بل العنوان الصحيح هو مصر

نشر في 01-01-2009
آخر تحديث 01-01-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي حقاً... إن كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء، ففي كل زمن هناك حسين وهناك قاتلوه. وفي يومنا هذا في غزة الدامية، الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه هم المقاومون الأبطال من «حماس» و«الجهاد» الذين لا ناصر لهم ولا معين، فهم قلة في العدد وفي العتاد كأبي عبدالله، بينما أعداؤهم كثر ومزودون بأحدث الأسلحة وبأنواعها المختلفة. وزينب (عليها السلام) هي تلك الأم التي فقدت خمسا من بناتها دفعة واحدة في غارة صهيونية غادرة بينهن «رقية» بنت الإمام.

اليوم يعيد التاريخ نفسه، فقبل سنتين ونصف السنة ألقت الحكومات العربية- ومن معها من المرجفين- بمسؤولية الحرب الصهيونية على المقاومة اللبنانية التي كانت تمارس حقا مشروعا بمحاولة استعادة آخر أسير لها. واليوم وللمرة الثانية يظهر التواطؤ العربي بأجل صوره عندما تلقي الحكومات نفسها- والمرجفون أنفسهم- المسؤولية نفسها على المقاومة الفلسطينية الشريفة البطلة التي تمارس حقها المشروع بمحاربة الغاصبين في ظل لجوء الحكومات العربية إلى الانبطاح تحت مظلة «الحكمة والسلام».

لكن الملفت للنظر أن الجماهير العربية هذه المرة لم تنطلِ عليها اللعبة فصبّت جام غضبها على الحكومات العربية «خصوصا مصر» وحمَّلتها مسؤولية ما جرى، وهو ما اعتبرته مصر بأنها رسالة موجهة إلى العنوان الخطأ بينما الواقع يقول إنها أُرسلت إلى العنوان الصحيح... لأن الرسائل لا ترسل إلا لمن يرجى منه الرد.

تخيل عزيزي القارىء أنك تسكن في منزل ولك جار إرهابي مجرم معروف عنه الغدر والبلطجة وانتهاك القوانين لأكثر من 60 عاما، وجارك الآخر هو أخوك الأكبر القوي والقادر على حمايتك إضافة إلى 20 من إخوانك الآخرين الذين يسكنون في الحي نفسه. ثم قام هذا الجار الإرهابي بالهجوم على منزلك وهتك حرماتك وقتل أطفالك، فهل ستضيع وقتك في التوسل إلى هذا الإرهابي لوقف إجرامه أم ستوجه الملامة إلى إخوانك الذين وقفوا متفرجين، خصوصا الشقيق الأكبر الذي كان يستطيع توجيه قوته لإيقاف هذا الإرهابي عند حده؟!

كلنا نعرف مدى أصالة الشعب المصري وتضحياته وحروبه التي خاضها من أجل قضية العرب المركزية، لكن يجب التفرقة هنا بين الشعب والحكومة، خصوصا أن أغلب حكوماتنا لا يمثل شعوبها. فالاتجاهات الرسمية للسياسة المصرية قبل 30 عاما تغيرت 180 درجة قبل 30 عاما من مناضلة من أجل الفلسطينيين إلى مهادنة للصهاينة والمشروع الغربي في المنطقة.

فكل ما رأيناه من مصر في الأيام الماضية هو محاولة التنصل من مسؤولياتها كمحور عربي مهم ودولة مجاورة للأراضي المحتلة. فوزير الخارجية المصري قال إن بلاده تسعى لسحب الذرائع للعدوان الصهيوني، بينما كلامه هذا هو إقرار مبطن بأحقية الصهاينة في عمليتهم الإرهابية. فعن أي ذرائع وعن أي تهدئة يتحدث الوزير بينما قتل أكثر من مئة فلسطيني خلال تهدئة الشهور الستة الماضية دون فتح المعابر وفي ظل استمرار الحصار. ثم يقول الوزير إن دولته استدعت ليفني قبل أيام من الحرب لتهديدها من مغبة الإقدام على هذا العدوان. أما وقد حصل العدوان، فأين التهديد؟ وكيف يسمى التهديد «تهديدا» دون اللجوء إلى إجراءات أخرى مثل استعمال القوة؟!

فيا سادة، نحن لا نعيش في حلم اسمه المجتمع الدولي بل نعيش في غابة يحكمها القوي ويؤكل فيها الضعيف. فكل ما نسمعه من مجلس الأمن الأعمى هو الحديث عن الصواريخ الفلسطينية، وكأنها قنابل نووية وليست صواريخ محلية الصنع قلّما أحدثت أضرار بالغة، مع العلم بأنها لم تستعمل إلا ردا على الجرائم الصهيونية في ظل الحصار الذي حرم الفلسطينيين من امتلاك أي قوة ردع.

وفي المقابل لا نسمع أي حديث عن آلة القتل الفتاكة التي يمتلكها الصهاينة. فمع كل هذه الجرائم الوحشية التي ارتكبت في الأيام الماضية، فإن كل ما استطاع أمين عام ما يسمى بالأمم المتحدة «بوكيمون» فعله هو تسميتها بـ«استخدام مفرط للقوة»!... اللهم اخز الصهاينة ألف مرة واخز المتخاذلين العرب كلهم مليون مرة... آمين.

***

بعض الكتاب المستميتين في الدفاع عن السياسة المصرية، «خصوصا مَن يعتقدون أن دمهم خفيف» ينطبق عليهم مقولة: «ليس حبا في معاوية بل بغضا بعلي»!

back to top