هل أوشكت الحرب؟

نشر في 09-05-2008
آخر تحديث 09-05-2008 | 00:00
 د. مأمون فندي التوتر الشديد في لبنان اليوم نذير حرب إقليمية لا حرب أهلية. مسلحو المعارضة في شوارع بيروت يقابلهم بكل تأكيد سلاح وشباب طائش من كل الطوائف. لكن لحساب من يفخخ الوضع في لبنان. كتبت في السابق أن واحداً من سيناريوهات الحرب في المنطقة هي أن يفخخ «حزب الله» الوضع في لبنان، وتسقط حكومة فؤاد السنيورة. وبما أن الجيش اللبناني والقوات الدولية الموجودة في لبنان لن يتمكنا إن حدث هذا من ردع «حزب الله». ومن البديهي أن يتم دعمه بالأسلحة من سورية وإيران. هنا ستتدخل إسرائيل لضرب هذه الشحنات من الأسلحة في داخل سورية قبل وصولها إلى «حزب الله».. وهذه مقدمة لحرب محتملة بين سورية وإسرائيل أو بين إسرائيل وإيران، رغم كل ما يقال عن مفاوضات سلام سرية بين سورية وإسرائيل.

بالطبع الحديث عن اندلاع حرب إقليمية يتطلب حذراً شديداً في الكتابة عنه، خصوصاً إذا كنا نتكلم عن حرب محتملة لا عن سلام مرتجى بعد زيارة الرئيس بوش للمنطقة بعد أسبوع. بداية، لا أختلف مع مقولة إن كلاً من سورية، وإيران وإسرائيل وحتى الطوائف في لبنان لا تريد الحرب. ولكن في هذا الجو المليء بالشك المتبادل، هناك مساحات كبيرة لسوء الفهم وإساءة قراءة النوايا، مما قد يفجر الوضع ويقود إلى حالة حرب لم تكن في حسبان الجميع.

التوتر الحالي بين الدول والجماعات الراديكالية في المنطقة في هذا السياق الملتهب إقليمياً يجعلنا أقرب إلى الحرب منا إلى أجواء السلام رغم إصرار وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس والرئيس جورج بوش على التوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيلين قبل نهاية العام. ربما الضغط الأميركي ذاته هو الذي يدفع إسرائيل إلى الحرب للهروب من مستحقات السلام التي قد يفرضها عليها الرئيس الأميركي جورج بوش في نهاية رئاسته. فبوش لم يعد يحتاج إلى أصوات أنصار إسرائيل في انتخابات رئاسية مقبلة لن يخوضها، كل ما يهمه هو دخول التاريخ من خلال تطبيق رؤيته بحل الدولتين، إسرائيل وفلسطين. وإسرائيل تتخوف من أن تفرض الولايات المتحدة هذا الحل عليها في زيارة بوش القادمة، خصوصا أن العرب مازالوا ملتزمين بمبادرتهم التاريخية التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت... لذا قد تجد إسرائيل نفسها محاصرة بتقديم تنازلات مؤلمة ولا فكاك منها إلا بتفجير الوضع الإقليمي لتشغل به الإدارة الأميركية في شهورها القليلة المتبقية.

يرى بعض المراقبين في الغرب أن ما يحدث في لبنان هو بمنزلة لفت الأنظار بعيداً عن إيران وملفها النووي. لكن هذا المفاعل ذاته هو الذي قد يؤدي إلى اندلاع الحرب. فقد تحدث ضربة للمفاعلات النووية الإيرانية، ولن يعرف مَن قام بها هل هي طائرات أميركية أم إسرائيلية؟ يسود الصمت في واشنطن وتل أبيب، وتحاول طهران الرد من خلال استخدام «حزب الله». هذا إذا ما تصاعدت ما أسماها قائد القوات الأميركية في العراق ديفيد بيترويوس، «حرباً بالوكالة» في شهادته أمام الكونغرس الأميركي، بين أنصار إيران في العراق والولايات المتحدة، لتصبح مواجهة مباشرة.

هناك تقارير جادة تقول إن جورج بوش سيوجه ضربة استراتيجية لإيران في ديسمبر المقبل، أي قبل نهاية ولايته، خصوصاً أنه يريد إكمال مهمته فيما سماه القضاء على «محور الشر». فقد نجح بوش من وجهة نظر مؤيديه في إنجاز مهمته تجاه ضلعين من المثلث: القضاء على صدام حسين، وإنهاء قضية الملف النووي لكوريا الشمالية، ولم يبق أمامه سوى ضرب الضلع الثالث المتمثل في إيران.

هل مايحدث في لبنان هو أمر أصيل مرتبط باللبنانيين أم أنه رجع لصدى تحرشات إقليمية أخرى، قد تؤدي ونتيجة لبعض الحسابات الخاطئة إلى حرب أكبر من لبنان وربما أكبر من المنطقة؟

* رئيس برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية- IISS

back to top