استمرار مظاهرات العمال... والشؤون تتظاهر بالوعود الفارغة مصالح مشتركة بين شركات وقياديين ضاعفت المشكلات
دخلت التظاهرات العمالية يومها الثالث بتجمهر نحو 250 عاملا امام مقر شركتهم في منطقة المهبولة صباح امس، للمطالبة بزيادة رواتبهم، ورفع عدد من العمال شعارات تطالب بزيادة رواتبهم في ظل ارتفاع الاسعار الجنوني حسب تعبيرهم، وفور بلوغ الامر وزارة الداخلية توجه المسؤولون في محافظة الاحمدي الى الموقع وسيطروا على الوضع، وقامت المديرية بالتوسط بين العمال والشركة. واستمر الاستنفار الامني في عدد من المناطق التي شملت مظاهرات، أو تلك التي من المتوقع أن تنطلق منها تظاهرات، والبحث عن بدائل بعد امتناع عدد كبير من عمال شركات النظافة عن الذهاب الى أعمالهم امس في مختلف القطاعات الحكومية والوزارات، وتأثيراتها المحتملة على العمل، خصوصا في وزارات مثل وزارة الصحة، وأكد مدير إدارة الخدمات في وزارة الصحة عبدالرزاق الكندري أن عمال التنظيف في مختلف قطاعات الوزارة من مستشفيات ومستوصفات يقومون بأعمالهم على أكمل وجه، وأن الشركات المتعاقدة مع الوزارة ليس لديها عمال مشاركون في إضراب العمال البنغاليين، سوى جزء بسيط يتبع شركة أبراج ويعملون في منطقة العاصمة الصحية.
وتتجه الحكومة الى تغيير سياستها تجاه العمالة الوافدة، في وقت اوقفت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل صرف التصاريح الجديدة للعمالة للقدوم للعمل في الكويت، وتأتي السياسة الجديدة للحكومة كمحاولة لضبط الوضع الحالي ودرء الانعكاسات السلبية لهذه المشكلة وتداعياتها، حيث اوضحت مصادر مقربة من رئيس الوزراء انه سيجري مباحثات لجلب العمالة من الدول التي يزورها، على أن تكون مهيأة ومدربة، وتعاقد الحكومة معها مباشرة كما يحصل مع المعلمين والاطباء والتخصصات الاخرى. وزارة الشؤونوعقد وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الكندري اجتماعا صباح امس مع الوكيل المساعد لقطاع العمل ومديري القطاع لبحث اوضاع العمالة الوافدة، لإيجاد الحلول العاجلة لمشكلة اضرابات عمال النظافة وبحث مطالبهم. وأكد الوكيل المساعد لقطاع العمل بالنيابة حمد المعضادي عقب الاجتماع أن الوزارة بصدد «اصدار حزمة من القرارات التي تصب في صالح العمال وتضمن حقوقهم»، وأوضح ان الاضرابات التي حدثت خلال الايام الماضية جميعها من عمال النظافة من الجنسية البنغلاديشية.وأضاف المعضادي «توجهت امس الى موقع الاضراب مع وفد من الوزارة وناقشنا عددا من العمال المضربين واستمعنا الى مطالبهم، وتتمثل بصفة اساسية في زيادة الرواتب والاجور، ووعدناهم بالنظر في مطالبهم بمنتهى السرعة والسعي الى اعادة جميع حقوقهم كاملة»، مشيرا الى ان الوزارة «جندت جميع الباحثين القانونيين والمفتشين بالوزارة لعمل زيارات ميدانية للعمال في مواقع وجودهم، للاستماع الى شكاواهم ومطالبهم، على ان يقوموا باختيار مندوبين يمثلون كل مجموعة للمناقشة معهم وبحث مطالبهم للوصول الى الحلول المرضية لانهاء هذه الازمة».القنوات القانونية والدبلوماسيةواستنكر المعضادي اتباع «اسلوب الاضرابات كطريقة للمطالبة بالحقوق»، مشيرا الى أن «الوزارة ابوابها مفتوحة دائما لاستقبال الشكاوى والطلبات»، وناشد العمال «اللجوء الى القنوات القانونية للحصول على مطالبهم والنظر فيها بموضوعية، بدلا من هذه الأساليب التي تخلف اضرارا على جميع المستويات، وربما تتسبب في ضياع حقوقهم، هناك قانون حدد نظام المطالبة بالحقوق ونحن نرفض اجراء مثل هذه الاضرابات، ونعلم ان ثقافة هذه العمالة محدودة ولكن من استطاع ان ينظمهم بهذا الشكل كان من الاولى ان يتولى رفع مطالبهم بصورة قانونية الى وزارة الشؤون دون الحاجة الى هذه الاضرابات».وأكد أن «الوزارة لم تستقبل اي شكوى من قبل هؤلاء العمال قبل التظاهر، ولن تدخر جهدا لتوصيل الحقوق الى اصحابها، وإذا كان لهذه العمالة اي مطالب اخرى فالوزارة على اتم الاستعداد للاستماع اليها والنظر الى مطالبها، وسوف نجتمع مع اصحاب الاعمال والشركات لمناقشة مطالب العمال، ورفع تقرير الى مجلس الوزراء، إضافة الى التقرير الذي سترفعه وزارة الداخلية، ونأمل ان نصل الى حلول ترضي جميع الاطراف»، لافتا الى انه «خلال الايام القليلة المقبلة ستصدر الشؤون عدة قرارات هامة بشأن تنظيم اوضاع هذه العمالة والقضاء على جميع السلبيات التي ادت الى حدوث هذه الإضرابات».من جهة أخرى، استقبل وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الكندري سكرتير اول سفارة جمهورية بنغلاديش لدى دولة الكويت شهريار، وجرى التباحث بين الطرفين بشأن سبل حل المشكلات القائمة على مستوى العمالة البنغالية والمقترحات المقدمة من قبل الطرفين لحلها، واتفق الطرفان على ان الالتزام بقوانين البلاد والمحافظة على النظام والامن من الاولويات لحل وبحث اي شكاوى من تلك العمالة من قبل مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي لا تألو جهدا في احقاق الحق ووضع الامور في نصابها الصحيح واتخاذ الاجراءات القانونية الكفيلة بحق الجهات المقصرة في اداء عملها.وزارة الداخليةأمنيا، دخلت التظاهرات العمالية يومها الثالث، بتجمهر نحو 250 عاملا أمام مقر شركتهم في منطقة المهبولة صباح أمس للمطالبة بزيادة رواتبهم، ورفع عدد من العمال شعارات تطالب بزيادة رواتبهم في ظل ارتفاع الاسعار الجنوني حسب تعبيرهم، وفور بلوغ الامر الى وزارة الداخلية توجه المسؤولون في محافظة الاحمدي الى الموقع وسيطروا على الوضع، وقامت المديرية بالتوسط بين العمال والشركة. وكانت التظاهرات انطلقت بتجمع عدد كبير من العمال البنغاليين في منطقة جليب الشيوخ في وقت متأخر من مساء امس الاول، واستمر حتى صباح امس، احتجاجاً على عدم زيادة رواتبهم. وقدر عدد العمال بنحو 2000 شخص، وزع بعضهم منشورات تدعو الى التظاهر من جديد وعدم تصديق الوعود التي أطلقتها وزارة الشؤون ومسؤولو الشركة التي يعملون بها. وأغلق رجال الامن وشرطة المرور الطرق المؤدية الى مكان تجمع العمال، بحضور الوكيل المساعد لشؤون الامن العام اللواء د.مصطفى الزعابي، الذي طلب من القوات الخاصة الاستعداد لأي تصعيد، لكن هذا لم يمنع المتظاهرين من الاعتداء بالضرب على عدد من رجال الامن. منطقة عسكرية منطقة الجليب تحولت الى ثكنة عسكرية كان يديرها اللواء الزعابي، الذي حاول عدم الاندفاع وتعريض حياة الشرطة للخطر، وتوجه اكثر من مرة الى عمق المتظاهرين وتحدث معهم مرات عدة، وأكد لهم انه سيقوم شخصيا بالتحدث مع المسؤولين ونقل مطالبهم بزيادة رواتبهم، وطلب منهم فض المظاهرة، ولكنهم أصروا على البقاء مهما كلَّفهم الامر، واشترطوا استدعاء المسؤولين في الشركة والسماح لهم بضربهم، وأوضحوا أن التظاهرة حصلت بعد اجتماعات عدة لهم مع المسؤولين في الشركات التي يعملون بها، إذ انهم لم يلتزموا بوعودهم بزيادة الرواتب، بل اقتطعوا منها مبالغ مالية، علما بأن عددا من العمال لم يتلقوا رواتبهم منذ ثلاث أشهر. وتفاقمت الاحداث بقيام بعض المتظاهرين بخطف عائلة بنغالية مكونة من ثلاث نساء وطفلين واحتجازهم في شقة، والمساومة على حياتهم لتنفيذ مطالبهم، وعند بلوغ المعلومة للواء الزعابي أمر باستدعاء العقيد الشيخ مازن الجراح واقتحام الشقة التي تحتجز فيها العائلة وإخراجها بسرعة، والقبض على المتسببين في المشكلة، وبالفعل توجه الشيخ مازن الى وسط المتجمهرين وقام بالبحث عن الشقة التي يتحصن بها الخاطفون، وبعد عملية بحث استمرت نحو الساعة، استطاع الشيخ مازن ورجاله القبض على الخاطفين، بعد الوصول الى الشقة واخراج العائلة التي نقلت الى المخفر للتأكد من سلامتها. وانتهت المظاهرة نحو الثانية صباحا، وبعد اخلاء الموقع من المتظاهرين، أصر الزعابي على ان يبقى عدد من رجال الامن في المكان يساندهم رجال المباحث للتأكد من عدم عودة المتظاهرين، وظلت القوات الخاصة متأهبة في مخفر الجليب استعداداً لأي طارئ واحتمال عودة أعمال الشغب، وفي السادسة صباحا عاد العمال الى مظاهرتهم التي بدأت في الصباح، حيث قام بعضهم بإشعال النار في مركبتين تعودان إلى الشركة التي يعملون بها، وعلى الفور تجددت المشكلة، وعاد رجال الداخلية بأعداد أكبر استعداداً لما هو آت.وزارة الصحةوأكد مدير إدارة الخدمات في وزارة الصحة عبدالرزاق الكندري أن جميع العمال في وزارة الصحة تسلموا رواتبهم، عدا تأخير في تسليم الرواتب حدث في شهر مايو الماضي، وفي شهر يونيو صرف فرق الراتب للجميع، وبالتالي فإن وزارة الصحة ليس لديها ما يعكر الصفو، والأمور تسير على أكمل وجه. وأوضح أن الوزارة بعثت التفاصيل الى لجنة المناقصات منذ شهر مارس 2008، إلا أن الوزارة لم تتلق رداً من لجنة المناقصات حتى الآن، لافتا الى أن فتيل الأزمة اشتعل منذ أن بدأت شركات التنظيف في صرف رواتب العمال على أساس الراتب المعدل منذ شهر مايو الماضي، حيث طالب العمال، الذين يعملون في وزارات أخرى والذين يصرفون رواتب أقل من 40 دينارا، مساواتهم بالعمال في وزارة الصحة. وضرب الكندري مثالاً بمناقصة وزارة الداخلية التي تنص على تخصيص مبلغ 23 دينارا لراتب العامل يتقاضي منها فعلياً 18 دينارا. وعلى الرغم من المحاولات العديدة للشركات لتوضيح الأمر للعمالة أن الفرق في الراتب هو نتيجة العقد الجديد وأنهم مازالوا يعملون على بنود العقد القديم. وكانت أول الشركات التي بدأت معها المشكلة هما شركتا وائل النصف وأبراج، مشيرا الى أن حال الاحتقان التي يعانيها العمال نتج عنها العديد من التجاوزات، منها توزيع منشورات منظمة تحض على الإضراب العام، إضافة إلى قيام العمال الغاضبين بمنع زملائهم من الخروج من محل إقامتهم وتهديدهم إذا قاموا بمخالفة الإضراب الجماعي. وأوضح الكندري أن الوزارة كانت على علم منذ يوم الأربعاء الماضي أن بعض عمال بعض الشركات سيقومون بإضراب يوم أمس، واتخذت الوزارة كل الإجراءات الاحترازية لضمان وجود العمال في أماكن عملهم في الوقت المحدد، وقمنا بالاجتماع مع ممثلي الشركات يوم السبت الماضي وبحثنا ترتيب وصول الورديات المختلفة من العمال إلى أماكن عملهم من دون التعرض لأي مضايقات من قبل العمال الثائرين، ولم ينكر الكندري وجود مخالفات وتجاوزات من قبل بعض الشركات التي تتأخر في صرف مستحقات العمال، ولفت إلى أن الدولة قبلت أن يكون راتب العامل 18 دينارا، وعليها أن تصلح هذا الوضع قبل محاسبة الشركات على تجاوزاتها. حزب الأمةوعلى صعيد ردود الافعال، أكد حزب الأمة استنكاره الشديد للتجاوزات الخطيرة على الحقوق الأساسية للعمالة، كالحدود الدنيا للرواتب والأجور وساعات العمل والسكن اللائق والصحة، ويدعو الى اقرار جميع الحقوق المقررة التي كفلتها الشريعة الاسلامية والدستور الكويتي والاتفاقيات الدولية التي وقعتها دولة الكويت، والقوانين والتشريعات المحلية بهذا الخصوص، وهو يتابع الاضرابات التي قامت بها العمالة الوافدة احتجاجا على الأوضاع السيئة التي يعانونها. ودعا مجلس الأمة الى العمل على وضع حد لهذه التجاوزات لحقوق الإنسان الأساسية، وتفعيل دوره الدستوري في المراقبة والمحاسبة والتشريع لحفظ حقوق الإنسان في الكويت، ويدعو الحكومة الى تطبيق كل القوانين التي تحفظ حقوق العمالة، ومحاسبة المؤسسات والشركات المتسببة وإلزامها بالحقوق الأساسية للعمالة وفقا للعقود المبرمة، وفرض رقابة ومتابعة صارمة ودورية على ممارسات هذه المؤسسات والشركات لضمان تطبيق القوانين، والعمل على تطوير التشريعات الخاصة بالعمل بما يتوافق مع المعايير الدولية المعتمدة، ويؤكد خطورة استمرار هذه التجاوزات لحقوق الانسان، لما فيها من خطر على الأمن والمجتمع بسبب وقوع ظلم وتعدٍ على الحقوق، مما يوجب على الجميع المسارعة في العمل على رفع وإنهاء هذا الظلم والتعدي.السفارة البنغالية وراء المظاهرةلاحظ مدير إدارة الخدمات في وزارة الصحة عبدالرزاق الكندري أن الإضراب يتعدى قدارت العمال وثقافتهم، إذ إنه إضراب له آليات منظمة ومنشورات وزعت على مساكن العمال تحتوي على مطالب محددة، منها زيادة الرواتب ورفع الحظر عن تأشيرات الجنسية البنغالية، وتذكرة سفر كل عامين، وشهرين إجازة كل عامين، وهي مطالب في معظمها غير واقعية، ولم يستبعد أن يكون وراء هذا الإضراب جهات أخرى من ضمنها السفارة نفسها. إصابات المتظاهرين والشرطةتعرض عدد من رجال الداخلية الى اصابات من جراء قيام المتظاهرين بضربهم والاعتداء عليهم بعد الاشتباك الذي وقع بينهما، بينما قدر عدد المصابين من المتظاهرين 20 شخصا تم علاج بعضهم في المستشفى والبعض الآخر في الموقع، بحسب مصدر طبي كان موجوداً في الموقع، ويرقد البنغالي الذي تعرض للضرب من قبل المتظاهرين في العناية الفائقة لتلقي العلاج من الاصابات البالغة التي تعرض لها.ضغوط على الدويلةأكدت مصادر مطلعة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لـ«الجريدة» ان «ضغوطا تمارس على وزير الشؤون بدر الدويلة لاتخاذ قرار لإعادة فتح اصدار تصاريح العمل»، وقالت المصادر، إن «عددا من الشخصيات الفاعلة ومنها نواب في مجلس الامة يضغطون على الوزير الدويلة لاتخاذ قرار إعادة فتح اصدار تصاريح العمل، بذريعة أن ايقافها أضرَّ بمصالحهم التجارية، لكن الوزير الدويلة لايزال رافضا لتلك الضغوط، خصوصا بعد الاضرابات العمالية التي شهدتها البلاد أخيرا، وما أسفرت عنه من نتائج سلبية اضرّت بسمعة الكويت في الخارج من خلال تجارة الاقامات أو الاتجار بالبشر المتهمة به الكويت في المحافل الدولية».ورجّحت المصادر وجود «مصالح مشتركة بين بعض الشركات العمالية وبعض القياديين، سواء كانوا في الشؤون أو في بعض قطاعات الدولة الأخرى، وهو الأمر الذي جعل وزارة الشؤون تتباطأ في اتخاذ الاجراءات القانونية ضد الشركات المتجاوزة التي امتنعت عن دفع رواتب العمال»، وقالت المصادر، ان «المتنفذين وبعض اصحاب الشركات يضغطون على بعض القيادات في وزارة الشؤون لثنيهم عن اتخاذ اي اجراء قانوني ضد شركاتهم أو تأجيل اتخاذ مثل تلك القرارات، استغلالا للوقت لإنهاء مشاكلهم مع العمالة التي جلبوها من الخارج لقاء مبالغ مالية».وأكدت المصادر ان وزير الشؤون بدر الدويلة يدرس حاليا «امكان الخروج من هذا المأزق عن طريق تقنين فتح تصاريح العمل وفق الدراسات التي تقوم بها الوزارة، ووضع شروط صارمة على شركات جلب العمالة من الخارج بما يحفظ حقوق تلك العمالة، من خلال عدة قرارات سيتم اتخاذها لاحقاً لتأمين صرف الرواتب وعدم انقطاعها، إضافة إلى تأمين المساكن لتلك العمالة حسب الشروط الواردة في العقود، بما يحافظ على سمعة الكويت في الخارج».