هاتف سمو الرئيس!!

نشر في 19-02-2009
آخر تحديث 19-02-2009 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي أستطيع أن أفهم أن يدير أحد ما مشروعه التجاري بالهاتف أو مكتبه القانوني أو الهندسي، لكن أن يدار مجلس الوزراء بهذه الطريقة فهذا والله ما لا أستطيع أن أهضمه وأستوعبه، فالمفروض أننا دولة مؤسسات والمفروض أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء على علم بموعد إجازة سموه!

اختزل سمو الرئيس مجلس الوزراء بأكمله في شخصه الكريم، فهو مجلس الوزراء ومجلس الوزراء هو، وإلا ما معنى أن يصبح المجلس مشلولاً بلا حراك طالما أن رئيسه خارج البلاد!

لقد كان أمام المجلس في جلسته الاعتيادية يوم الاثنين الماضي العديد من الملفات، لعل أهمها رواتب القضاة والإعلام وقانون الاستقرار المالي، إلا أن المجلس قد خرج بـ«خُفّي حُنين» كما يقال، ولم يستطع أو قل، يجرؤ أن يتخذ قرارات مهمة في ظل غياب الرئيس الذي يتمتع بإجازة خاصة في ربوع جنيف.

من حق سموه بالطبع أن يتمتع بإجازة خاصة، لكن كان يتوجب على سموه ألا يصادر المطلوب ويفوض المجلس بما يراه مناسباً إلا إذا كان سموه لا يثق بوزرائه، فهذا شيء آخر.

لما علم سموه بما آلت إليه قرارات مجلس الوزراء اتصل هاتفياً وبصيغة الأمر طالباً أن يعقد المجلس جلسة استثنائية لمعالجة بعض الملفات العالقة... لكن الغريب في الأمر أن السادة الوزراء قد ذهبوا إلى مصيرهم غير مصدقين حقيقة ما حصل... هذا الأمر يجرنا بالضرورة إلى حقيقة مفهوم أو معنى الوزير في نظر سمو الرئيس، وهل لايزال موظفاً كبيراً أم ماذا؟ فلقد تأكد حقيقة ذلك بالقياس لما حصل في جلستي مجلس الوزراء العادية والاستثنائية، فالوزراء كانوا مغيبين تماماً، ويجهلون ماذا يدور في خلد الرئيس.

سمو الرئيس ابتدع بدعة جديدة، وأضاف فصلاً جديداً لعلم الإدارة أستطيع أن أطلق عليه علم الإدارة بالهاتف، وثقافة الهاتف هذه يا إخوة موجودة في مجتمعنا، فأغلبية الأندية الرياضية تدار بالهاتف من الإسطبل، وبعض النواب أيضا لا يصرّحون ولا يستجوبون إلا إذا جاءهم هاتف يأمرهم.

ومازلنا نجهل أيضاً من كان المتحدث الآخر على الهاتف مع المتهم بمحاولة اغتيال النائب السابق عبدالله النيباري، وأخيراً يجب ألا ننسى أن بعض الوزراء يوجَّهون من بعض النواب بالهاتف أيضا.

أستطيع أن أفهم أن يدير أحد ما مشروعه التجاري بالهاتف أو مكتبه القانوني أو الهندسي، لكن أن يدار مجلس الوزراء بهذه الطريقة فهذا والله ما لا أستطيع أن أهضمه وأستوعبه، فالمفروض أننا دولة مؤسسات والمفروض أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء على علم بموعد إجازة سموه!

أن يغادر الرئيس لا يعني ذلك أن تتعطل الحياة، فالسؤال المطروح على رئيس الوزراء هنا: لماذا لم يفوض سموه نوابه في اتخاذ ما يرونه مناسبا على ضوء تعليمات سموه وتوجيهاته؟

الاتصال الهاتفي أثبت أن سمو الرئيس «بصوب» ونوابه «بصوب» آخر والوزراء «بصوب»، والأمانة العامة لمجلس الوزراء في مكان بعيد، ولا توجد آلية للعمل داخل ذلك المكان المهم والحساس.

back to top