كشمير الأغنية الضائعة في الهمالايا (1- 3)

نشر في 26-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 26-10-2008 | 00:00
 بدر عبدالملك تشهد القضية الكشميرية بين الحين والآخر انفراجا سياسيا، كلما جاء للحكم رئيس جديد، سواء في الضفة الباكستانية أو في الضفة الهندية، وتبدأ تلك المبادرة بين الطرفين كحسن النوايا بفتح المعابر الحدودية لكي يتسنى للشعبين المرور بسلام، فهل تشهد القضية الكشميرية حوارا متقدما وحلولا إيجابية لقضية جراحها طويلة؟

من دون شك إن القضية الكشميرية مسألة معقدة تفوق قدرة زرداري على ابتلاعها، فليس حلها مرهونا بتعاون أمني واقتصادي وسياسي بين البلدين، فهناك شعب كشميري له رؤيته في المسألة، وينبغي أن يكون له رأيه عبر الاستفتاء بشأن حل المشكلة، وخياراته في الحوار والتصورات والمقترحات للجلوس إلى طاولة المفاوضات في عالم تعصف به الرياح من كل جانب، تتخطى المعضلات الاثنية والدينية القائمة.

وبسبب كشمير خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب منذ أن انتهى الحكم البريطاني في شبه القارة الهندية في عام 1947، اثنتان منهما بسبب الأغلبية المسلمة فيه، والثالثة بسبب صراع حدودي في عام 1999، ففي حقبة الحرب الباردة شكلت القضية الكشميرية واحدة من أقدم وأعقد القضايا الحدودية الناتجة عن التقسيمات السياسية للبلدان، فتنازعت القوى الإقليمية والدولية تلك المسألة التي عجزت الأمم المتحدة عن تسويتها لستة عقود، بل رفضت الهند التدخل فيها من قبل المجتمع الدولي باعتبارها شأنا داخليا، ولكونها تدرك أن موضوع كشمير جزء من نقاط الارتكاز لمحاولة بلقنة الهند.

ورغم أن كشمير ترتبط بشريط حدودي ضيق مع الصين، فإن الدولة العظمى كانت تتحرك بين القطبين المتنازعين إقليميا بمرونة، مثلما حاولت أن تتحرك دوليا بين الثنائية القطبية بدبلوماسية متميزة، حيث ظلت حساسية الحدود الهندية الصينية في حقبة الحرب الباردة جبهة من جبهات التوتر السياسي والعسكري بين الدولتين الجارتين.

اليوم تبدلت المحاور والتحالفات الإقليمية والدولية، وصارت الأهمية الاقتصادية في زمن العولمة تحدد العلاقات الدولية الجديدة، ولن تخرج القضية الكشميرية من لعبة هذه المتغيرات الجديدة ومناوراتها وصفقاتها السياسية، إنما ستكون التسوية مهمة وضرورية، وستتجه نحو الحلول الوسط، المهم الحفاظ على هدوء الأوضاع واستقرارها داخل البلدين وحدود التماس الساخنة، بحيث لا تدفع القضية الكشميرية وتسويتها غير العادلة إلى تأجيج مشاعر السخط لدى التيارات المتشددة، التي ساهمت الأنظمة المتصارعة دوما في استخدامها وتوظيفها في اللعبة.

لقد ظلت قضية كشمير، كما سماها البعض، «كعب أخيل» لدى الطرفين، المهم هذه المرة ألا يصبح سهم أخيل النووي عند أحدهما طائشا، ويكون سببا جديدا في قتل وإشعال فتيل الحرب مرة أخرى، وتتحول كشمير إلى إسبرطة وطروادة المعاصرة.

وفي السابع والعشرين من عام 2004 بدأت خارجيتا الهند وباكستان بمحادثات بشأن الصراع عليها، والتقى وكيل وزيري البلدين شيام ساران الهندي ورياض خوخار في مدينة إسلام آباد، وتعد هذه المباحثات جزءا من عملية السلام الجارية التي بدأت في يناير من العام المنصرم، وهي المرة الأولى التي يعقد فيها حوار رسمي بشأن النزاع حول كشمير منذ بدء آخر مبادرة سلام، وناقش المسؤولون التدابير التي قد تدعمها وتجعلها تتقدم بوضع أجندة لمحادثات أكثر تفصيلاً بين الهيئات المدنية الأخرى،كما ناقشوا قضايا الأمن وإجراءات بناء الثقة التي أعدت لتحسين الروابط بين البلدين، وقال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سين حينذاك إنه يمكنه إعادة رسم حدود كشمير لكنه يرغب أيضا في التوصل إلى تسوية سلمية، ولكن باكستان يومها ردت بأن المسؤولية تقع على عاتق الهند التي تناقض نفسها في اقتراح طرق الحل للمسألة، وبعد ذلك ترسم خطوطا حمراء قبل التفاوض.

وبدا يومها في الأفق «خطة طريق» كشميرية، إذ أعلن تحالف للجماعات الانفصالية الكشميرية أنه أعد خطة لحل الخلاف على إقليم كشمير المتنازع عليه، وجاءت خطة الانفصاليين الكشميريين ردا على إبداء الهند استعدادها لبدء محادثات لحل الأزمة، وكلفت الحكومة الهندية نائب رئيس الوزراء الهندي لال كريشنا أدفاني للاتصال مباشرة بالانفصاليين، وهو أول اتصال بين الهند وبينهم يشارك فيه مسؤول هندي رفيع المستوى مثل أدفاني.

وتأتي الخطوة الأخيرة عندما قامت الهند بمجموعة من الإجراءات من شأنها تحسين علاقاتها بجارتها باكستان، التي تطالب هي الأخرى بضم إقليم كشمير بأسره إلى أراضيها، وقد أجرى أكبر تحالف للحركات الانفصالية في كشمير والمعروف باسم «مؤتمر حريات» مشاورات مطولة، بعد أن تقدم باقتراح فتح باب الحوار مع الحكومة الهندية.

يتبع

* كاتب بحريني

back to top