القمص عبد المسيح بسيط: يوسف زيدان لم يكن أميناً في روايته عزازيل
بعد شدّ وجذب واتهامات حول رواية «عزازيل» ليوسف زيدان التي فازت بجائزة «البوكر» العربية أخيراً، أصدر القمص عبد المسيح بسيط كتاب «عزازيل جهل أم تزوير للتاريخ»، ويرد فيه على ما اعتبره أباطيل ومزاعم اختلقها زيدان في روايته للهجوم على الكنيسة. بحسب القمص بسيط، كتب زيدان عن مواقف وأشخاص وأحداث حقيقية، إلا أنه لم يكن أميناً في تقديم الصورة كاملة. وأشار بسيط إلى أن الرواية تبدأ بخدعة من الكاتب، يزعم فيها أنه اكتشف مخطوطات سريانية كتبها راهب مصري عاش في دير سرياني في القرن الخامس الميلادي، وأنه ترجمها ونشرها إلى العربية، علماً بأنه لا يعرف اللغة السريانية، إلا شكلاً فهو ليس من الاختصاصيين في هذا المجال.
وقال بسيط إن زيدان حاول إظهار أن كنيسة الإسكندرية قتلت الفلاسفة وأنها فرضت عقيدتها بالقوة، وإنه يناصر الهراطقة الذين لم يفهموا العقيدة المسيحية كما وردت في الإنجيل.نقد المسيحيّةأكد بسيط في كتابه أن زيدان جعل موضوع روايته نقد الفترة المسيحية من تاريخ الإسكندرية إبان عهد البابا كيرلس عامود الدين (412 - 444م) وسابقة البابا ثاوفيلس، وصوّر كنيسة الإسكندرية بـ «الكنيسة التي أظلمت العالم»، ووصف بطريركها، البابا كيرلس، بالقاسي المتجبر غليظ القلب: «كيرلس... عجلت الآلهة بنهاية أيامه السوداء، لقد جعل المدينة كئيبة كالخراب منذ تولى أمرها والذي يمسك بين يديه بأطراف الدنيا والآخرة». ويبدو كيرلس في الرواية بحسب بسيط، مقبلاً على الإمساك بأطراف السماوات والأرض، وأصوات كهنتها ورهبانها كـ{فحيح الأفاعي»، وبلهجة كلسع العقارب، قال الكاتب إن الكهنة يتكاثرون حولنا كالجراد، يملأون البلاد مثل لعنة حلت بالعالم وبالقساة النهميين يكاد اللحم أن ينفرز من أبدانهم الضخمة النهمة! وإن الدين لا يكون بالنسبة إليهم ديناً، إلا إذا كان يناقض العقل والمنطق، وإن البابا حرّض على قتل الفيلسوفة الوثنية هيباتيا انتقاماً منها، وأنه اضطهد اليهود وطردهم من الاسكندرية تجبراً.كذلك زعم الكاتب، بحسب البسيط، أن الهراطقة هم الذين كانوا على صواب وأن أتباع كنيسة الإسكندرية هم الهراطقة، وصورهم كأبطال الرواية والذين كانوا يمثلون الخير والحب والجمال، فيما أظهر الكنيسة ورجالها بالأشرار وممثلي الشر في العالم.أضاف القمص أن زيدان نادى بنظرية غريبة، لم يقل بها أحد قبله، وهي نظرية اللاهوت العربي، والتي تقول إن «الهراطقة من أمثال آريوس ونسطور وبولس السموساطي كانوا عرباً، وإن لاهوتهم كان أقرب الى اللاهوت الإسلامي، وجعلهم كمسلمين قبل الإسلام ومتحدثين بالقرآن قبل القرآن، بل وقال إن علم الكلام هو تطور لعلم اللاهوت المسيحي العربي».وعلى رغم زعمه بأن ما كتبه مجرد رواية وإبداع فني، فقد أكد زيدان في أحاديثه الصحافية والتلفزيونية كافة، وفي البحث الذي قدمه في مؤتمر القبطيات الأخير، أن ما ورد في الرواية حقيقي، سواء الأحداث أو الوقائع أو الشخصيات، باستثناء شخصية البطل هيبا التي رسمها من خياله. وقال إن «عزازيل» هو الشيطان وإن الإنسان هو الذي اخترعه، ليبرر به الشرور والخطايا التي يفعلها، وإن الله هو نقيض «عزازيل» وإن الإنسان الذي خلق شخصية «عزازيل» خلق شخص الله، الذي وصفه بالمألوه ليبرر به وجوده والخير الذي فيه.هل ما ادعاه زيدان صحيح؟ وهل ما كتبه في روايته يدل على معرفة كافية بالتاريخ، أم جهل، أم تزوير؟من جهته أكد زيدان أن ردود الفعل على كتابه لا تحتل جانباً كبيراً من تفكيره، خصوصاً راهناً لأنه يحضّر لكتابه الجديد، والذي يستعد لإصداره بعنوان «اللاهوت العربي،» يعرض فيه طبيعة الفكر الديني الإسلامي والمسيحي في بلاد الشام، ويتناول مفكرين كنسيين وُصفوا بالهرطقة والكفر وعلماء عقيدة مسلمين ظهروا في القرن الأول الهجري، مشيراً إلى أن أبرز ما في الكتاب الجديد، أنه يحدد أسباب ظهور العنف في إحدى مراحل التاريخ الإسلامي.