استجواب هايف... وحكومة خاضعة

نشر في 12-03-2009
آخر تحديث 12-03-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي بدأ الناس يكفرون بالديمقراطية، ويكرهون قراءة الصحف ومشاهدة أخبار البلد لأنها «تغم القلب»، وما بين نواب متعسفين يبحثون عن العنتريات والبطولات، وحكومة ضعيفة، ورئيس وزراء خاضع للابتزاز، ضاع المواطن المسكين.

«ضعنا يا ناس ضعنا... بين المجلس والحكومة» كلمات للراحل الفنان القدير خالد النفيسي في مسرحية «حامي الديار»، والتي لا أظن أن هناك مشهداً سياسياً تنطبق عليها هذه الكلمات أكثر من المشهد السياسي الحالي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل والحق بالباطل.

ضعنا بسبب نواب لا يقدرون الوضع الاقتصادي الذي يعانيه البلد، والذي يتطلب تكاتف الجميع من أجل إيجاد حلول عاجلة للمواطن والبورصة والبنوك... ضعنا بسبب نواب نسوا كل مشاكل البلد وبحثوا عن مكاسب سياسية انتخابية عبر استجوابات في الوقت الخاطئ في محاولة فاشلة لإثبات أنهم «حقانيين». فالنائب فيصل المسلم صمت صمت الحملان عن حريق صالة أفراح الجهراء التي أودت بحياة عدد من المواطنين بينما رأيناه يقدم استجواباً لوزيرة الصحة السابقة «بسبب حريق مستشفى الجهراء» حتى بعد استقالة الوزيرة في محاولة لكسب الأضواء!

و«حدس» وجدت نفسها في موقف الدفاع عن سمعتها وسمعة وزيرها السابق، فاضطرت لتقديم الاستجواب لرد الاعتبار ولدحض تهم المناورة والمساومة التي لطالما اتُهمت بها، مع أن هناك قرارات أخرى تم التراجع عنها في السابق دون أن تقدم «حدس» حينها استجوابا بشأنها مثل قضية سحب «الجناسي». ثم يأتي النائب محمد هايف باستجواب عن حدث وقع قبل 6 أشهر! وجميعنا يذكر أيضا كيف تحول استجوابه السابق لرئيس الوزراء بقدرة قادر من محور واحد متعلق بالسيد الفالي إلى محاور عدة جمع فيها مشاكل البلد من 40 سنة إلى الآن! فيبدو أن هناك سحوبات على جوائز ولا يدخلها إلا مَن يستجوب رئيس الوزراء!

لا أنكر أن في بعض هذه الاستجوابات محاور مهمة، لكن محاولة المحاسبة في هذا الوقت القاتل ومحاولة «استشراف» البعض، بالرغم من كل متناقضات المواقف السابقة، تثير علامات استفهام عديدة.

وإذا كان من حق أي نائب ممارسة حقه الدستوري في الاستجواب في أي وقت يراه مناسباً، فإن من حق بقية النواب ممارسة حقهم الدستوري في تأجيل هذه الاستجوابات حتى يتم التركيز في هذا الوقت الصعب على إنجاز المشاريع التي تهم المواطن، لا الدخول في متاهات، نتائجها معروفة سلفا في ظل المعادلة السياسية الحالية. فليس من المعقول أن تختطف الأقلية أجندة المجلس بكامله وتطالب بقية زملائها بالمساندة!

وفي المقابل، ضعنا بسبب حكومة «قرقيعانية» ضعيفة ورئيس وزراء كلما خضع لابتزاز فتح أبواباً للمزيد من التهديدات والاستجوابات، بدءاً من موضوع التجنيس إلى صفقة «الداو» وآخرها قضية المسجد الأثري الذي كان مهملاً ويستعمل كمخزن للمواد ويجاوره مسجد آخر بحسب بيان الحكومة نفسها. ولو سلَّمنا بخطأ هدم هذا المسجد، فلماذا إيقاف لجنة الإزالات عن ممارسة عملها بإزالة بقية مصليات «التشينكو» المخالفة، والتي لا تصلح بأن توصف بالمساجد لأنه لا يملك أحد حق بناء مسجد على أرض لا يملكها؟ فأغلبية هذه المصليات ما هي إلا نتيجة كسل الناس وعدم رغبتهم في الذهاب إلى أقرب مسجد بالسيارة. فكثير من الناس يريد أن يكون المسجد على بعد خطوتين فقط من منزله، رافعاً شعار «لكل مواطن مسجد»!

وتعامل سمو رئيس الوزراء مع هذه القضية سيكون سبباً آخر لعزوف الكفاءات على تولي المناصب الوزارية وغيرها، لإثباته أنه من السهل أن «يقص الحبل» بهم في أي وقت. وهو بهذا لا يضعف من صورته وقدرته على إدارة الحكومة فحسب، بل يحرج في الوقت نفسه النواب الساعين إلى تهدئة الأمور حالياً والتفرغ لسن التشريعات وخدمة المواطنين الذين ملّوا من هذه الصراعات غير المجدية.

فبسبب هذا الوضع المتأزم، بدأ الناس يكفرون بالديمقراطية، ويكرهون قراءة الصحف ومشاهدة أخبار البلد لأنها «تغم القلب»، وما بين نواب متعسفين يبحثون عن العنتريات والبطولات، وحكومة ضعيفة، ورئيس وزراء خاضع للابتزاز، ضاع المواطن المسكين الذي يبدو أن مشاكله التعليمية والإسكانية والصحية ستظل ترافقه إلى أبد الآبدين.

back to top