أين تسهر هذا المساء؟

نشر في 12-02-2009
آخر تحديث 12-02-2009 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي لن أذهب بعيداً ولا أرغب في ضرب أمثلة عما يحصل في صحافة وفضائيات أوروبا وأميركا بل سأقرب المسافات، فدعونا نراقب ماذا يحدث في صحافة وفضائيات لبنان الشقيق مثلاً؟ فهناك حرب إعلامية ضروس بين الزعماء والرموز والتيارات، بل بحسب ما أظن فإن هناك مسارح ساخرة وممثلين متخصصين فقط في التندر على النواب والقيادات والزعماء، لكن في لبنان وبسبب فهم الجميع للحرية والديمقراطية لم يقل أحد إن هناك إعلاماً فاسداً، ويطالب بـ«تسكير» وغلق هذه الصحف والقنوات، ولم يستجوب أحد وزير الإعلام.

في الكويت خرج علينا النائب فيصل المسلم، وبسبب أن لديه مشكلة شخصية أو لنقل قد تعرض لنقد من صحيفة أو اثنتين، خرج علينا النائب بمصطلح الإعلام الفاسد، وأخذ يهدد ويتوعد أصحاب تلك الصحف والمحطات، فلماذا هذا الجمع والتعميم؟ وقبل ذلك ما هو مصطلح أو تعريف الإعلام الفاسد؟ أعتقد جازماً أن ذلك المصطلح ليس له ضابط يضبطه، فهو معيار مطاط، فقد يكون في نظر البعض فاسداً، وقد يكون غير ذلك.

قانوناً العقوبة شخصية، وشرعاً «لا تزر وازرة وزر أخرى»، فهل يُعقل أن يُنعَت الإعلام والإعلاميون جميعهم بالفساد، بمجرد أن تنتقد جريدة أو جريدتان أداء نائب ما. إذن، ووفق هذا المفهوم فأنا أستطيع أن أقول إن هناك مجلس أمة فاسداً، لمجرد أن نائباً قد ارتكب جريمة، وما أكثر النواب مرتكبي الجرائم في هذا الوقت!!

نعم ودعونا نتفق على أن هناك صحفاً وقنوات قضائية قد خرجت عن حدود النقد المباح، لكنّ قانوني المطبوعات والنشر المرئي والمسموع أيضاً قد رسماً طريقاً ليسلكه من تعرّض للتشهير والإساءة والتجريح... وإذا كانت القوانين لا تسعفه في استيفاء حقه فعليه العمل على تعديل القوانين لا تكميم الأفواه، فمن يريد الديمقراطية والحرية عليه أن يتحمل تبعاتها ومساوئها، وما تعدد الصحف والفضائيات واختلاف الآراء والنقد والتشهير إلا ضريبة للديمقراطية، وبالمقابل أيضا من يريد الانخراط بالشأن العام ويكون عضواً في مجلس الأمة مثلاً فعليه أن يتحمل النقد ولا يضيق صدره من أجواء الحرية.

إن مكمن الخطورة في الموضوع أن يطالب بعض النواب وزير الإعلام بالتدخل ضد بعض الصحف والفضائيات، وهذا سلاح ذو حدين، فالوزارة هنا قد تستمدّ شرعيتها في فرض الهمجية من مطالبة النواب بالتدخل، وهذا الأمر عودة مبطنة للرقيب والوزارة أيضاً... فقد تكون اليوم معك وغداً ضدك، وهذا قد يعطي الوزارة صكاً شرعياً وتوسعاً مطلقاً في فرض العقوبات والإحالة إلى القضاء والنيابات.

على العموم لا أستطيع أن أفهم معادلة الإعلام الفاسد، فالنائب فيصل المسلم تحدث عنه لكنه خرج علينا من محطة أُنشئت من الأساس بمال فاسد جاء من استباحة للمال العام، وكما قال الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم.

back to top