ترفه العنزي لـ الجريدة.: إفقار البدون بعزلهم عن الحياة الطبيعية أكدت أن بعض المسؤولين الكويتيين يتفننون في تعليق حل الملفات وتأخير المعاملات

نشر في 17-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 17-10-2008 | 00:00
No Image Caption
قالت عضو لجنة «كويتيات منسيات» إن الظروف المحيطة بحياة أبناء غير محددي الجنسية جعلتهم أناسا فقراء، فعزلهم عن تقلد الوظائف أوجد بينهم الفقر والعوز، وخلق خارطة للفقر، تتوزع في مناطق داخلية وخارجية.

الناشطة الاجتماعية في حقوق المرأة وحقوق البدون ترفه العنزي، اعتبرت أن الكويت هي الدولة الوحيدة التي خالفت كل المواثيق والمعاهدات الدولية للمنظمات العالمية، كمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة حقوق الانسان، ومنظمة اليونسكو العالمية، في سياسات التنمية البشرية والحفاظ على الحدود المطلوبة للعيش الكريم؛ ولولا توصيات سمو أمير البلاد، بضرورة الاهتمام بقضية البدون وزوجاتهم، وسرعة إيجاد حلول لها ما تسابق النواب وتعالت أصواتهم داخل المجلس وخارجه، وكثرت تصريحاتهم على صفحات الجرائد، فأين كانوا قبل صدور توصيات سمو الامير؟ وأين كانت عباراتهم الرنانة وحناجرهم المفتوحة على مصاريعها قبل دعوة سموه، فلم يكن هناك مَن ينادي أو يهتم بهذه الفئة المظلومة.

مواليد «بدون» هوية

ولفتت إلى أن وزارة الصحة لا تدرج المواليد البدون ضمن كشوفاتها، اذ تصر على عدم منح هؤلاء الاطفال شهادة ميلاد تثبت ولادتهم، وتطلب من ولي الأمر تعديل وضعه، كي يمنح مولوده شهادة ميلاد، وفي المقابل لا تعطي أسر المتوفين من البدون شهادة وفاة، ولذا فإنهم يجدون صعوبة بالغة عند تقييد موتاهم في سجل المتوفين، ويطلب إلى عائلة المتوفى ان يقوموا بتعديل أوضاعهم كي يمنحوا تلك الشهادة، وقد وصل الامر إلى رفض وزارة الصحة أثناء حملة التطعيم ضد مرض شلل الاطفال التي بدأت قبل 3 سنوات تطعيم أطفال البدون، مناشدة المسؤولين بضرورة تخطي مثل هذه المهاترات.

وضع متدهور وحياة غير لائقة

وسردت العنزي في حديثها لـ«الجريدة» بعض القصص الحقيقية الواقعة على أرض الخير بلاد النفط، التي وصلت فوائضها المالية البترولية إلى مئات المليارات من الدنانير، والتي تبرز مدى الفقر والحالة المتردية التي وصلت اليها تلك الفئة الكادحة، قائلة: هناك بعض العسكريين الذين كانوا يعملون في وزارة الدفاع، والتي رفضت الدولة ردهم مرة أخرى إلى أعمالهم داخل الوزارة، مما أدى إلى تعرضهم لمعاناة شديدة، أثرت فيهم مادياً واجتماعياً ونفسياً، بعدما كانوا يعيشون في مستوى اجتماعي يؤهلهم لمواجهة ظروف الحياة الصعبة، ذاكرة أن أحدهم وهو خريج كلية الحقوق جامعة الكويت، كان يعمل في الشؤون القانونية لدى وزارة الدفاع، تعرض للإقالة من قبل المسؤولين، وأجبر على مغادرة عمله، ولم يعد له مصدر رزق يعيش من خلاله، مما جعله يبيع كل ما يملك ويشتري حافلة يتعاقد من خلالها مع روضة لتعليم وتربية الاطفال، حيث يقوم بنقل الاطفال من منازلهم إلى الروضة والعكس، لكي يستطيع سد احتياجات أسرته، وآخر كان برتبة وكيل ضابط في الجيش الكويتي، بعدما أقيل من وظيفته عمل سائقا لحافلة، ولكنه تعرض لظروف معيشية مأسوية، جعلته يبيع وسيلة رزقه الوحيدة لمواجهة تلك الظروف الطاحنة، التي لا ترحم، واستطردت العنزي: الأدهى أن معظمهم من الشباب الجامعيين أصحاب المؤهلات العليا، ولكن لضيق حالهم وفقرهم الشديد، ولامبالاة الدولة بمدى معاناتهم فإنهم يعملون في أي مجال، بحثاً عن مصدر للدخل الحلال، بدلاً من موتهم جوعاً أو ضيقاً وسأماً من انتظارهم مساعدات الدولة.

«كويتيات منسيات»

وأشارت العنزي في حديثها إلى الوظيفة التي استحدثها عضو مجلس الأمة السابق خالد العدوة، وهي وظيفة منفذة خدمة، مستغرِبة كيف تستطيع امرأة في عمر الشيخوخة أن تعمل منفذة خدمة، وهي وظيفة تحتاج إلى حركة دائمة وصعود وهبوط دائم طوال ساعات العمل الرسمي، مستشهدة بإحدى العاملات في هذه الوظيفة، وتدعى أم صالح وهي كويتية متزوجة من بدون، ابنها معاق وافته المنية قبل أسبوعين، واعتبرت أن المسؤولين الكويتيين يملكون فنا من نوع خاص، هو فن اغلاق الملفات وإخفاء معاملات البدون، وبالاخص من لا يملكون واسطة، ويصنفونهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، كل ما يملكونه هو فقرهم، فلا أحد يرعاهم أو يفكر فيهم، وجميع معاملاتهم متأخرة ومؤجلة ولا تنجز، ورأت أن الكويتيات المتزوجات من بدون قد تحسنت أوضاعهن قليلاً، بعد حركة «كويتيات منسيات» وتصرف لهن الآن بعض الاعانات من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

أين يقطنون؟

وأوضحت العنزي أن أكثر المناطق التي تقطنها عائلات البدون الكادحة من شدة الفقر هي مناطق الصليبية وجليب الشيوخ القديمة وتيماء والقادسية والجهراء، حيث يعيش أكثرهم في عشش، وبعضهم يقطن البر، ووصل الحال بكثير منهم إلى أنهم لا يملكون ثمن استبدال ملابسهم إلا مرة كل سنة، بسبب شدة فقرهم وضيق أحوالهم، حتى أن ابناءهم لا يحصلون على أقل ضرورياتهم، ورغم كل هذه الظروف المعيشية التعيسة، فإنهم يستحيون من المطالبة بأي مساعدات من أي جهة أو مؤسسة مسؤولة بالدولة، وأضافت أن المسؤولين أغلقوا بعض المدارس التي كانت تضمهم وتحتضنهم، معللين بأن أصحابها مخالفون، مما أدى إلى تشريد نحو 1650 طالبا وطالبة، ورغم أن الوزارة أرسلتهم إلى مدارس في مناطق الجليب والرقعي فإن هذه المناطق بعيدة عن منازلهم.

بيت الزكاة وسياسة الفرز

وقالت إن بيت الزكاة مزاجي، ولا ينظر بعين الرحمة أو الشفقة إلى مثل هذه الفئة المظلومة، بل الاكثر من ذلك أنه يستخدم سياسة الفرز والكيل بمكيالين، ويفضل البدون «السنة» ويعطيهم الاعانات المادية والاجتماعية، غير مبال بالبدون «الشيعة» فأين العدل ومبدأ المساواة في ذلك؟

back to top