قصائد للوطن والناس ومجلس الأمة الكتابة... بين السطور (!)
حمود البغيلي شاعر شعبي تسكنه روح رسام الكاريكاتير... لا تستطيع ان تميز حقا ما اذ كان يسخر من تناقضات الواقع، او انه يبكي بسبب مرارة الزمان.
حمود الضاحك الباكي الذي قدم تجربة شعرية جديرة بالتقدير في زاوية «ملحوظة» في الزميلة «القبس»، ومن خلال الابيات الشعرية التي لا تزيد على عدد اصابع اليد، كان يقدم رؤيته الشعرية اليومية التي لم تخل في بعض الاحيان من المباشرة لايضاح المضمون السياسي او الاجتماعي. حمود البغيلي في بعض الاحيان شاعر غامض يفضل طرح افكاره بين السطور: ليش تقرأ سطر وتخطر سطر ما تحب تشوف ما بين السطور اما انت اتحس في قرب الخطر والا انت انسان ما عندك شعور! ويكاد يكون الهم الوطني هو الغالب على اشعار البغيلي الذي يمتلئ قلبه بحب الكويت، وهو حب يخالطه دوما خوف عميق من خبايا الغد: لعبتوا بديرتنا وصارت بلدنا احزاب على حساب منهو كل هاللعب واسبابه عيال البلد بوجيههم صكت الابواب وكلٍ يقول انه لهم فاتحٍ بابه مشاريع ضاعت ما عرفنا عن الاسباب كأن البلد بعيونهم صايره غابه ومشاريع مشبوهه تمرر بدون حساب ولحدٍ عرف من يدخل الربح بحسابه الى الآن ما اعرف... منهو مسيلمه الكذاب لان النفوس بلحظة الخوف كذابه ولا يتوقف البغيلي في اغلب ملحوظاته عن الاشارة الى الفساد والى خوفه من الحروب الكلامية التي لا تردع السارق عن الفرار بغنيمته: البلد في خير والناس فسقت قرقرت والحرب اولها كلام والبطون اللي من المال سرقت اشبعت والضرب في الميت حرام ولا يجد الشاعر من دواء افضل من اشاعة الحب والفرح بين ابناء الوطن الواحد بدلا من التناحر والبغضاء: قبل القلوب البيض لا تنقلب سود وين الطبيب اللي يداوي مرضنا كان الفرح والحب والود موجود واليوم نأكل في بلدنا بعضنا مجلس الأمة وبطبيعة الحال كان حمود البغيلي الشاعر والصحافي قريبا من حوارات مجلس الامة والخلافات البرلمانية، التي تحدث بين وقت وآخر، وكان لهذا المجلس نصيب الاسد في اشعاره: يا مجلسٍ ما بين حنّه ورنّه بالله ما عندك دوا للحكومة؟ اما تخلي النار في الدار جنه والا يحلونك بصورة رحومه ويعلق البغيلي على اعمال المجالس المتعاقبة، ويؤكد انها متشابهة بينما ترددت احوال الناس الذين لم يجدوا امامهم سوى الكلام: المجلس اللي جاي مثل الذي راح والمجلس اللي راح مثل الحكومة احوالنا صارت خسائر بلا ارباح منها المواطن مبتلش في همومه الثرثرة صارت على صدورنا وشاح والصمت عن بعض المواقف خصومه ويقدم الشاعر صورة كاريكاتيرية لنائب الشعب عبر خلالها عن سخطه على النواب وملله من تناحرهم الدائم: من ميزة النايب يجر النوايب والمشكلة كل البلد صار نواب في دولةً فيها تشوف العجايب الشعب فيها بين صادق وكذاب يا حبهم للقلقة والطلايب دايم مشاكلهم تجي ما لها أسباب من عقب ما كانوا ربوع وحبايب كلٍ قفل في وجه خلانه الباب وفي «ملحوظة» أشد سخطاً وغضباً يعبر البغيلي عن رفضه لتجار الوعود الكاذبة الذين يتسلقون الى المناصب العليا على حساب احلام الناس: قصوا علينا سنين وسنين وسنين وقالوا نبي نهدم ونبني وطنا إن وصلوا صاروا علينا سلاطين هذا ولد هذا وهذا ولدنا ياما صرفنا من الخزينة ملايين ولا تركنا شي للي بعدنا الزرع تاكل منه ناسٍ بعيدين واللي أكل من خير داري حصدنا نماذج بشرية والسياسة ليست الهم الوحيد للبغيلي، لكنه ايضا شاعر مشغول بالهموم الاجتماعية الى ابعد مدى يعشق العيش بكرامة وحرية ويرفض الذل والهوان: وش قيمة الانسان ان عاش منهان وأصبح بشر مخلوق ماله كرامه الحر ما يقبل خطا فلان وفلان لو مات جوع تعيش فيه الشهامه ولعل اكثر النماذج البشرية استفزازاً لشاعرنا البغيلي هم أولئك الأثرياء الذين لا هم لهم سوى اقتفاء آثار الدينار ومحاولة مضاعفة أرباحهم ولو كان ذلك على حساب المبادئ: مشاعرك صارت حسابات وأرقام تعدّها في اليوم خمسين مرة صارت احاسيسك ملذات وأوهام واصبحت للدينار قصاص جره ويلعن البغيلي كثيرا عادة البخل التي تكبل بعض الأثرياء وتمنعهم من مساعدة اقرب المقربين اليهم: قلبك حجر كيف ما حنّيت البخل مرسوم في عينك ما أحسنت مرة ولا حسيت في ناس جاعت حوالينك على أقرب الناس لك شحيت وفي البنك نامت ملايينك وفي احدى الملحوظات نجد البغيلي يضيق باحدى المتطفلين ويعبر عن رفضه لهذا النموذج البشري الذي لا يمكن تحمله: يا أخي مصختها ويا الجميع لا أنت فاهمنا ولا راضي تروح وإن نصحتك في حياتك ما تطيع وان حكينا فيك فتحنا جروح ويشبّه البغيلي الرجل العاجز عن المواجهة بالثعلب الماكر الذي يستغل غياب خصمه لإيذائه: في غيبتي عنك تقرصني يا صاح بالمكر والحيله هذي ترى عادة الحصني إذا تمرد ركز ذيله وفي ملحوظة بعنوان (كاتب) يقدم البغيلي صورة لاحد الكتاب الذين يقومون ببيع المبادئ مقابل المال مستغلاً سذاجة البعض: كاتب وراس المال بيع المبادي تضحك على السذج وتقبض من الغير تمسي بوادي ثم تصبح بوادي الشر في نفسك يغطي على الخير.