سلمان دعيج الصباح يرد على مذكرات الدكتور أحمد الخطيب

نشر في 13-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 13-10-2008 | 00:00
No Image Caption
بعث وزير العدل الأسبق الشيخ سلمان دعيج الصباح رداً على ما جاء في العدد 405 الصادر بتاريخ 9/9/2008، من مذكرات د. أحمد الخطيب «الكويت من الدولة إلى الإمارة» «الجزء الثاني» مؤكدا فيه أن «جميع الوقائع والأحداث السياسية التي أوردها د. الخطيب في الجزأين الأول والثاني من مذكراته غير موثقة تاريخيا، وليست مستندة إلى محاضر مجلس الامة عن جميع الفصول التشريعية التي وقعت فيها تلك الوقائع والأحداث».

وأوضح الشيخ سلمان الدعيج الصباح «أن مذكرات الدكتور أحمد الخطيب اتسمت بعدم الحيادية وعدم الأمانة التاريخية في سرد الأحداث».

وفي ما يلي نص الرد بالكامل:

السيد الفاضل رئيس تحرير جريدة الجريدة• المحترم

تحية طيبة وبعد،،،

ردا على ما نشرتموه في جريدتكم في عددها رقم 405 الصادر بتاريخ 9/9/2008، بقلم الدكتور احمد الخطيب – عن الجزء الثاني – من ذكرياته – حول انتقال «الكويت من الدولة الى الامارة»، وكأنه يوحي للقارئ بأن الكويت على اعتاب مرحلة الارتداد للخلف، وان المكاسب الديمقراطية التي تحققت للشعب في سبيلها للزوال، حيث استهل الدكتور الخطيب مقالاته بنظرة تشاؤمية، قال فيها: «اما هذا الجزء فسوف نستعرض فيه الحالة البائسة التي وصلنا اليها الآن... نحن الآن في مرحلة تم فيها تعطيل الدستور وكل المؤسسات الدستورية التنفيذية والتشريعية والرقابية وإنهاء النظام الدستوري برمته، واصبحنا نقترب إلى حالة انعدام وجود دولة القانون»، وان اشد ما يؤلمني كفرد ينتمي الى هذا البلد الطيب، ان هذا الحديث موجه بشكل خاص الى شابات وشبان الكويت كما جاء باهداء الكاتب، وكأنها محاولة لوأد احلام الشباب في مهدها، وقتل الامل في المستقبل داخلهم، واقول للدكتور احمد الخطيب بشروا ولا تنفروا، ففي احلك الظروف التي كانت تمر بها البلاد ابان الغزو العراقي الغاشم، وقف صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير البلاد الراحل بتاريخ 13/10/1990 متحدثا عن ترتيب البيت الكويتي في مؤتمر جدة، قائلا: «لقد عاشت الكويت منذ القدم في اجواء الحرية، والتزموا بالشورى ومارسوا الديمقراطية في ظل دستورنا الذي ارتضيناه جميعا واذا ما اختلفت اجتهاداتنا بشأن امر من الامور المتعلقة بترتيب البيت الكويتي فإنه يكون اشد تلاحما واصرارا وتآزرا في مواجهة الاخطار التي تهددهم».

كما حرص صاحب السمو الامير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ان يرسخ هذا النهج في كلمته امام المؤتمر حيث قال: «واذا كانت حرية التعبير عن الرأي حقا تعارف عليه مجتمعنا منذ نشأته واكده دستورنا الذي نتمسك به ونحرص عليه فإنه ليس من الوطنية ولا من حرية الرأي ان يسيء احد الى وحدتنا الوطنية أو يعمل على تشويه صورة كفاح شعبنا، وهو ما يؤكد حرص عائلة الصباح قاطبة على الالتزام بالديمقراطية والشورى واحترام العمل الدستوري حتى في احلك الظروف، وعلى خلاف ما يدعيه الدكتور الخطيب بأننا وصلنا الى مرحلة تعطيل الدستور واقترابنا الى حالة انعدام وجود دولة الكويت، فأي رسالة يريد ان يبثها الخطيب في نفوس شباب وشابات الكويت؟!!

ولعل هذا المنهج الديمقراطي الراسخ هو الذي دعا المرحوم عبدالعزيز الصقر للتعبير عن هذا الحب الجم والتلاحم بين قوى الشعب وقادته من آل الصباح، في كلمته امام المؤتمر سالف الذكر، حيث قال: «في لقاء كهذا رسمي الدعوة، شعبي الاستجابة ليس الهدف ابدا مبايعة آل الصباح، ذلك لان مبايعة الكويتيين لهم لم تكن يوما موضع جدل لتؤكدَّ ولا مجال نقض لتجدد ولا ارتبطت بموعد لتمدد، بل هي بدأت محبة واتساقا واستمرت تعاونا واتفاقا، ثم تكرست دستورا وميثاقا...» وان الفكر الذي يرغب الدكتور الخطيب في بثه في نفوس شباب وشابات الكويت بشأن غياب الديمقراطية وتعطيل الدستور، وان صاحب السمو الامير الوالد عدو للديمقراطية لا يمكن ان يلقى صدى لدى شباب وشابات الكويت، ولا ان ينال من هذا التلاحم الروحي. وردا على ما جاء بالمقال سالف الذكر نود الاحاطة بما يأتي:

أولا: لقد تابعت جميع مقالات الدكتور احمد الخطيب، سواء ما نشر في جريدتكم في الجزء الاول او في الجزء الثاني من ذكرياته، فوجدت ان جميع الوقائع والاحداث السياسية التي اوردها في الجزأين، غير موثقة تاريخيا، وغير مدققة، وغير محققة، وليست مستندة الى محاضر مجلس الامة عن جميع الفصول التشريعية التي وقعت فيها هذه الوقائع وتلك الاحداث، كذلك لم اجد اية واقعة او حادثة سياسية مما ورد في جريدتكم، مستندة الى رسائل او وثائق بحسب تواريخ وقوعها، او مراسلات بين رؤساء مجلس الامة المتعاقبين في الفصول التشريعية وبين الوزراء المختصين في كل واقعة على حدة، او حتى مع رؤساء مجلس الوزراء خلال الفصول التشريعية، وبغير التوثيق والاسناد والتدقيق والتحقيق، اعتمادا على انتقاء من ذكرياته بطريقة تخدم الهدف الذي يسعى الى تحقيقه، يكون قد ادخلنا الى عهد «الأمية السياسية»، فليس هكذا يتم التدوين تاريخيا لقضايا وطنية، ولقد اتسمت ذكريات د. احمد الخطيب بعدم الحيادية وعدم الامانة التاريخية في الاحداث التي يدعيها.

ثانيا: الوثائق التاريخية السابقة والمعاصرة واللاحقة، لاي حل لمجلس الامة، تثبت ان كل حل دستوري كان بسبب مساس بعض اعضاء مجلس الامة بوحدة الوطن واستقراره والتهجم والتجني على المسؤولين واساءة استخدام الادوات الدستورية في الرقابة والاستجوابات، مثلما حدث في حل صاحب السمو الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح لمجلس الامة عام 1976، وحل صاحب السمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح للمجلس عام 1986، وعام 1999، وحل صاحب السمو الامير الحالي للبلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح مجلس الامة عام 2008، مما يثبت ان السلطة التشريعية، تركت مهمة اعداد التشريعات، وتفرغت الى اثارة الصراعات السياسية دون سند او دليل.

وكان احرى بالدكتور احمد الخطيب مناقشة اسباب كل حل لمجلس الامة – المثبتة تاريخيا – في مقدمة اوامر الحل، بدلا من روايات مصطنعة، لدفع الجماهير، الى تصديق ما يقوله، عن قضايا خاصة، وليس عن قضايا وطنية، ويكفينا ما اعلنه صاحب السمو امير البلاد الحالي الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح -حفظه الله– بعد حل مجلس الامة بالمرسوم الاميري رقم 82/2008 بقوله: «الديمقراطية التي ندعو لها تعني الحكمة في الحوار، دون الاندفاع نحو التعسف باتخاذ القرار وعدم تجاوز الاصول البرلمانية التي رسمها وحددها الدستور والحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات، وقد صبرت على ذلك طويلا، لعل وعسى ان تهدأ النفوس... وترقى مصلحة الوطن فوق كل المصالح، الا ان ذلك لم يتحقق».

ثالثا: بالنسبة لما كتبه الدكتور احمد الخطيب في مقاله بأن وزير العدل كان يتصرف في مجلس الوزراء كرئيس للوزراء، فهذا الكلام عار من الصحة تماما ومخالف لحقيقة الواقع، اذ اختيار المغفور له صاحب السمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في هذه الفترة، لشخصي يدل على ثقة غالية، نعتز ونفخر بها، ووسام على صدري من المغفور له صاحب المواقف السياسية البطولية الرائعة التي يشهد بها الكويتيون، ويسجلها التاريخ بأحرف من نور، اما انني اتصرف في مجلس الوزراء كرئيس للوزراء فهذا قول مرفوض لانه يمس صاحب السمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح، ولا يمكن ان يصدقه عاقل، لان الكويتيين يعرفون جيدا الشيخ سعد العبدالله الصباح حق المعرفة، من انه رجل فذ الشخصية، سديد الرأي، قوى الحجة، اذ انه بحق كان رائدا ومهندسا لتحرير دولة الكويت من العدوان العراقي الغاشم على ارضها الطاهرة، فلا يمكن لجاحد ان ينكر هذه الصفات على المغفور له صاحب السمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح، بحيث لا يُتَصور عقلا أو منطقا أن أتصرف كرئيس لمجلس الوزراء.

رابعا: وفي ما يتعلق بما نسبه د. احمد الخطبب الينا، بمسؤوليتنا عن ملف ازمة سوق المناخ، ورئاستنا للجنة المشرفة على حل هذه الازمة في الفصل التشريعي عن مجلس 1981 والتشكيك في ذمتنا، والكذب في الادلاء بوقائع غير صحيحة عند الاستجواب عام 1985، ففضلا عن عدم صحة ما زعمه د. احمد الخطيب، عن جميع التهم التي وجهها الينا في مقاله المنشور في جريدتكم بتاريخ 9/9/2008 في العدد رقم 405، فإن هذه الاتهامات، تخضع د. احمد الخطيب الى العقوبات التي وردت في قانون المطبوعات رقم 3/2006، لأنها قامت على تزييف الحقائق، ودلت على ان الدكتور احمد الخطيب، هدف من مقاله التطاول على صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، والاساءة الينا، مستغلا الاستجواب السياسي، الموجه الينا عام 1985، لاسباب غير دستورية، تخفي أهدافاً خاصة للدكتور احمد الخطيب، حيث وجه الاساءة لصاحب السمو الامير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، بأسلوب فج، واستمر في الاساءة لسموه حتى بعد انتقاله الى جوار ربه، وصولا الى دفع الجماهير الوطنية الى تصديقه، في ما نسبه اليه بأنه «عدو للديمقراطية»، كما نالني من اساءاته الكثير، فجاءت ادعاءاته حول مسؤوليتنا الكاذبة بشأن أزمة «سوق المناخ»، بأغلاط جسيمة، يتعين تصحيحها وتطهيرها، بالأدلة الآتية:

1 - ليس صحيحا انني كنت مسؤولا عن ملف ازمة المناخ والادعاء أنني كنت رئيسا للجنة المكلفة بالاشراف على هذا الملف، فقد انزلق احمد الخطيب الى الخلط بين رئاستي للجنة تطوير التشريعات الكويتية، واستحداث تشريعات جديدة لمواكبة تطور الكويت وذلك بتاريخ 19/2/1977، قبل تفجر ازمة سوق المناخ في منتصف عام 1982، وبين ولايتي لمنصب وزير العدل والشؤون القانونية والادارية في4/3/1981.

وبيان ذلك، أنه عندما كان صاحب السمو امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، تقدمت بمذكرة الى مجلس الوزراء حول ضرورة استحداث بعض القوانين التي تحتاج اليها الدولة وتطوير بعض القوانين المعمول بها آنذاك، لتواكب العصر الذي نحن فيه، حيث اسند الينا انجاز هذه المهمة بموجب قرار مجلس الوزراء المؤرخ 19/2/1977، فأصدرت القرار رقم 2/1977 بتشكيل اربع لجان من متخصصين من كبار رجال الكويت المنتمين الى القضاء وجامعة الكويت والمحاماة وغرفة تجارة وصناعة الكويت، تتولى تطوير هذه التشريعات واستحداث تشريعات جديدة، وقد اسفر عمل هذه اللجان تحت اشرافنا كوزير دولة للشؤون القانونية والادارية، عن هذا التطوير الذي نقل دولة الكويت الى دولة مواكبة للتطور التشريعي الحديث، ويأتي في مقدمة هذه التشريعات القانون المدني الكويتي الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 37/1980 الذي حل محل مجلة الاحكام العدلية، الصادرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم المرسوم بقانون رقم 68/1980بإصدار قانون التجارة، والمرسوم بقانون رقم 38/1980 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية، ثم المرسوم بقانون رقم 28/1980 بإصدار قانون التجارة البحرية الذي حل محل اقدم قوانين الكويت وهو قانون الغواصين الصادر بتاريخ 29/5/1940، وقانون السفر الصادر بتاريخ 4/6/1940وقانون الاحوال الشخصية رقم 51/1984، وقانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 15/1979، وغيرها كثير، بلغ عشرات القوانين، وهي نافذة ومعمول بها حتى الآن، إلا اذا كان د. احمد الخطيب لا يعلمها، او تعمَّد تجاهلها، وكلا الأمرين يثبت انه لا يعلم ضوابط التدقيق في الكتابة في التاريخ السياسي.

2 - وجميع هذه التشريعات المطورة، والمستحدثة، كانت محلا للاقتباس من بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وللاسف، غمَّ الامر على د. احمد الخطيب فخلط بين رئاستنا لملف تطوير التشريعات عندما كنت متوليا منصب وزير الدولة للشؤون القانونية والادارية بتاريخ 6/9/1976، ومنصبنا كوزير للعدل والشؤون القانونية بتاريخ 4/3/1981، ثم نسب الينا اشرافنا على ملف سوق المناخ.

3 - أما عن ازمة سوق المناخ، التي نشبت في منتصف عام 1982، بعد ان تولينا منصب وزير العدل فإن جميع الوثائق التاريخية، تثبت ان الاقتراحات المقدمة بعلاج هذه الازمة، مقدمة من وزير المالية والاقتصاد ووزير التجارة والصناعة، ثم ناقشها مجلس الوزراء، ودفع بها الى مجلس الامة في الفصل التشريعي الخامس، فصدر المرسوم بقانون رقم 57/1982، وبعد احالته الى مجلس الامة، ادخل المجلس تعديلاته، بإنشاء صندوق لضمان حقوق صغار المستثمرين، وكان التعديل بناء على طلب بعض الاعضاء، الذين ينتمون الى المجموعة التي تقف وراء د. احمد الخطيب، ونأمل ان يرجع بنفسه الى مضابط مجلس الامة أرقام 447أ، 448أ، 449أ، من دور الانعقاد الاول من الفصل التشريعي الخامس الذي عدل المرسوم بقانون رقم 57/1982، ليتأكد من هذه الحقائق.

ثم اصدر مجلس الامة، القوانين أرقام 59/1982، 75/1983، 100/1983، 42/1988 لمواجهة علاج هذه الازمة.

ومن ثم فإن ادعاء د. احمد الخطيب، انني مسؤول عن ملف ازمة سوق المناخ، رغم ان مجلس الامة شارك وأعد القوانين المشار اليها، يكون من قبيل تضليل القارئ وتزييف حقائق التاريخ السياسي للكويت.

وبإمكان د. احمد الخطيب الرجوع الى مضابط مجلس الامة خلال ادوار الانعقاد في الفصل التشريعي الخامس، انعاشا لذاكرته، وتصحيحا لأغلاطه، قبل ان يصدر كتابه عن هذه المقالات.

4 - وفي خصوص الاستجواب الذي وجهه الينا، بعض اعضاء مجلس الامة، واستخدمه الدكتور احمد الخطيب في مقاله، وصولا الى دفع الجماهير لتصديقه بأن صاحب السمو الامير الوالد، عدو للديمقراطية، ولدفعهم للتصديق بأن حل مجلس الامة عام 1986 كان سببه غضبه من اسلوب استجوابنا، فان الامر الاميري الصادر بتاريخ 3/7/1986 من صاحب السمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، اثبت في مقدمته، ان الحل صدر بسبب اخطار الحرب العراقية الايرانية التي ظلت مستعرة حتى عام 1989، وان مواقف بعض اعضاء مجلس الأمة، اصبحت مصدر تهديد للوحدة الوطنية، فقد ورد في هذا الأمر الآتي:

«ولقد تعرضت البلاد لمحن متعددة وظروف قاسية لم يسبق ان مرت بمثلها مجتمعة من قبل، فتعرض امنها الى مؤامرات خارجية شرسة هددت الارواح وكادت تدمر ثروات هذا الوطن ومصدر رزقه، وكادت نيران الحرب المستعرة بين جارتيها المسلمتين ان تصل الى حدودها، وواجهت ازمة اقتصادية شديدة، وبدلا من ان تتضافر الجهود وتتعاون كل الاطراف لاحتواء هذه الازمات تفرقت الكلمة وانقسم الرأي وظهرت تكتلات واحزاب ادت الى تمزيق الوحدة الوطنية وتعطيل الاعمال حتى تعذر على مجلس الوزراء الاستمرار في مهمته، ولما كانت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لن ينقذها منها إلا عمل حاسم وجاد، ولما كانت المؤامرات الاجرامية التي يتعرض لها الوطن لن يوقفها الا اليقظة التامة والاستعداد الكامل والوحدة الوطنية الشاملة، ولما كانت ظروف المنطقة تتميز بالحرج وتحيطها ملابسات دقيقة وخطيرة، ولما كان استمرار الوضع على ما هو عليه سيعرض الكويت الى ما خشيناه من نتائج غير محمودة. ولما كانت الحرية والشورى نبت اصيل نما وازدهر منذ نشأت الكويت، وكانت الكويت هي الاصل وهي الهدف وهي الباقية، اما ما عداها فهو زائل ومتغير وفقا لحاجاتها ومصالحها، فإن استمرار الحياة النيابية بهذه الروح وفي هذه الظروف يعرض الوحدة الوطنية لانقسام محقق ويلحق بمصالح البلاد العليا خطرا داهما، لذلك رأينا حرصا على سلامة واستقرار الكويت ان نوقف اعمال مجلس الأمة».

(الجريدة الرسمية - العدد 1672 - س 32)

اذن فإن اسباب حل مجلس الامة في عام 1986، تكون قد قامت على تهديد وحدة الكويت وامنها امام حرب الخليج بين ايران والعراق، حسب التوثيق التاريخي وليس على اسس روايات مصطنعة للاساءة لصاحب السمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح، في ما زعمه د. احمد الخطيب، من ان المرحوم اخبره أنه سوف يحل مجلس الامة بسبب استجوابنا، وفي ما زعمه أن الحل بسبب استجوابات مصطنعة من عناصر موالية للحكومة فالمفاضلة تاريخيا، بين ما هو مثبت في أمر الحل، وبين روايات صادرة عن د. احمد الخطيب، يكون المثبت تاريخيا عن الواقعة السياسية المدعى بها، هو الأصدق تاريخيا، ما دام د. أحمد الخطيب، قد أدلى برواية غير محققة وغير مدققة وغير مثبتة تاريخيا، وثبت من ظروف الرواية، أن د. أحمد الخطيب صب غضبه على صاحب السمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح في جميع مقالاته لقضايا خاصة، وليس لقضايا وطنية.

5 - ان الاستجواب المنسوب إلينا الذي استغله د. أحمد الخطيب، للنيل من صاحب السمو الامير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح، كان محلا لدراسة دقيقة، وتحقيق دستوري وتاريخي، من الاستاذ الدكتور عثمان عبدالملك الصالح، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت، وتم نشرها في جريدة الأنباء الكويتية الصادرة بتاريخ 11/5/1985 تحت عنوان «استجواب وزير العدل في ضوء الحقيقة والقانون»، عقب تقديم استقالتي، وقد خلصت الدراسة إلى مخالفة المستجوبين الثلاثة المشار اليهم للدستور والقانون ومخالفة الأحكام القضائية التي صدرت من المحاكم في شأن معاملات المواطنين للأسهم بالأجل، ودمغ الدكتور عثمان عبدالملك الصالح المستجوبين الثلاثة بالانحراف في استعمال وسائل مجلس الامة في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية، ونفى الدكتور عثمان عبدالملك الصالح المسؤولية السياسية لوزير العدل، وأثبت بأدلة دستورية مخالفة مجلس الأمة لصريح المواد 100، 101، 102 من الدستور فضلا عن المواد 115، 131، 163 من ذات الدستور.

ولقد تناول المرحوم الأستاذ الدكتور عثمان عبدالملك الصالح موضوع الاستجواب ايضا بدراسة أخرى، نشرت بجريدة الوطن بتاريخ 23/4/1985 تحت عنوان «استجواب وزير العدل وحقيقة المسؤولية عن قوانين المناخ».

6 - ولو كان د. أحمد الخطيب يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وإظهار الحقيقة في مقالته، لقام بالاطلاع على محاضر مجلس الامة خلال ادوار انعقاد مجلس الامة التالية لانتخابات عام 1981، التي بحث فيها المجلس القوانين أرقام 57/1982، 59/1982، 75/1983، 100/1983، 42/1988، الصادرة في شأن علاج الأوضاع الناشئة عن أزمة سوق المناخ، غير أنه عمد إلى عدم الاشارة إلى أي من جلسات المجلس، التي تمت فيها مناقشة هذه القوانين وأقرها المجلس، بعد أن فشل د. أحمد الخطيب في اثبات اية مسؤولية لوزير العدل في اعداد هذه القوانين أثناء مناقشة جلسة الاستجواب عام 1985.

7 - إن المرء يستطيع أن يقول باطمئنان، أن تحامل د. احمد الخطيب على صاحب السمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح، برز بشكل واضح في الاستجواب الموجه إلى وزير العدل بعد أن شكك في ذمته، وهو أمر يخضعه لعقوبات قانون المطبوعات رقم 3/2006، فنسب إلى صاحب السمو الامير الوالد، ما ليس فيه، بأنه كان يرفض الديمقراطية، ثم نسب إلينا، التشكيك في ذمتنا، ونسب إلينا، الكذب على مجلس الأمة، وهو ما ليس فينا، فكانت مقالته المنشورة بتاريخ 9/9/2008 في جريدتكم، هي بحق تزييف الحقائق تاريخية من دليلين:

الدليل الأول: اعتراف د. أحمد الخطيب في ذات المقالة بأنه أعطى لصاحب السمو الامير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح قائمة بأسماء عدد من النواب الفائزين في انتخابات 1985 لتولي بعض الوزارات، وعند اعلان تشكيل الوزارة لم يجد د. أحمد الخطيب أي اسم من الأسماء التي رشحها من تابعيه، فتحول د. أحمد الخطيب إلى صاحب قضية خاصة ضد صاحب السمو، وليس صاحب قضية وطنية، فثار وأخذ يهاجم النظام السياسي للكويت.

الدليل الثاني: أُذكر الدكتور الخطيب بما قاله لي عند الالتقاء به يوم الأحد الموافق 21/2/1988 في صالة الزبن بالروضة بمناسبة عقد قران عمار محمد عبدالكريم إدريس، حيث قال بالحرف الواحد إنه «قال لجماعته بانهم أخطأوا بحقي باستجوابهم، وأنهم ضربوا مسمارا بنعش الديمقراطية بهذا الاستجواب، لأنك عندما كنت في المجلس كنت تحاورنا وكنت ترد علينا، وبعد استقالتك قاطعنا الشيخ سعد وأخذنا نهاجم الوزراء، ولم يرد علينا أحد إلى أن سئمت الحكومة منا وحلونا». وكان تعليقي على كلام الدكتور أحمد الخطيب «الآن يا دكتور هذا الكلام مأخوذ خيره، أنا الآن خارج السلطة وإذا كان عندكم أي موضوع حول الشأن العام، فتفضلوا بفتح حوار مع سمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله... وشكرا» وانتهى اللقاء على هذا الحد.

وبعد هذا اللقاء، كنت أعتقد أن الدكتور أحمد الخطيب قد اطلع على دراسة الأستاذ الدكتور عثمان عبدالملك الصالح، الاستاذ الدستوري بجامعة الكويت، واقتنع بها، وهذا بلا شك مسلك يحمد عليه، ولكن مع الاسف، وجدت في ذكرياته المنشورة ما ينسف ما قاله لي في المقابلة أعلاه.

ونأمل ان يراجع الدكتور أحمد الخطيب التقرير الاقتصادي الصادر من بنك الكويت المركزي عن الفترة من 1980 إلى 1984 للوقوف على أسباب أزمة سوق المناخ، كما نأمل ان يراجع الدراسة التي أعدها السيد/ براك المرزوق، رئيس ديوان المحاسبة الآن، عن اجراءات علاج أزمة سوق المناخ المنشورة في صفحة كاملة من جريدة القبس الكويتية الصادرة قبل الغزو العراقي الغاشم في عددها رقم 6476 بتاريخ 19/5/1990.

ونأمل كذلك ان يقارن د. أحمد الخطيب بين معالجة أزمة سوق المناخ، ومعالجة شراء الدولة بعض المديونيات وكيفية تحصيلها عندما كان عضوا في مجلس الامة عام 1993 عند إعداد القانون رقم 41/1993 بدلا من المرسوم بقانون رقم 32/199 فلقد بلغت مديونيات المتعاملين في أزمة سوق المناخ مبلغاً يزيد على 26 مليار دينار، وتمت تصفية هذه المديونيات بالمرسوم بقانون رقم 42/1988، وتم صرف جميع السندات إلى الدائنين، ولم يشهر افلاس المدينيين إلا في حدود 60 مدينا، وتمت تصفية أوضاعهم بموجب هذا المرسوم دون تكلفة على الدولة، بينما بلغ حجم المديونيات التي قامت الدولة بشرائها وحلت محل البنوك الكويتية 5750 مليون دينار كويتي، وترتب على هذا القانون شهر إفلاس ما يزيد على 1500 مواطن كويتي، ولا يزال شهر الافلاس مستمرا حتى الآن، ولم تسترد الدولة مبلغ الدائنية لشراء هذه المديونيات.

ومن هذه المقارنة يستطيع المرء أن يرى مدى الضرر الذي لحق بالمدينين الذين خضعوا لأحكام هذا القانون.

كل هذه الحقائق التاريخية نود ان نضعها أمام الدكتور الخطيب والتي يعرفها حق المعرفة، ويعلم بها تماما لانعاش ذاكرته، وتصحيحا للأخطاء التي وقع فيها، سواء عن قصد او بحسن نية، أثناء كتابة مقالاته في جريدة «الجريدة» لعله يهم ويراجع نفسه في كل هذه الحقائق السابق ذكرها، قبل ان يصدر كتابه ويقع في ذات الأخطاء، الأمر الذي يجعلنا نلجأ إلى القضاء لتطبيق قانون المطبوعات رقم 3/2006، حيث ان ما جاء في هذه المقالات يشكل جريمة يعاقب عليها هذا القانون، خاصة أن هدفه من نشر هذه المقالات كما جاء في جريدة «الجريدة» في عددها رقم 404 الصادر بتاريخ 8/9/2008 أنه «إهداء إلى شابات وشبان الكويت الذين يعملون على إعادة الكويت إلى دورها الريادي في المنطقة» فيجب أن يعلم هؤلاء الشابات والشبان بكل الحقائق التاريخية وليس ما يتم تسطيره من الذاكرة، والذي يبعد تماما عن الحقائق والتاريخ السياسي لدولة الكويت.

وتفضلوا بقبول أطيب التمنيات،،،

سلمان دعيج الصباح

back to top