مبايعة في فندق 2

نشر في 21-09-2008
آخر تحديث 21-09-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل تقريباً عندما مررنا أنا وصديقي المحامي فهد البسام بالسيارة من أمام الشارع المحاذي لأحد الفنادق الكبرى وقد أثار استغرابنا أفواج الناس الخارجة من باب الفندق وتلك الأعداد البشرية رجالاً ونساءً في ذلك الوقت المتأخر من الليل... فقلنا لعلها مناسبة اجتماعية أو غبقة رمضانية لإحدى الشركات أو النقابات أو الجمعيات. وكعادة صديقي وتميزه بسرعة البديهة قال إن اليوم الأحد ولربما تكون «غبقة الرجل» كعادته الرمضانية.

ولا أعلم لماذا غمزني شعور غريب وتساؤلات جمة؛ فهل يعقل أن تلك الجموع كلها وبمجرد أن أعلن الرجل في الصحافة أنه سيقيم غبقته السنوية، جاءت تتراكض وتتدافع للسلام عليه وأخذ الصور التذكارية؟ فيا ترى ماذا يملك هذا الرجل من أدوات وقدرات خارقة حتى يتداعى «بعض الناس» ويتسابق «كل من هب ودب» لينال الرضا ويحصل على شرف السلام ويأكل من «المنسف». فلقد شاهدت في بعض الصحف حجم الزيف والنفاق ومدى استعداد بعضهم لأن يبيع عمره ويضحي بحياته في سبيل التبارك بالسلام على حامي حمى الديار الذي لا يشق له غبار!

ألهذه الدرجة من السخافة وصلت بنا الحال؟! فإذا كان بعضهم لديه أهداف وطموحات سياسية مستقبلية فهذا شأنه، لكن لماذا يقبل بعض البشر بأن يكونوا «ممشة زفر»؟! أعتقد أننا بحاجة إلى طبيب أو محلل نفسي ليشخص لنا لماذا هكذا أصبحت طبائع بعض البشر في التمسح والتقرب من المسؤولين!

أظن ومن خلال ما رأيناه من الصور التي وزعت على بعض الصحف أنها ليست بغبقة رمضانية، بل هي غبقة سياسية الهدف منها كسب الولاءات وتوطيد العلاقات واستعراض العضلات... فأنا وببساطة أفهم أن الغبقة تكون عادة بين الأصدقاء في مجلسهم الخاص أو بين زملاء العمل كما يحدث غالباً في الجمعيات المهنية والمجالس النفعية، لكن أن يقيم بعضهم الغبقات فقط لمعرفة وقياس حجم وكمية أعداد الزائرين والمهنئين، فهذا أمر والله غريب!

فلو أن كل واحد من أبناء عمومة «صاحبنا» قد فعل ما فعله وبدأ في منافسته وتقليده لأصبح لكل قطب جماعة وحزب وفريق واستمرت لعبة الأقطاب... وهنا أتساءل بخجل باحثاً عن الإجابة: هل الشعب الكويتي يحتاج إلى الغبقات حتى يثبت ولاءه وهل يُثبت الولاء بالغبقات؟! بل أتعجب لماذا حدث هذا التغيير الشامل؟ فسابقاً كان الكل يعرف حدوده ولا يتجاوزها، فمن كانت لديه طموحات أو أحلام أو ترتيبات كان يتحدث عنها في السر ويهمس بها للمقربين همساً وليس بهذه الطريقة المكشوفة!

في اعتقادي أنه يجب أن يراجع الجميع أنفسهم الداعي ومَن تدافع إلى حضور ذلك «المولد» فسياسة السيف والمنسف لا تتماشى مع هذا البلد الذي يحكمه دستور، ولا تتناسب مع أجواء الحرية والديمقراطية التي يتنفسها الشعب، لذلك فمهما شعر راعي الغبقة بالنشوة والفخر والزهو، فمع مرور الأيام سينتهي هذا كله، وسوف نستمر في كل رمضان وبعد كل غبقة بالاعتراض على تلك الأساليب حتى يعود بعض أبناء بلدي إلى رشدهم أو يتوقف صاحب الغبقة عن عمل الغبقات، ولا نعلم ماذا في جعبة الأيام فلربما «ضرب معه الحظ» فيصل إلى مبتغاه.

back to top