لعبة عض الأصابع تؤخر البيانات المالية للشركات المدرجة تلكؤ مقصود لانتظار تجميل ميزانيات 2008 وتوزيعاتها... إن وجدت

نشر في 12-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 12-01-2009 | 00:00
من المؤكد أن معظم الشركات تأبى أن تكون الخاسر الأول، فالكل ينتظر إعلانات الشركات الأخرى لامتصاص الصدمة الأولى لما قد تحمله الميزانيات من خسائر وتداعيات، إضافة إلى أن بعضاً من الشركات الثقيلة تعتمد في ما بينها «سياسة عض الأصابع» بمعنى، أي منها سيتحمل أكثر.

بعد أن قررت مجموعة من الشركات المدرجة ترحيل خسائرها من الربع الثالث إلى الربع الأخير من العام المنصرم، في محاولة لتجميل تلك الخسائر، دفعها استمرار الأزمة المالية وتأخر الدعم الحكومي الى الاحتفاظ بالسيولة المتوافرة لديها في الوقت الحالي.

وبدا واضحاً بعد مرور نحو 12 يوما من العام الجديد ان هناك اتجاها ليس لبعض الشركات فحسب، بل لجميعها بعدم الافصاح عن ميزانياتها وبياناتها المالية للربع الاخير من العام الماضي، كما يبدو ان هناك سياسة واضحة تنتهجها معظم الشركات وهي «لعبة عض الاصابع»، إذ إن التفسير الوحيد لتأخر اعلانات ارباح الشركات المدرجة حتى الان لا يخرج عن أنه «تلكؤ مقصود» لأسباب عدة: أهمها ان أغلب الشركات المدرجة في سوق الاوراق المالية تتجه إلى عدم توزيع أرباح سنوية، من جراء التأثيرات السلبية القاسية التي تعرضت لها نتيجة الأزمة المالية العالمية، وأزمة السوق المحلي، اللتين أصابتا اغلب ميزانياتها بخسائر متوسطة، في حين بلغت خسائر الشركات الاستثمارية والعقارية مستويات كارثية.

الحفاظ على السيولة

كما أن بعض الشركات ستلجأ إلى خيار توزيع الأسهم المجانية على مساهميها عن أرباحها لهذا العام بدلا من التوزيعات النقدية، نظراً إلى حاجتها إلى السيولة في تنفيذ مشاريعها وتوسعاتها، ومن أجل تعزيز رأسمالها العامل في ظل صعوبة الحصول على الأموال سواء من البنوك المحلية أو من المصادر الخارجية، خصوصا شركات قطاع العقار، إذ انها الأكثر حاجة إلى الاحتفاظ بسيولتها في هذه الظروف الاستثنائية في ظل جفاف منابع السيولة.

وكان كشف خبراء ماليون أن أكثر من 50 في المئة من الشركات المدرجة لن توزع أرباحا عن السنة المالية المنتهية في ديسمبر 2008، مؤكدين أن اغلب الشركات أصيبت بخسائر لا تمكنها من القيام بتوزيعات نقدية، فضلا عن أزمة شح السيولة التي يعانيها السوق الكويتي منذ ما يقارب 8 أشهر. وبينوا أن أزمة شح السيولة هي التي ستدفع الشركات إلى الحفاظ على السيولة المتوافرة لديها والاتجاه إلى عدم توزيع أرباح نقدية، بينما ستتمكن بعض الشركات القيادية خصوصا في القطاع البنكي من الوفاء بهذه الأرباح، في حين ستلجأ فئة أخرى إلى توزيع أسهم منحة أو أسهم مجانية لحفظ ماء الوجه.

سياسة التقشف

وفي حين أن الوضع السيئ الذي أصيبت به أغلب الشركات من جراء تراجع أسهمها دفعها إلى سياسة التقشف، ألمح الخبراء ان هناك اتجاها لحرمان المساهمين والمتداولين من الحصول على أرباحهم السنوية، لاسيما في ظل تردي وضع السوق بالنسبة إليهم، وقالوا إنه من المتوقع اتجاه الكثير من الشركات إلى عدم توزيع أرباح سنوية، لاسيما أن هذا الاجراء قامت به كثير من الشركات من قبل، مع أزمة المناخ، وفي عامي 1993 و1995.

وبينما بيّن خبراء اسواق المال أن هذا الاجراء لن يساعد كثيرا في تجميل ميزانيات الشركات، وقالوا «ان عدم توزيع أرباح يعبر عن تحقيق خسائر، فإلى أي حد يستطيع أن يداوي هذه الخسائر، لكن هذه الخطوات تساعد على الاحتفاظ بالسيولة المتوافرة من توزيعها على شكل أرباح نقدية»، رصدت «الجريدة» الاسباب التي تدفع هذه الشركات الى التلكؤ في اعلانات ارباحها عن عام 2008.

بداية، من المؤكد ان معظم الشركات تأبى ان تكون الخاسر الاول، فالكل ينتظر اعلانات الشركات الاخرى لامتصاص الصدمة الاولى لما قد تحمله الميزانيات من خسائر وتداعيات، إضافة الى ان بعضا من الشركات الثقيلة تعتمد في ما بينها «سياسة عض الاصابع» بمعنى، أي منها يتحمل اكثر.

ميزانيات محسنة

من جهة أخرى، طالبت اوساط استثمارية الشركات بعدم توزيع أرباح، على أمل أن تقدم ميزانيات محسنة ومجملة تبدي بين طياتها خسائر أقل مما هو متوقع، حتى لا ترهق مساهميها ومتداوليها، وفضلوا أن تقدم بيانات مالية أكثر تماسكاً للحفاظ على مستوى سهم الشركة من الاتجاه إلى توزيع أرباح تزيد من أعبائها التي لم تجد لها حلا إلى الآن.

وبينما لفتوا الانتباه إلى أن أوضاع الشركات الاستثمارية والعقارية على وجه التحديد باتت مقلقة، وهذا ما دفع اغلبها إلى التفكير بجدية في إلغاء فكرة توزيع الأرباح، فإن هذا الاتجاه يلاقي قابلية الى حد ما، إذ ان معظم المساهمين لا ينتظرون توزيعات بأي شكل.

من المتفق عليه ان الاوضاع الحالية تختلف اختلافا كليا عن السابق، فقد تحتوي تلك الميزانيات التي من المنتظر اعلانها على تعقيدات افرزتها الاوضاع المالية السيئة للشركات المتمثلة في ازمة الاصول والديون وشح السيولة، مما يتطلب فترات طويلة من العمل على تلك الميزانيات، كما قد تحتاج الى اكثر من مكتب محاسبي، نظرا إلى ما تعاقب على هذه الشركات من مشاكل نتجت عن الازمة.

كما يتقبل المساهمون فكرة عدم وجود توزيعات، فالبيانات المالية قد تتضمن في الظروف العادية توزيعات على شكل منحة، وزيادات في رؤوس اموال الشركات، وهو الامر الذي يعتبر غير مجد في ظل مثل هذه الظروف، اضافة الى ان اجتماعات الجمعيات العمومية التي تتضمن البيانات المالية للشركة تناقش ايضا المشاريع والخطط المستقبلية لها، وهو الامر الذي قد يستحيل مناقشته أو حتى استيضاحه في بعض الشركات، إذ ان هناك حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية تسيطر على استراتيجيات معظم الشركات المدرجة، إذ أكدت أوساط استثمارية عدم وجود خطة واضحة المعالم على المستويين المحلي والعالمي، لتخطي الازمة والدخول في مشاريع لا يعرف نتائجها في الوقت الحالي، لأن التركيز الان ينصب على معالجة ازمة الاصول والديون وشح الفرص الاستثمارية.

من جانب آخر، كشفت بعض الشركات ان هناك اتجاها للدمج او عمليات اعادة الهيكلة، وبالفعل مضت بعضها في مفاوضات تلك الصفقات، وهو ما ادى في النهاية إلى تأخير بياناتها المالية حتى اتمام العمليات المشار اليها.

back to top