عزيزي شارلي... تأريخ عملاق الكوميديا
ضمن إصدارات مكتبة الإسكندرية صدر لكامل التلمساني كتاب بعنوان «عزيزي شارلي»، والذي يصوّر شخصية شارلي شابلن أحد أكبر ممثلي السينما في عصره... أعطى الجمهور حباً واحتراماً فأحبه الجميع في كل مكان.
ولد شابلن عام 1889 في لندن بحي كينغتون حيث الفقر والجوع، وفي العام نفسه الذي اخترع فيه توماس إديسون جهاز الكيتوسكوب، الآلة البدائية الأولى التي قامت عليها السينما في ما بعد.فتح شابلن عينيه على عالمين، كان لهما أثر عميق على تشكيل شخصيته: عالم المسرح وعالم الفقراء، فبعد وفاة والده أصبحت أمه عائل الأسرة الأول والأخير. ارتبط شابلن بأمه فنضج شعوره ووعيه وأحس بمسؤوليته نحوها ونحو الناس، وقرر مشاركتها النضال. وذات يوم انتهى شابلن وأخوه من تجوالهما الدائم في الشوارع جرياً وراء العيش، وعند عودتهما إلى البيت لم يجدا أمهما وعلما أنها نُقلت الى مستشفى بعيد خارج نطاق الحي، فقد وقعت صريعة انهيار عصبي قادها إلى الجنون.في أحد الأيام تنبهت الشرطة لوجود شابلن وشقيقه في الشارع فقبضت عليهما بتهمة التشرد وأودعتهما الملجأ، ثم خرجا بعد ذلك ليجدا أمهما بانتظارهما، فعاشا معها في بيت متواضع حيث تعرّفت الأم على مواهب ابنها فأخذت تغذّيها وأضفت عليه من خبرتها، ولقّنته فنون المسرح والموسيقى والغناء والتمثيل الصامت «البـانتوميـم»، بالإضافة إلى الرقص، وعملت على إلحاقه بفرقة «حبيبة لانكشير الثمانية». وهكذا احترف شارلي الفن. عام 1900 ظهر شابلن في فصل روائي صغير اسمه «جيدي أوستند»، ثم رشِّح لدور صغير في مسرحية «شارلوك هولمز»، وفي الخامسة عشرة شارك في مسرحية «بيتر بان» على مسرح الدوق أوف يورك، وفي السابعة عشرة أجاد الغناء وتنوع غناؤه بين الأسلوبين الجاد والهزلي، كذلك جسّد شخصية المهرج.هوليوودجسّد شابلن في فرقة «كارنو» ألواناً متعارضة عدة من أدوار الكوميديا والدراما وقام بدور الفتى الشرير في رواية «لعبة كرة القدم»، وشهدت هذه الرواية ميلاد شارب شهير في عالم الشوارب، حيث ظهر شارلي واضعاً شارباً صغيراً تحت أنفه.في تلك الفترة كانت هوليوود تغري أفراد فرقة «كارنو» التمثيلية بالمال وترسلهم في رحلات فنية إلى العالم الجديد وتضمّهم إلى حظيرتها ليظهروا في أفلامها.من هنا بدأ شابلن الطريق الطويل، وشاء القدر أن يراه المخرج الأميركي ماك سينيت في مشهد صغير ويعجب به. بعد ذلك احتاج هذا المخرج الكبير إلى بطل جديد بعد ضيقه من الممثل فورد سترلنج، فطلب من مدير أعماله التعاقد مع شابلن، وعندما وصل الأخير إلى الأستوديو وجد كبار الممثلين هناك ينظرون إليه باستهتار وبغض وينتظرون ما سيقدم لهم هذا الإنكليزي، وبدأ شابلن ينطلق أمام الكاميرا للمرة الأولى في حياته، وسرعان ما تغيرت نظرة هؤلاء وعرفوا أنهم أمام عملاق. بعدها انهالت العروض على شابلن فظهر خلال عام في خمسة وثلاثين فيلماً غزت جميعها عالم الضحك في صناعة السينما الأميركية الناشئة لا في أميركا وحدها بل في العالم أجمع، إذ أصبح من أهم الممثلين آنذاك وكان في السابعة والعشرين من عمره. تعاقد مع شركة «ميوتوال» وفاق أجره في ذلك الوقت أجر أهم الممثلين في هوليوود، عشرة آلاف دولار في الأسبوع. حيث نص العقد على أن يقدم شابلن 12 فيلماً وأُعطي حرية الاختيار، فبدأ عمله مع هذه الشركة بفيلم «الماش على البساط» عام 1916 وهو من تأليفه وإخراجه وتمثيله. حقق شابلن مجداً وصل به إلى قمة السينما آنذاك، وبعد الحرب العالمية الأولى أتته فرصة العودة الى وطنه لندن وقد لقي هناك استقبالا حاراً فذهب إلى بيته القديم يتذكر الماضي وآلام الفقر.