هل تطرف الخليج؟

نشر في 21-05-2008
آخر تحديث 21-05-2008 | 00:00
 د. مأمون فندي معروف عن أهل الخليج أنهم قوم محافظون باعتدال، ولكن هناك مؤشرات حديثة تدل على أن الخليج قد تطرف، وآخرها نتائج الانتخابات في الكويت. الناظر إلى نتائج الانتخابات الكويتية لا تفوته ملاحظة أنه أمام مجتمع يتجه نحو التطرف؟ وهنا لا أقصد كون أبو غيث المتحدث الرسمي باسم أسامة بن لادن، إنتاجاً كويتياً خالصاً، ولا أشير أيضاً إلى المعتقلين الكويتيين في غوانتانامو، بل أتحدث عن مزاج عام في المجتمع الكويتي تعكسه انتخابات حرة. أولى ملامح التطرف هي نبذ المرأة من العمل السياسي، ومجتمع تهزم فيه المرأة مرتين لابد أن يعيد النظر في أحواله. أعرف أن موضوع المرأة في الخليج يحكمه العرف والتقاليد الاجتماعية، وقد يجادل بعضهم حول هل هو بالفعل مؤشر حقيقي على التطرف، لكن ماذا عن بقية النتائج؟

جرت الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس الأمة الخمسين، موزعين على خمس دوائر فقط وفق الترتيب الجديد للدوائر الانتخابية. وقالت وكالة الأنباء الرسمية الكويتية إن نسب الإقبال على التصويت في الدوائر الخمس بلغ متوسطها نحو ستين في المئة. أي أن الكويتيين قد انتخب معظمهم، وبالتالي تكون نتائج هذه الانتخابات مؤشراً حقيقياً على توجهات المجتمع وميوله.

أشارت نتائج الانتخابات إلى أن الإسلاميين، سنة وشيعة، قد فازوا بأكثر من نصف مقاعد البرلمان الخمسين. ويبدو أن الإسلاميين السُنة قد فازوا بحوالي 21 مقعداً، بزيادة أربعة مقاعد عن المجلس السابق. والزيادة لم تكن للإخوان أو جماعة ناصر الصانع، وإنما كانت للسلفيين من أمثال الشايجي والطبطبائي. ورغم أنني لست من مشجعي حركة «الإخوان المسلمين»، أو أي حركة تتخذ من الدين غطاءً لمطامع سياسية، فإن الحركة، على الأقل، تمثل أكثر المجموعات الدينية الكويتية اعتدالاً.

أما فيما يخص الإسلاميين الشيعة، فكان واضحاً أن جناح التشدد الشيعي هو من فاز بالانتخابات. فنجاح عدنان عبد الصمد وأحمد لاري، وهما النائبان اللذان شاركا في مارس الماضي في تأبين عماد مغنية قائد الجناح العسكري في «حزب الله»، مما شكل ما يشبه مواجهة طائفية داخل المجتمع الكويتي ومواجهة بين الحكومة وهؤلاء الذين خرجوا عما سُمي يومها بالإجماع الشعبي، فهذا مؤشر على صعود التطرف بلا شك.

في حين فاز الليبراليون وحلفاؤهم بسبعة مقاعد، أي أنهم خسروا مقعداً. وكذلك خسرت جماعة أحمد السعدون مقعداً، لتصبح ممثلة بأربعة مقاعد، وهو تيار لا يحسب على الإسلاميين، وإنما على تيار المدينة وقلب العاصمة في الكويت.

فشل المرأة في الوصول إلى البرلمان الكويتي، وكذلك زيادة السلفيين، وتراجع الليبراليين والإخوان والشيعة المعتدلين، كلها ملامح تؤيد مقولة إن الخليج قد بدأ يتطرف. فهل ما يحدث في الكويت هو حالة خاصة، أم أنه حالة عامة يتشاركها مع الدول الخليجية الأخرى؟ الموضوع يحتاج إلى جدل واسع ومقارنة بين حالة الكويت وحال دول الخليج الأخرى. في الستينيات والسبعينيات كان الجنون صفة من صفات السياسة المصرية، فهل انتقلت عدوى الجنون متأخرة إلى معاقل المحافظين في الخليج؟

* رئيس برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية- IISS

back to top