إسرائيل تكرِّر «قانا»... في مدارس الـ«أونروا» ساركوزي ومبارك يفتحان «كوة» للحل... والأسد يلوِّح بقمة «بمَن حضر»
شهد قطاع غزة أمس، مجازر جديدة، مع استهداف اسرائيل المدارس التي تديرها وكالة الـ«أونروا» (غوث اللاجئين) التابعة للأمم المتحدة، التي لجأ اليها آلاف الفلسطينيين الهاربين من هول المعارك في شمال القطاع وشرقه، مكررة مجزرة قانا في لبنان عام 1996عندما قصف الجيش الاسرائيلي مركزاً تابعاً لقوات الأمم المتحدة، التجأ إليه مئات المدنيين من اطفال ونساء.
وفي حين خاض المقاتلون الفلسطينيون من حركة «حماس» وغيرها من الفصائل مواجهات عنيفة مع الجيش الاسرائيلي على أطراف مدينة غزة، شهد القطاع قصفاً مدفعياً عشوائياً مُركزاً وغارات جوية أسفرت بحسب مصادر طبية، عن ارتفاع حصيلة شهداء الهجوم الاسرائيلي المتواصل منذ 11 يوما، الى أكثر من 660 فلسطينياً، بينهم أكثر من 120 طفلاً، إضافة إلى ما يزيد على 3000 جريح. وقضى أمس، 45 شخصاً في ثلاث هجمات متفرقة على مدينة غزة وجباليا استهدفت مدارس الـ«أونروا»، بينما سقط 13 شخصاً من عائلة واحدة في حي الزيتون. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل خمسة من جنوده، ثلاثة من لواء غولاني (النخبة) قُتِلوا بقذيفة اسرائيلية «عن طريق الخطأ»، إضافة إلى اثنين آخرين بينهما ضابط، كما ارتفع عدد الاصابات في صفوف الاسرائيليين إلى 95 جريحاً، بينهم قائد لواء غولاني ومساعده. وعلى وقع المعارك والدمار، تقدمت التحركات الدبلوماسية خطوة الى الامام في سعيها للتوصل إلى حل سياسي. وتمكَّن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي أنهى أمس جولة مكوكية في المنطقة، من فتح «كوة صغيرة»، كما وصفها رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون، بالاشتراك مع الرئيس المصري حسني مبارك، في احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وكان ساركوزي اجرى امس، محادثات في دمشق وبيروت مع الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان، بعد إجرائه امس الاول، جولة شملت مصر والأراضي الفلسطينية وإسرائيل. وفي خطوة غير مقررة، عاد ساركوزي مساء أمس، الى شرم الشيخ حيث التقى مبارك، إذ تركّزت مباحثات الرئيسين على ما صار يعرف باسم «المبادرة المصرية- الفرنسية» التي تسعى إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وطرح ساركوزي بعد مشاوراته خطة من أربع نقاط لوقف الحرب تتطابق مع الطرح المصري لحل الأزمة، وتقضي باستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار، والدعوة إلى اتفاق تهدئة جديد بين إسرائيل و«حماس» يكفل فتح المعابر بين إسرائيل وغزة مع وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى لضمان تنفيذ الطرفين لالتزاماتهما. وتزايدت حظوظ المبادرة المصرية- الفرنسية في النجاح على حساب المبادرة التركية، لاسيما بعد المفاوضات التي أجراها وفد «حماس» أمس، في جو من التكتم الشديد، مع المسؤولين المصريين، وعلى رأسهم رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان. وكان الرئيس السوري قد لوَّح في دمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ساركوزي أمس، الى انه قد يدعو، بصفته رئيسا للدورة الحالية للقمة العربية، الى عقد قمة مصغرة «بمَن حضر» من الزعماء، لافتا الى انه على تنسيق تام مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. على صعيد آخر، وقبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن المخصص لبحث الأوضاع في غزة أمس، كشف مسؤول اميركي ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أجرت مشاورات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومع مسؤولين وأصدقاء وحلفاء عرب ووزير الخارجية التركي علي باباجان بشأن القيام بـ«مزيد من الجهود» للتوصل الى وقف لإطلاق النار. وتعليقاً على استبعاد المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة زلماي خليل زاده للتصويت على مشروع قرار أممي معدل روّج له الوفد العربي في نيويورك، اتهمت الجامعة العربية الولايات المتحدة بعرقلة الجهود التي يبذلها العرب لاستصدار قرار من مجلس الأمن بوقف الحرب من اجل «إتاحة الفرصة لإسرائيل لمواصلة حربها». إلى ذلك، أبدت الولايات المتحدة بعض المرونة أمس، قائلة إنها تريد رؤية «وقف فوري لإطلاق النار» في غزة، لكنَّ اتفاقاً كهذا «يجب أن يكون طويل الأمد، وممكن الاستمرار، وليس مؤقتاً ومحصوراً بمدة محددة».