ضغط الدم المرتفع... اعرف أسبابه وتجنَّبها!
ما زال حلم الشفاء يراود الملايين من مرضى ضغط الدم في العالم، وإن كان العلاج يعتمد على الضبط وليس الشفاء، بالإضافة إلى علاقته الوثيقة بأمراض أخرى وبعض السلوكيات الخاطئة في الغذاء والعوامل الوراثية، لذا ينصح الأطباء بأهمية الكشف المبكر والوقاية من خلال إرشادات الطبيب المتخصص والالتزام بالعلاج، مع ممارسة الرياضة وتجنُّب القلق والتوتر العصبي والنفسي.
يؤكد د. عبد المحسن علاَّم (اختصاصي جراحة المخ والأعصاب) تأثير ارتفاع ضغط الدم في بعض الأمراض العصبية مثل تصلب شرايين الدماغ، وتوافر بعض الأدوية التي تقلل نسبة الإصابة بالسكتات الدماغية. يوضح أن ارتفاع ضغط الدم المفاجئ والحاد قد يؤدي إلى غيبوبة وتشنجات عصبية من دون حدوث نزيف، يستدعي ذلك خفض ضغط الدم، ما يساهم في تحسن ملحوظ وعودة المريض إلى حالته الطبيعية.قد يسبب ارتفاع ضغط الدم المزمن ولفترات طويلة من دون معالجته، إلى فقدان الذاكرة، يُسمى تصلب الشرايين، ما يساهم في نقص الأوكسجين المغذي للخلايا، في هذه الحالة لا بد من التزام المريض بإرشادات الطبيب والانتظام في العلاج الذي يحدده له. الدهون الثلاثيَّةيشدد د. محمد عبد الرحمن موسى (أستاذ الباطنة) على علاقة مرض ضغط الدم الوثيقة بأجهزة الجسم المختلفة، «تكون الشرايين في شكلها الطبيعي المرن، تتمدد مع تدفق الدم إليها ويعتمد هذا الأمر على ظروف النشاط البدني، مع التقدم في العمر وترسب الدهون في الدم في جدار الشرايين، خصوصاً الكوليسترول والدهون الثلاثية، تفقد الشرايين مرونتها الطبيعية، وبالتالي لا تسمح بزيادة تدفق الدم وقد يحدث تصلب فيها». يوضح أنه نتيجة لترسب الدهون في الدم، تفقد جدران الشرايين طبيعتها الملساء وتصبح خشنة، ما يسبب تجلط الدم في هذه البقع الخشنة وانسداداً كاملاً، وهو ما يُعرف بـ«الجلطة»، وقد تحدث السكتة الدماغية والشلل النصفي، تبدأ المضاعفات، حين يصل الضغط إلى أكثر من 140 على 90 ملم زئبق، وبالتالي يعتبر هذا الشخص مريضاً بارتفاع ضغط الدم.ثمة علاقة وثيقة بين السكري والسمنة وارتفاع ضغط الدم، وتسمى «ملازمة الأيض»، ويعاني منها الشخص البدين، نتيجة السمنة في الأحشاء التي تختلف عن السمنة في الأرداف، لأن نوع الدهون في الأحشاء يختلف في طبيعته عن الدهون في بقية أنحاء الجسم، وينشأ عنه تفاعل غذائي أكثر نشاطاً، فتتدفق الدهون إلى الكبد وتسبب الكبد الدهني، ويضعف تأثير الأنسولين على أنسجة الجسم المختلفة، ما يؤدي بعد فترة إلى الإصابة بالسكري.الضغط والعيون أما عن علاقة ارتفاع ضغط الدم بالعيون، يقول د. كريم رأفت (أستاذ طب وجراحة العيون): «تعتبر شرايين العين الوحيدة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، يمكن معرفة ارتفاع ضغط الدم عن طريق الطبيب ذي الخبرة الكبيرة، تشكل قاع العين المكان الوحيد في الجسم الذي تُرى من خلاله الشرايين ودرجة تصلبها». ينبه إلى ضرورة الفحص الدوري للعين بعد سن الأربعين، وكل ستة أشهر في حالة الإصابة بمرض السكري، وفي حالة حدوث ارتفاع فجائي في ضغط الدم يحدث نزيف في الجسم الزجاجي والشبكية وقد يؤدي إلى فقد النظر أو رشح في الشبكية واعتلالها وضعف النظر.ينصح بالوقاية من أسباب ارتفاع ضغط الدم والمتابعة والكشف الدوري ويشدد على أهمية فحص قاع العين والالتزام بالعلاج وعدم إهماله ليتجنب المريض عوامل الخطورة ويمارس حياته بشكل طبيعي.يلاحظ د. أحمد عبد الرحمن شرف الدين (أستاذ أمراض القلب) وجود علاقة بين ارتفاع ضغط الدم ومتاعب القلب، نتيجة عوامل وراثية وبيئية وغذائية، ويمكن ضبط معدل الضغط من خلال العلاج والالتزام بإرشادات الطبيب، مثل تقليل الأملاح في الطعام، انخفاض الوزن بممارسة الرياضة، الابتعاد عن التوتر والقلق والاضطرابات النفسية والعصبية. ينبه إلى ضرورة انتظام المريض، في حال الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري وارتفاع نسبة الدهون في الدم وعدم قطع العلاج لأن ذلك يؤدي إلى عودة ارتفاع ضغط الدم.ثمة ارتفاع ثانوي بضغط الدم ينتج من أمراض في الكُلى أو ضيق في شريان الأورطي أو خلل في أحد الهورمونات التي تنظم الضغط، في تلك الحالات يؤدي علاج السبب الرئيس إلى الشفاء التام.ينصح د. شرف الدين بممارسة الرياضة بانتظام للوقاية من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري وضيق الشرايين. يحافظ المشي لساعة أربع مرات أسبوعياً، على اللياقة وخفض نسبة الدهون، بالإضافة إلى تجنب العادات الغذائية والإفراط في تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون. يشير إلى ضرورة التوقف التام عن التدخين واستشارة الطبيب المتخصص في حالة ارتفاع ضغط الدم أو حدوث آلام في الصدر، تجنباً للمضاعفات وتقليل الضرر، لأن التدخل السريع يحمي المريض من الجلطات وفي حال حدوثها يجب استخدام الأدوية المذيبة أو القسطرة.أمراض الأطفالتؤكد د. مها مراد (أستاذة طب الأطفال) أن «ثمة علاقة وثيقة بين أمراض الأطفال وضغط الدم، والخطورة التي يمثلها على بعض الأعضاء مثل الكُلى وانفصال الشبكية»، توضح أن ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال ناتج من أمراض الكلى، التي قد تكون وراثية مثل الضمور أو الكلى الحويصلية وعيب في الشريان الكلوي وضيق في الشريان الأورطي. من أبرز أمراض الكلى التي تصيب الأطفال وتسبب ارتفاعاً في ضغط الدم، الالتهابات المناعية في الكليتين، وتبدو أعراضها في تغير لون البول مع ورم خفيف في منطقة الوجه وحول العينين ويزداد تدريجياً، قد يمتد إلى أجزاء الجسم كافة ويرافقه قلة في كمية البول والالتهابات البكتيرية المزمنة التي تؤثر في الكليتين وتحول نسيجهما إلى نسيج ليفي، أما أعراضها فهي ارتفاع في درجة الحرارة مع آلام أثناء التبول.ثمة أسباب أخرى لارتفاع ضغط الدم، بحسب د. مها، مثل وجود أورام تفرز هورمونات معينة تتكون في الكلى والغدة الكظرية فوق الكلى وأورام في قاع المخ، تؤدي إلى ارتفاع حاد في ضغط الدم، وثمة أدوية معينة تؤدي إلى تلف في الكلى وارتفاع ضغط الدم مثل بعض المضادات الحيوية كالاستريتومايسين والكورتيزون، بالإضافة إلى الارتفاع الناتج من زيادة الكولسترول في الدم.كذلك تحذر من العادات السيئة مثل تناول الدهون بكثرة وعدم الحركة والتدخين، والوجبات السريعة تحديداً، لأنها تحتوي على ملح صوديوم عال ومكسبات طعم ولون عالية السعرات، إلى جانب نسبة الدهون المرتفعة والتي تؤثر بشكل مباشر في ارتفاع ضغط الدم.أخيراً، يبدأ العلاج بالتشخيص المبكر ومعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع ضغط الدم، ويحدد الطبيب المتخصص نوع العلاج الذي يناسب كل حالة الى أن يتم الشفاء.