صحافة تهاجم الدستور!

نشر في 07-12-2008
آخر تحديث 07-12-2008 | 00:00
 مظفّر عبدالله الحلول المطروحة في الدستور لحالات عدم التعاون بين السلطتين واضحة، يحسمها صاحب السمو أمير البلاد، والدعوة إلى حل يخرج عن إطار النظام العام للدولة يكون أمرا شاذا ويعاب على الصحافة إذا تبنته عبر سؤال الناس: هل تؤيدون الحل غير الدستوري لمجلس الأمة؟

أول العمود: التنافس في تقديم الخدمات للناس لا يأتي إلا بعد كسر الاحتكار... وهذا ما حدث أخيرا بين شركات الهواتف المحمولة.

***

حاول عزيزي القارئ أن تدخل موقعي جريدة «الآن» الإلكترونية، و«النهار»، وستجد الدعوة الفاضحة ضد الدستور الذي يرسم النظام العام للدولة: الحكم، والحكومة، والبرلمان، والقضاء، وحقوق الإنسان وحرياته.

هذه الدعوة الصريحة جاءت في استبيان للرأي يتضمن سؤالا شاذاً، من بين أسئلة أخرى، يدعو إلى الفوضى الصريحة، ونصه: هل تؤيد الحل غير الدستوري لمجلس الأمة!

سنترك مسألة ضعف المهنية في الصحافة الكويتية جانبا الآن. سنفترض أننا بصدد مخاطبة أناس مسؤولين- أو هكذا يفترض... إذ إن جناحي الصحافة هما الحرية والمسؤولية - ونسأل: مامعنى مصطلح حل غير دستوري لمجلس الأمة؟ وهل هي كلمة موجودة في مواد الدستور ، أو في المذكرة الدستورية مثلا حتى يتم الترويج لها في استبيان عام على الناس؟

نشر مثل هذه الأفكار ينبئ بمدى التردي الذي وصلنا إليه، حتى بتنا نهاجم النظام العام للدولة، والذي على أساسه نقوم بانشاء الصحف والكتابة فيها، ويالها من مفارقة.

كشفت الأزمة الحالية معظم السياسيين وعرّتهم، والأكثر من ذلك كشفت النقاب عن بغضنا لتطبيق القانون، فخرج لنا من يرى المجلس محلاً تجارياً مخالفاً يجب قفله، وآخر لا يريد تنفيذ الاستجواب، وثالث يطلب تأجيل الاستجواب دون تبرير... وهناك ربما أفكار جهنمية ستحملها الأيام المقبلة. وذلك كله مقبول في «الزمن الردي»، لكن أن تكون الصحافة مشاركة في هذا «الزمن»، فهذه المأساة.

مسؤولية الصحافة توعية الناس بالخبر والرأي، والاستبيانات التي تتبناها الصحيفتان كان يمكن أن تتضمن كل خيار تضمنه الدستور للخروج من الأزمة وهو مافعلته في الواقع، لكن ما هو غير مبرر قيامهما بإضافة خيار الحل غير الدستوري، وكأنها إجابة عادية وليست دعوة صريحة إلى دولة بلا قانون من خلال نبذ سيادة الدستور الذي هو أبو القوانين.

من الخطورة بمكان الترويج لمثل هذه الأفكار، وإن كان الناس وصلوا إلى حال كرهوا فيه تصرفات كثير من النواب ومهاتراتهم، فإن ذلك يجب ألا يكون مدعاة إلى الكفر بالمؤسسة التشريعية، وهو ما يجب أن تروج له الصحافة، لا الدعوة إلى اختراع تخريجات يعتقد كثير ممن يقومون بالتصويت على أسئلة الاستبيان- وهم متفاوتون في درجات الوعي- بأنها خيارات قانونيه كونها تأتي ضمن إجابات أخرى مثل: هل تؤيد حل الحكومة؟ أو هل تؤيد حل المجلس؟

أتمنى أن تلغي الصحيفتان هذا الاستبيان من موقعيهما الإلكترونيين، وتراجعا الخيارات المتاحة دستوريا لحل الأزمات بين المجلس والحكومة.

back to top