ديوانيات الاثنين: الحدث ليس بعيداً ولا يمكن نسيانه (20)

النواب يواصلون تحركاتهم... والسلطة تُصعِّد من جديد باعتقال بعضهم

نشر في 01-03-2009
آخر تحديث 01-03-2009 | 00:00


منذ تسعة عشر عاماً وتحديداً في الرابع من ديسمبر 1989، حين كانت الكويت تعيش زمنا مأزوماً بلا دستور، بدأت «الحركة الدستورية»، وهي تحالف شعبي موسع قاده 30 نائباً في مجلس الأمة الذي حُلَّ عام 1986، وفعاليات مبدعة من مختلف قطاعات الشعب الكويتي، المطالبةَ بإعادة العمل بالدستور الذي تم الانقلاب عليه وتعليق بعض مواده وفرض الرقابة المسبقة على الصحافة وقمع حرية التعبير في الثالث من يوليو 1986.

وبما أننا نعيش هذه الأيام في أجواء تأزيمية وحالة احتقان سياسي ملحوظ، وتتردد أقاويل هنا وهناك عن أن النية قد تتجه إلى انقلاب ثالث على الدستور، فإنه من الضرورة بمكان التذكير بما جرى في البلاد آنذاك عسى أن تنفع الذكرى.

على مدى هذه الحلقات تروي «الجريدة» قصة التحرك الشعبي بين عامي 1986 و1990.

بعد أحداث العيد انطلقت الحملات الانتخابية لانتخابات المجلس الوطني وسط مطالبات وتحركات من قبل النواب، وتجمع الـ45 واللجان الشعبية لمقاطعة الانتخابات فكان ذلك من خلال لقاءات النواب مع المواطنين في الديوانيات، أو من خلال العرائض والبرقيات الشعبية من جمعيات النفع العام، أو توزيع القصائد الشعبية الداعية إلى مقاطعة المجلس والانتخابات. إلا أن السلطة لم تَرُقْ لها تلك التحركات، وهي التي حسمت أمرها حول الدستور بإنشاء المجلس الوطني، فقررت اللجوء إلى التصعيد مرة أخرى.

اعتقالات

كان النائب أحمد باقر عائداً إلى بيته في ساعة متأخرة من ليل الاثنين 7 مايو 1990 مع أحد أصدقائه، ليفاجأ باعتقاله وزميله من أمام المنزل من قبل المباحث، وفي الليلة التالية، وبينما كان يتحدث النائب الدكتور أحمد الخطيب في ديوانيته الأسبوعية، حاول رجال الأمن مقاطعته أثناء حديثه والطلب منه المجيء معهم، فرفض الخطيب النهوض، مما اضطر رجال الأمن إلى حمله وإخراجه خارج الديوانية، كما تم اعتقال النائبين السابقين أحمد يوسف النفيسي وعبدالله محمد النيباري.

كان النائب الدكتور عبدالله النفيسي يتحدث في ديوانية النائب جاسم القطامي مساء الاثنين، 14 مايو 1990، عندما وقف أحد الموجودين بالديوانية يرتدي لباساً مدنياً ليقاطع النفيسي، ويعرف نفسه بأنه من المباحث وأن على النفيسي الكف عن الحديث لأن ذلك يخالف القانون، فرد النفيسي قائلاً: «أنا لا أتوقف عن الحديث إلا إن طلب مني ذلك صاحب الديوانية»، فقال القطامي: «كمِّل يا دكتور». أكمل النفيسي حديثه فتقدم منه العسكري ووضع القيود في يده محاولاً اقتياده خارج الديوانية، فنهض آخرون يعاونون رجل الأمن ليتبين أن عدداً منهم كان موجوداً في الديوانية بتلك الليلة، فاقتادوا النفيسي والقطامي خارج الديوانية ووضعوهما في سيارة، ورحلوا وسط ذهول الموجودين.

وفي اليوم التالي جرى الأمر ذاته مع النائب أحمد الربعي الذي كان يتحدث في ديوانية بوعركي، فتم اعتقاله وصاحب الديوانية. ولم تسمح قوات الأمن لأي من المعتقلين بالاتصال بأسرته، أو أن يتصل به أحد، ولم يعرف أين مكان احتجازهم.

تراجع «الإخوان»

في يوم السبت 19 مايو، في خطوة تنم عن تراجع ملحوظ في موقف الإخوان المسلمين المتمثلين في جمعية الإصلاح الاجتماعي وسط الإجراءات الأمنية التي كانت تقوم بها السلطة، أرسل بعض البارزين في التيار الإسلامي رسالة إلى سمو الأمير، وهم: حمد عبدالمحسن المشاري ويوسف جاسم الحجي وأحمد البزيع وعبدالله العلي المطوع وخالد العيسى الصالح وعبدالعزيز عبدالرزاق المطوع وأحمد سعد الجاسر ومحمد يوسف الرومي، وهم بعض أعضاء ما اصطلح على تسميته بـ«الوفد الإسلامي» الذي سبق أن قابل سمو الأمير وسمو ولي العهد في إطار الحوار مطالبين بعودة الحياة النيابية، إلا أن رسالتهم الجديدة كانت تحمل معاني مختلفة عن المطالبات الشعبية إضافة إلى مطالبهم السابقة بعودة الشرعية الدستورية، فراحوا من خلال رسالتهم يطالبون باختصار مدة المجلس الوطني والعودة بعده بمجلس الأمة وفق دستور 1962، مما يعد إقراراً بشرعية المجلس الوطني بخلاف الآراء الشعبية السائدة، ومن جانب اخر سحب ممثل الأخوان في مجموعة 45 اسمه من عريضة عبد العزيز الصقر الرافضة للمجلس الوطني.

كان لاعتقال النواب صدى واسع في صفوف الحركة الشعبية، فأُرسلت رسالة إلى ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله استنكروا فيها انتهاك حرمة المنازل وكرامة الأفراد، مبينين أن من يخطط للسياسة الأمنية في البلاد «لا يريدون لها ولشعبها الخير» مستهجنين «تحويل البلد إلى بلد بوليسي يعيش فيه المواطن في جو من الإرهاب»، مؤكدين في الرسالة ذاتها استمرار النواب في مطالبهم بعودة الدستور، كما قوبلت الاعتقالات باستنكار واسع من قبل القطاعات الشعبية.

حفظ

بدا واضحاً أن السلطة كانت تهدف من خلال الاعتقالات إلى إسكات بعض الأصوات في الحركة الدستورية حتى تسير الأمور بشكل هادئ تمهيداً لانتخابات المجلس الوطني في 10 يونيو 1990. ووسط الضغوط الشعبية المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، أعلن مجلس الوزراء أنه تلقى تعليمات من صاحب السمو لحفظ القضايا الموجهة ضد النواب وإطلاق سراحهم على الفور، وهو ما تم، فاستُقبل النواب في منازلهم بمواكب شعبية غفيرة رددت صيحات ديوانيات الاثنين، مما أعاد تلك الأجواء إلى الذاكرة، ووسط تلك الأجواء، أعلن النواب دعوتهم المواطنين إلى التجمع في ديوانية النائب فيصل الصانع بكيفان بتاريخ 9 مايو قبل يوم من الموعد المقرر لانتخابات المجلس الوطني.

المعتقلون بعد الإفراج عنهم: نرفض حفظ القضايا ضدنا ومنع العدالة من أخذ مجراها

بعد إعلان مجلس الوزراء حفظ القضايا المقامة ضد النواب المعتقلين وإطلاق سراحهم، أرسل المعتقلون رسالة إلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رفضوا فيها الإجراء الحكومي مطالبين بمحاكمتهم أمام القضاء، وفيما يلي مقتطفات من البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

بلغنا إعلان مجلسكم الموقر ما تفضل به صاحب السمو الأمير من توجيه بحفظ القضايا الموجهة ضدنا والتي حققت فيها النيابة العامة، وإننا إذ نشكر لسموه هذه اللفتة الكريمة وحرصه على تجنيب وطننا الهزات والعواصف، وحفظ كرامة مواطنيه واستقرارهم فإننا من هذا المنطلق، وحفظاً للحقوق وللتاريخ نود أن نبين لسموكم ما يلي:

أولاً:

أننا لم نكلف أحداً بالسعي لرفع الغبن عنا أو لاستصدار عفو. بل اننا لم نستشر أو نبلغ أو أن يكون ذلك قد نمى إلى علمنا، فضلاً عن أن تدخلاً من هذا النوع مهما كان غرضه هو تدخل غير مرغوب فيه، حيث إنه يسيء إلينا إيحاءً بتثبيت شبهة ارتكابنا جرماً.

ثانياً:

ان العفو السامي يمنح عادة لمن صدرت عليهم أحكام نهائية ونافذة بتجريمهم، وليس للأبرياء الذين انتهكت حقوقهم وكراماتهم وحرمة منازلهم ولم يتشرفوا بالمثول أمام القضاء.

إن حفظ القضايا الموجهة ضدنا بهذه الطريقة، سيكون من أثره أن لا تأخذ العدالة مجراها، وأن لا تمارس سلطة القضاء، وهي سلطة نعتز بها، حقها الدستوري في الوقوف في وجه إرهاب السلطة التنفيذية، والتي مارست مختلف الأعمال الحاطة بالكرامة وعنفها العسكري الذي بني من أموال الشعب الكويتي ضد مواطنين عزل من أبناء هذا الشعب، كل جريرتهم أنهم يمارسون حقوقهم القانونية والدستورية ويعملون من أجل صيانة مكتسبات شعبهم ووطنهم، ولا ينوون التخلي عنها.

إن قضايا الجنح التي تعلن الحكومة حفظها الآن هي قضايا ملفقة تلفيقاً بيناً يتفق معظم رجال القانون على أنها من القضايا التي لا يمكن أن تصمد طويلاً أمام تمحيص المحامين وعدالة القضاء.

إن الذي أفلت من المحاكمة أمام القضاء في حقيقة الأمر هو السلطة التنفيذية لما مارسته من قمع وقهر وأعمال تحط بكرامة المواطنين وتعتدي على حرياتهم وتستبيح حرمة منازلهم ودواوينهم، وهو مما لم يحدث في تاريخ الكويت القديم أو الحديث، وهي أعمال فضلاً عن أنها مخلة بالقانون، فإنها تضرب التقاليد والأعراف الأصيلة للمجتمع الكويتي في الصميم.

إن طريق العدالة في اعتقادنا الراسخ كان سيتمخض عن حقيقة مؤكدة تحاول السلطة التملص منها، وهي تثبيت القضاء لحق المواطنين في عقد لقاءاتهم الحرة في الدواوين وحقهم في بحث كافة شؤونهم، بما في ذلك شؤون وطنهم السياسية وهو ما جبل عليه مجتمعنا منذ ثلاثة قرون.

ثالثاً:

إن ما تعرضنا له مع إخوتنا من المواطنين الآخرين من قمع وإرهاب، واختطاف بعضنا في ساعات الفجر الأولى واقتحام عسكري للدواوين واقتياد عنيف مهين، ومن أعمال حاطة بالكرامة حيث بلغ عنف رجال الأمن الذي وجه ضد بعضنا وشراستهم منتهاه رغم حرصنا على التهدئة، وإيداع بعضنا الزنازين القذرة التي تتوسطها حفر المجاري والمراحيض المفتوحة مما لا يعامل به حتى عتاة المجرمين من القتلة واللصوص، ودون اعتبار للطبيعة السياسية للخلاف لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه ببساطة.

إن ما حدث هو استمرار لنهج خطير يعتمد العنف للاستئثار بالسلطة، تكشف منذ استنفار قوات الطوارئ والكلاب البوليسية ضد المواطنين العزل في منطقة النزهة وضرب وإصابة المواطنين العزل بالجهراء، ومن بينهم الأخ الفاضل محمد أحمد الرشيد، واعتقال بعضهم، والعنف البالغ الذي استخدم بالفروانية والذي تمثل بضرب المواطنين واستخدام قنابل الغاز والقنابل الصوتية والمياه الكيماوية القذرة ضدهم والاعتداء على بيت الله «مسجد علي فهد الدويلة» واعتقال مجموعة من المواطنين وزجهم بالزنازين، ثم الاعتداء الذي وقع في العديلية صبيحة يوم عيد الفطر المبارك حيث ضربت بعض المنازل الآمنة بقنابل الغاز الخانق، واعتقل سبعة من المواطنين الأبرياء حيث حققت مباحث أمن الدولة مع بعضهم وهم معصوبي الأعين.

إن كل ذلك هو أمر على جانب كبير من الخطورة تتحمل الحكومة وحدها كامل المسؤولية عنه، ولا يمكن أن ينتهي وتقلب صفحته بمجرد حفظ ملفات القضايا أو أن يقال عفا الله عما سلف. بل يجب أن يجري تصحيحه بقرارات وإجراءات وهي:

أولاً:

إقالة وزير الداخلية وتحميله المسؤولية المباشرة عن كل الأعمال المهينة والانتهاكات المدبرة لحقوق المواطنين والاعتداء العنيف على حرياتهم وحرمة منازلهم ودواوينهم واستباحة خصوصياتهم بالمراقبة والملاحقة والتجسس، وبصفته مسؤولا عن أجهزة الأمن التي مارست تلك الأعمال غير المشروعة.

ثانياً:

تطهير أجهزة الأمن وخصوصاً أجهزة المباحث ممن أساء من العناصر غير الأمينة والفاسدة والتي تخل بشرف المهنة وحمل لقبها ولا تكن لهذا الوطن وقيمه ومواطنيه أي ولاء، وإنما هي في حقيقة الأمر تهديد لأمن واستقرار هذا الوطن وسلامة وكرامة مواطنيه، وإحالة المسيئين منهم إلى المحاكم حتى ينالوا الجزاء العادل.

ثالثاً:

العودة إلى الشرعية الدستورية، وتثبيت قيم الحرية والكرامة والتكافل والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع الكويتي كقيم كبرى يؤكدها ويرعاها ديننا الحنيف ويجسدها دستورنا وتثبتها تقاليد مجتمعنا الأصيلة، والتشدد في تسخير وتوجيه أجهزة الدولة ومؤسساتها للتقيد بمعايير تلك القيم وحمايتها وتنميتها.

في الختام، نود أن نؤكد أننا من أشد الناس حرصاً على استقرار وأمن هذا الوطن وسلامة ورفاهية مواطنيه، وأننا سنبقى جنوداً مخلصين للذود عنه، إلا أننا نؤمن بأن الضمان الحقيقي لذلك الاستقرار والأمن وتلك الرفاهية هو في إشاعة الديموقراطية وإقامة العدل وسيادة القانون، وأن ذلك لا يتأتى إلا بالعودة الكاملة إلى الشرعية الدستورية وإعادة الهيبة للمؤسسات الدستورية وأولها مجلس الأمة المنتخب وفق دستور عام 1962.

وفقنا الله وإياكم لما فيه خير وطننا وشعبنا، إنه سميع مجيب...

د. أحمد محمد الخطيب - جاسم عبدالعزيز القطامي - د. أحمد عبدالله الربعي - أحمد يعقوب باقر - أحمد يوسف النفيسي - د. عبدالله فهد النفيسي - عبدالله محمد النيباري.

التاريخ: 23/5/1990

ضوء

مبارك النوت... صوت الشعب

كان جنود الاحتلال يُخرجون كل الموجودين في جمعية العارضية بالقوة إلى ساحة المواقف الخارجية، بينما طوقت آلياتهم وعدد هائل من الجنود الجمعية من جميع جوانبها، وأُبلغ المتجمهرون بأن عليهم مشاهدة الإعدام.

أتى موكب من السيارات بقيادة أحد قياديي حزب البعث يدعى محمد صادق، وأخرج من إحدى السيارات شخصاً أسمر دقيق الملامح يرتدي دشداشة بيضاء. معصوب العينين وقُيِّدت يداه خلف ظهره. وسرى الهمس بين الحضور لمشاهدة هذا المنظر المرعب، وأن المعتقل هو مبارك فالح النوت، مدير جمعية العارضية الذي كانت قوات الاحتلال قد اعتقلته منذ أيام.

كانت ملامح التعذيب بادية على جسد مبارك المنهك، فأُجلس على ركبتيه، بينما تلا محمد صادق بياناً يتهم النوت «بالخيانة العظمى» ومزاعم أخرى فارغة لم تلقَ اهتمام الناس بقدر وجه مبارك الجالس أمامهم. كان كل منهم يتمنى لو كان بيده فعل شيء لتخليصه، فأتت طلقات الغدر على رأسه لتبدد أي محاولات قاربت فكر أي من الموجودين، فأضحى النوت شهيد وطنه.

كان لمبارك النوت دور وطني بارز خلال ديوانيات الاثنين، ولا يمكن لأحد حضر تلك التجمعات أن ينساه، فإن لم يعرف اسمه فهو حتماً يذكر ذاك الشاعر ذا الصوت الجهوري في ديوانية الشريعان بالجهراء، وهو يرتجل الصيحات بأسماء النواب ويرددها من بعده الجمهور. عندما يطغى الهدوء بعد الصيحة، كان واحد من الجمهور يقول له «لا تنس عباس مناور»، فيبتسم ويقول: «يالله الحين القريحة تجي»، فتأتي قريحته بصيحة جديدة لمناور وثلاثين آخرين من زملائه النواب.

اشتهر مبارك أيضاً بغير اسمه، إذ كتب العديد من القصائد التي وُزِّعت أثناء الديوانيات، فبدأ باسم مستعار وهو «بدوي ديموقراطي» ثم غيَّره بعد أن استخدم شاعر آخر نفس الاسم، فأصبح مبارك «مطيري ديموقراطي»، فلقيت قصائده رواجاً كبيراً بين مناصرين الحركة الشعبية.

لم يكد يمر تجمع أو ديوانية أثناء الحراك الشعبي إلا كان مبارك النوت موجوداً، رغم أنه لم يكن نائباً ولا عضواً في مجموعة الـ 45، فكان يدلي برأيه أحياناً، ويحمس الجماهير بصيحاته أحياناً أخرى، فكان بذلك صوت الشعب أثناء الحركة الدستورية، وتعرض في ذلك للعديد من المضايقات من قبل السلطة.

عند حلول الغزو العراقي الغاشم، كان مبارك مديراً لجمعية العارضية التعاونية، يمارس مهامه على رأس عمله بعد دخول القوات الغازية. وفي أحد الأيام، دخل جنود الاحتلال إلى مكتبه ليفاجأوا بوجود صورة لسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد تزين حائط مكتبه، وطلبوا منه إنزالها وتعليق صورة الطاغية صدام حسين بدلاً منها، فرفض ذلك. أصرُّوا، وأصر على رفضه، فاعتقلوه واقتادوه إلى سجونهم. وبعد أيام من التعذيب، سحبوه مقيد اليدين، معصوب العينين، لينال شهادته في صباح ذلك السبت 12 سبتمبر 1990 بين جموع المواطنين والشعب الذي كان يوماً من الأيام صوته.

«الوفد الإسلامي» يتراجع: نرجو اختصار مدة المجلس الوطني

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

من منطلق التعاون على البر والتقوى، ومن باب النصيحة لولي الأمر، وعطفاً على مقابلاتنا المتواصلة مع سموكم وسمو ولي العهد، نود أن نؤكد لكم أن أمن الكويت الداخلي والخارجي غاية عظمى يسعى لها كل مواطن مخلص لهذا البلد.

كما أن استقرار النظام هدف لا يختلف عليه اثنان من أبناء هذا الوطن... ويظل العمل على تماسك الجبهة الداخلية والحفاظ على روح الأسرة الواحدة التي تميز بها أبناء هذا الشعب مطلباً أساسياً.

وحيث ان خطوة المجلس الوطني أوجدت خلافاً في الرأي، مما قد يحدث خللاً في تماسك الجبهة الداخلية ويزعزع استقرار الأوضاع، الأمر الذي لا تريدونه ولا ترضونه لشعبكم. فإننا الموقعين أدناه نؤكد لسموكم ما أعلناه سابقاً من حرصنا على مصلحة الكويت والالتزام بدستور البلاد الصادر في عام 1962م وعودة الحياة النيابية وفق هذا الدستور.

كما نؤكد لسموكم أن الصيغة التي تؤكد الثوابت أعلاه هي التي تؤدي إلى استقرار الأوضاع وتفي بآمال الشعب وطموحاته.

كما نرجو اختصار مدة المجلس الوطني وسرعة الدعوة لمجلس أمة منتخب وفق دستور 1962م.

هذا، ونسأل الله أن يحفظكم، ويسدد على طريق الخير خطاكم، ويحفظ الكويت وأهلها من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب.

حمد عبدالمحسن المشاري - يوسف جاسم الحجي - أحمد البزيع - عبدالله العلي المطوع - خالد العيسى الصالح - عبدالعزيز عبدالرزاق المطوع - أحمد سعد الجاسر - محمد يوسف الرومي

24 شوال 1410

19 مايو 1990

(يتبع)

شاهد ملفات فيديو توثيق حلقات ديوانيات الاثنين على يوتيوب

back to top