتاج إليه الفلسطينيون في الوقت الحاضر، في موازاة العمل السياسي الداعي الى وقف العدوان الاسرائيلي.

وكان الجيش الكويتي مستعدا تماما لهذه المهمة، وخلال ساعات أُعدت طائرة عسكرية، حملت أعضاء الهلال الأحمر الكويتي الى مطار العريش القريب من معبر رفح، على الحدود المصرية مع قطاع غزة، وسلّمت الحمولة الى الهلال الأحمر المصري، الذي نقلها الى الهلال الأحمر الفلسطيني، وتولى الأخير ايصالها الى الأهالي في غزة، وتوزيعها على المستشفيات ومراكز العلاج.

وسيَّرت الجمعية في السابق رحلات غير قليلة من المساعدات العينية لإغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر، اضافة إلى مساعدات نقدية، قدمتها إلى آلاف الأسر الفلسطينية في قطاع غزة، وأجرى رئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتية برجس البرجس اتصالات مع الهلال الأحمر المصري ونظيره الفلسطيني لتأمين دخول المساعدات الطبية الكويتية في أسرع وقت.

وقال البرجس إن سكان غزة يعيشون ظروفاً انسانية قاسية بسبب الحصار الظالم عليهم والقصف المستمر والتوغل الاسرائيلي. وتأتي هذه المساعدات من جانب الكويت تضامناً مع مواطني قطاع غزة للتخفيف عنهم، وتضامناً مع الاوضاع الانسانية المتدهورة التي يمر بها القطاع، مشيرا الى أن الكويت «في مقدمة الدول العربية التي تقدم المساعدة إلى إخواننا الفلسطينيين للمساهمة في تخفيف الوضع المأساوي الذي يعيشون فيه جراء الاعتداءات الإسرائيلية».

اعتراضات إسرائيلية

ولم تكُن المهمة سهلة كما يبدو، اذ تعاني المنظمات الانسانية الصراعات السياسية، وفي الحال الفلسطينية، كان لابد من تجاوز الاعتراضات الاسرائيلية واقفالها المعابر، واعترف رئيس الهلال الأحمر المصري في منطقة العريش المهندس أحمد عرابي، بوجود «صعوبات» في ايصال المعونات، وقال إن سلطات الاحتلال الاسرائيلية «طلبت من مصر الضغط على مسؤولي حركة حماس في غزة لوقف اطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه جنوب اسرائيل، مقابل السماح بدخول المساعدات».

وظلت مصر تضغط بشدة على الحكومة الاسرائيلية لضمان إيصال المساعدات العربية، خصوصاً من مصر والسعودية والكويت، لكن سلطات الاحتلال كما أوضح المهندس عرابي «كانت تصر على إدخال المساعدات عبر معبر العوجا الإسرائيلي، بدلا من معبر كرم سالم من رفح، كي تضمن مرور المعونات عن طريقها»، مؤكداً أن مصر «لن تتخلى عن ممارسة دورها بدعم الفلسطينيين، وستضمن وصول المساعدات إلى أهالي غزة، بالتزامن مع تحركاتها السياسية لوقف العدوان»، وأكد عرابي أن مصر «استقبلت 67 مصاباً فلسطينياً، جرى نقلهم إلى المستشفيات المصرية».

خلافات فلسطينية

ولم يكُن الوضع الفلسطيني أفضل حالا على الصعيد السياسي، فالخلافات بين الحكومة الفلسطينية في رام الله، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية (فتح)، مقابل حكومة غزة بزعامة حركة حماس، ألقت بظلالها الشاحبة على الجهود العربية، لكن المنظمات المدنية العربية وجدت طريقها الى المحتاجين «بعدم تحيّزها لأي طرف»، كما شدد نائب مدير ادارة الكوارث والطوارئ في جمعية الهلال الاحمر مساعد العنزي، الذي أكد ان «الهلال الأحمر الكويتي جمعية انسانية تطوعية تقدم المساعدة والعون إلى أشد الحالات ضعفا، من دون تمييز من حيث الجنسية أو الأصل أو اللون أو الجنس أو المعتقدات الدينية أو السياسية أو الفكرية».

بينما قال منسق الهلال الأحمر المصري معتز عبدالغفار «لا علاقة لنا بالسياسة أو الصراع بين فتح وحماس، وسنحرص على ايصال المساعدات الى الفلسطينيين المتضررين، وسنضمن نقل المساعدة الكويتية الى قطاع غزة، بالتنسيق مع محمد عرفات مسؤول السفارة الفلسطينية، وحتى الآن نقلنا مئات الاطنان، التي أتت من بعض الدول العربية، من بينها أكثر من 30 طنا من المملكة العربية السعودية وصلت اليوم، وعشرة أطنان من الكويت».

مداواة الجرحى

وقال العنزي إن المساعدات الطبية التي قدمتها الكويت للاشقاء في غزة «تأتي بتوجيهات من سمو امير البلاد لتقديم المساعدة العاجلة للاشقاء من ابناء الشعب الفلسطيني»، وأضاف انه «بسبب الاوضاع الانسانية المتدهورة التي يمر بها القطاع نتيجة القصف الاسرائيلي الذي اودى بحياة مئات الاشخاص وآلاف الجرحى، نقلت الجمعية 10 اطنان من المواد الطبية بشكل عاجل للاشقاء في قطاع غزة، ما يؤكد حرص القيادة السياسية والشعب الكويتي على مساعدة الاشقاء هناك لتجاوز محنتهم».

وساهم أعضاء الهلال الأحمر الكويتي في نقل عدد من الجرحى الى المستشفيات المصرية، وأكدوا تضامن الكويت مع الشعب الفلسطيني.

واشاد العنزي بالتعاون الكبير من قبل الاشقاء في جمعية الهلال الاحمر المصري «الذين قدموا كل التسهيلات لجمعية الهلال الاحمر الكويتي»، مشيرا الى ان المتطوعين الكويتيين، وبالتعاون مع الاشقاء في جمعية الهلال الاحمر المصري، قاموا بنقل الجرحى الفلسطينيين من معبر رفح الى الجهات الطبية».

وأضاف ان «الجرحى الفلسطينيين عبّروا عن بالغ شكرهم لدولة الكويت بمد يد العون لهم ومساعدتهم، مشيرا الى انهم دعوا الى المزيد من تقديم المساعدات الطبية والغذائية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يعانون القصف والحصار من قبل الاسرائيليين».

ودخل القصف الاسرائيلي على القطاع أسبوعه الثاني، بينما سمحت مصر بدخول معدات طبية وسيارات إسعاف الى القطاع عن طريق معبر رفح، قبل اغلاقه بسبب الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة، فقررت مصر نقل المساعدات العربية التموينية من الأراضي المصرية إلى قطاع غزة من خلال معبر العوجا الاسرائيلي، بعد إقناع سلطات الاحتلال الاسرائيلي بفتح معبر العوجا لادخال المساعدات الانسانية إلى القطاع، للتخفيف عن المواطنين الذين يعانون ظروفا صعبة للغاية.

الجيش الكويتي في خدمة الإنسانية

يعمل سلاح الجو في الجيش الكويتي منذ أكثر من 30 عاما على تأمين وصول المساعدات الكويتية الى مختلف دول العالم، بالتعاون مع الهلال الأحمر الكويتي، خصوصا الى المناطق المنكوبة، ولا يأبه بالصعوبات والمخاطر التي تواجهه في سبيل تأكيد الدعم الكويتي للمحتاجين، خصوصا في المناطق التي تشهد حروبا وكوارث طبيعية، وساهم في نقل آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية الى معظم بقاع العالم.

back to top