خيري شلبي: انتحار المثقّفين دفعني الى الكتابة

يضم «عناقيد النور»، آخر أعمال الأديب خيري شلبي، 21 بورتريه كتبها على فترات متباعدة تناول فيها شخصية سعد زغلول وبنت الشاطئ وجرجي زيدان وجبران خليل جبران وقاسم أمين ويوسف إدريس وغيرهم. حول الكتاب عقدت ندوة ضمن فاعليات معرض مكتبة الإسكندرية تحدث فيها شلبي عن سبب كتابة البورتريهات الرئيس.

صرّح شلبي أنه عاد الى فترة «الانتحار الذاتي»، حسب تعبيره، التي حدثت في أواسط الثمانينيات عند الكثير من الشعوب نتيجة تحوّلات تاريخية اهتز فيها بنيان المجتمع، حيث كانت الأمة العربية ملتفة حول قضية الصراع العربي - الفلسطيني، وفجأة ضاعت الأرض فحدث فراغ فكري وانهار المجتمع وأصبحت القيمة محل شك وتفرغ الناس إلى البحث في ذاتهم ليجدوا من منهم وطني ومن منهم خائن. أشار شلبي الى أن من ساهم في تفاقم هذه الحالة، ظهور ما يسمى بـ «الصحافة النفطية»، وهي صحافة امتلكها أثرياء اشتروا نزاهة بعض الصحافيين ليهاجم بمقالاته المسمومة رموزاً وطنية عظيمة أمثال طه حسين ورفاعة الطهطاوي.

وصف شلبي البورتريهات بأنها ليست مقالات نقدية أو سيرة تاريخية أو قصة روائية يقصد منها إبراز معنى ما، وإنما هي نظرة تحليلية للشخص يهدف منها إلى التركيز على النموذج. ولفت الى أنه لا يوجد إنسان بلا أخطاء فهي طبيعة بشرية، ولكننا لا يجب أن نتوقف أمامها، وهنا تقع على عاتق الكاتب مسؤولية كشف الحقائق. وأكد شلبي أنه كان ينوي التعرض لعدد قليل من الشخصيات فحسب، فإذا به يستمر حتى وصل إلى 350 شخصية ليكتشف أن في مصر شخصيات عظيمة.

أضاف شلبي أن الشخصيات التي كتب عنها زادت ثقافته الشخصية، لأنه تأملها بهدوء فأعطته الكثير من المعرفة، فالبورتريه يقوم بعملية تطهير من الأوهام التي من الممكن أن ننساق خلفها. وأكد أنه لم يكن يريد نشر هذه البورتريهات في كتاب ولكن النقاد اعتبروها أدباً وأرغموه على جمعها في كتاب.

تحدث شلبي عن النقلة الفكرية النوعية التي حدثت في السنوات العشر الأخيرة من خلال الفضائيات وتزايد ثقافة الناس العامة، فهم يقبلون على شراء الكتب وهو ما لم يكن يحدث سابقاً. وقال: «المشكلة الاقتصادية التي تواجهنا الآن تعتبر المحنة الأساسية في حياتنا، وقد أدت إلى زيادة معدلات البطالة، فالفقر يدمر الأخلاق، والزحام يدمر الإنسانية، ولكن المصري لديه رغبة قوية في الحياة، ومخزون حضاري يواجه به الشدائد، لأننا صورة بشرية من نهر النيل العظيم».